الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشاعرة التونسية السيدة نصري تنسج قصائدها على إيقاع المزامير.

مصطفى لغتيري

2012 / 5 / 1
الادب والفن


الشاعرة التونسية السيدة نصري تنسج قصائدها على إيقاع المزامير.
مصطفى لغتيري.

تطرح العتبات على الدارسين و النقاد إشكالا حقيقيا ، يتجلى في كونها من جهة مفاتيح للنصوص ، لكنها من جهة ثانية مربكة و مخاتلة ، و لا تؤدي- في كثير من الأحيان- غير وظائف تموهية أو جمالية أو تجارية ، فتوهم القارئ بقبضه على معاني النصوص التي تتجللها ، لهذا ما إن يغوص في بحيرة هاته النصوص، حتى يكتشف أنه أخطأ الظن ، و إذا بالعتبات لم تكن سوى شرك ، نصبه له الكاتب من أجل أن يورطه في فعل القراءة.
للعتبات - كما هو معلوم- أدوار عدة ، منها أنها تمنح هوية للنص و تغري بقراءته ، بالإضافة إلى حمايته ، حتى لا يختلط بنصوص و هويات أخرى.
إن العتبة الأساسية في ديوان " مزامير الفرح" و أقصد بها العنوان تحديدا، تحيل مباشرة على مزامير داود ، التي يعرف كل من قرأها أنها نصوص مخاتلة ، جميلة و مربكة ، حتى أنه من الصعب إدراجها ضمن النصوص الدينية ، الواثقة من نفسها ، و الغارقة في بحر جديتها و في تجهمها... و لعل هذا الاختيار من الشاعرة ليس بريئا ، بل تحكمه نية مبيتة ، وسبق إصرار و ترصد ، و يتأكد ذلك من خلال النصوص ، التي تغنت بالإنسان و الحب و أشياء أخرى ، تقول الشاعرة في قصيدة مزامير الفرح ص :22.
يا فرحي المستراب
تملص من ربقة الانتظار
واحضن جنوني ولون ترانيم هذا المساء
اشرع لي أفقا مشمس الوجنات
وسوره بالأمنيات ..
سوف أمضي مع الوقت
أسابق مهراته في انتشاء
من عبروا الضفة الفاصلة
ما بين مهجتي والسراب
موحش قمري وموغل في الضباب....
يشاكسني شبح طالع من سكون الظلام
فانتجع للهوى البابلي مئننة...
لأخرج عن عاديات الكلام
هذا الاختيار الموارب لعناوين الديوان سيتكرس في باقي العناوين الداخلية، حيث سارت الشاعرة على نفس الديدن ،لتغترف من المزامير و الكتب المقدسة عموما ، و من بين العناوين التي احتفت بهذا الاختيار نجد" سفر يهوذا" ، الذي تقول فيه:
هو ذا زمن التشظي..التلاشي..و الخواء..
أجمع أصواتي و صلاتي..ندائي..
و تراتيل الدجى..
أقوم فيها ميمما.. هيا اتبعيني..
"للوادي المقدس"..غشاها الكدر.
الماء أعلن عن تنصله و غار غارقا.
و الطين استكان.
و هذه رجع الهرم.
فانزوى لمشيئتة..يهوذا"
و لتعاليم "البغاء".
و تتكاتف صورة الغلاف، التي تتشكل من قلب مبتسم و حروف موسيقية متناثرة، مع العناوين و عتبة التجنس ، أقصد الإشارة إلى جنس الكتاب باعتباره شعرا ، لتمنح الديوان بعدا جماليا ،يحتفي بالحب بمعناه المقدس ، الصوفي حينا و الدنيوي حينا آخر ، تقول الشاعرو في قصيدة "بيروت سوءتنا الجديدة ص 36
يا أنثى التطلع و الفرح
كنت الهوى المسفوح توقا للتسامي،
حلما مخمليا..
غادة صهباء..عروسا تميس بين الضفتين..
مجللة طللا..
الشمس تختزلين مشرقها..
فيستأثرها مداك.
تخطرين غزالة زرقاء العيون
خضراء الخبب
هذا الحضور المنتشي بنفسه للمزامير، تخلل الديوان بأكمله فنقرأ ""مزمور الكينونة" و "مزمور البعث" و" مزامير العتمة "، و كأن الشاعرة مصرة على أن تمنح ديوانها بعضا من قداسة الكتب الدينية ، و قد تأكد ذلك بكثرة التناص في القصائد.. التي نلمس فيها امتصاصا لبعض النصوص المقدسة ، تثقول السيدة نصري في قصيدة"ظلال النشيد"
من كهوف الموت أرتد
و أزهو بانبثاقي.
من تجاويف الدجى الرث أجيء
أنشد الخيط الذي ظل يدانيني
و أشدو للضحى أنجما
فتغدو أجنحة.
و تستمر الشاعرة في نسج قصائدها على نفس المنوال ، محاوله أن تلم شتات العالم و الذات في جميل القول، مهتدية بهدي المزامير ، و كأني بها لا ترى شعرا إلا إذا تسربل بترانيم، تحيل على النص المقدس ،و تنهل من القلق الدنوي المدنس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة


.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟




.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا