الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الناقد التونسي عبدالدائم السلامي يمنطق اللامعقول في الرواية العربية

مصطفى لغتيري

2012 / 5 / 2
الادب والفن


مصطفى لغتيري

يواصل الناقد التونسي عبد الدائم السلامي مغامرته النقدية بإصداره لكتاب جديد في المغرب ، اختار أن يعنونه ب" منطق اللامعقول في الرواية العربية الحديثة..رواية الدارويش نموذجا". .و يتكون الكتاب من تقديم و ثلاثة فصول و خاتمة ..
في التقديم انبرى الناقد لبسط أوراقه أمام القارئ كاشفا له عن هدفه و انشغالاته و منهجه ، دون أن يفوته تحديد الأسئلة العميقة التي شغلته و حفزته على تحرير هذا الكتاب النقدي.. ففي تحديد هدفه يقول الناقد إنه سيتبين " إن كان ثمة منطق يحتكم إليه حضور اللامعقول في العمل الروائي ، و ماهي طاقاته الإيحائية و آليات اشتغاله التي من شأنها أن تعضد السرد و تعلي من إنشاءاته الفنية و الدلالية"..أما عند حديثه عن المنهج الذي ارتضاه لنفسه ، فيقول عبدالدائم " عولنا على مجموعة من المناهج كالنصانية و اللسانية و السوسيونصية و نظرية التلقي... و لكننا تخيرنا منهجا وسطا اهتدينا به في كامل البحث: منهجا يرى النص بابا مشرعا على تحليلات عدة تكون فيها الرواية بدءا و منتهى".
و قد وجهت الناقد في هذا البحث أسئلة عميقة تتعلق ب:
- الحد الاصطلاحي للامعقول.
-البحث عن منطق واضح ينتظم اللامعقول.
- تجليات اللامعقول في الرواية العربية و روافده.
في الفصل الأول المعنون ب " اللامعقول في معناه " ناقش الناقد مسألة ترحل المفاهيم، و كينونة المصطلح التي توقف عندها بكثير من التركيز و العمق ، باحثا عن دلالته في التراث العربي و المدونة النقدية العربية الحديثة، ليستنتج أن " رهبة اللامعقول" هيمنت على الباحثين فتعاملوا معه بنوع من التهيب ، فانفلتت من بين أيديهم-نتيجة لذلك- تعريفاته و ماهيته و ظلوا يحومون من حوله ، دون أن يتسربوا إلى عمقه، و قد ذكر أسباب ذلك و من بينها مشكل الترجمة التي ساهمت في هذه البلبلة التي أحدثها "اللامعقول" في أذهان النقاد و كتاباتهم ، كما رصد الصعوبات التي أدت إلى ذلك ، محاولا البحث عن مبررات ذاتية و موضوعية و سوسيوثقافية لعدم انصياع اللامعقول للنقاد كي يسيجوه ضمن حدود اصطلاحية متفق عليها.. وقد توقف الناقد بكثير من الحرص عند مرادفات اللامعقول في الثقافة العربية من خلال الغوص في أمهات الكتب التراثية ، علاوة ما راكمته الثقافة الغربية في هذا المجال ، و حصر هذه المرادفات في العبثي و اللامنطقي و اللاواقعي و الفوق إدراكي و الخارق و العجائبي و الغرائبي و اللامحدود و اللامرئي و الموهوم و المحال..و غيرها من المصطللحات التي تحايث مصطلح اللامعقول ، ثم انبرى الناقد بعد ذلك لتعريف مصطلحات مفصلية في رحلته للقبض على اللامعقول كالعجيب و الفنطاستيك و الغريب ، ليخلص إلى اقتراح تعريف للامعقول جاء فيه " إن تعريفات اللامعقول اللغوية و الفلسفية تبلغ به محل صفة هيئة أو حدث غامض مستغلق على معناه، يكتنفه الوهم من كل جهاته فلا يترتب عنه غرضه أبدا ، كما لا ستطيع العقل تبريره أو البرهنة عليه ، لأنه خارج ثنائية الصدق و الكذب و الفطرة السليمة...إن جانب المتخيل فيه يغترف واقع الأشياء و الكائنات و يعيد تشكيل هيئاتها ، و من ثمة يصير باحثا على الحيرة و التردد و الاضطراب" ص 38.
في نفس الفصل تحدث الناقد عن "الرواية العربية و التجريب ، حيث حاول أن يقارب مفهوم التجريب في الرواية العربية باعتباره نتيجة للمثثاقفة وبالتحديد التأثرالرواية العربية بما يسمى "الحساسية الجديدة" دون أن تتبرأ من اتصالها بالماضي ، و خاصة فيما يتعلق بارتباطها بمدونة الخبر العربي إظهارا و إضمارا..و يعد اللامعقول - حسب الناقد- أحد تجليات التجريب الروائي .. بعد ذلك انطلق السلامي في رحلة البحث عن اللامعقول في رواية "الدراويش يعودون من المنفى " لابراهيم درغوثي ،" لكونها رواية نهضت على مجموعة من السمات الحكائية التي تتكئ على اللامعقول تقنية سردية ما زاد من مقروئيتها و أخرجها من محليتها و منحها بعدها العربي" ص 45.
خصص الناقد الفصل الثاني ل "تجليات اللامعقول و روافده"، فتحدث عن حضور اللامعقول في "الدراويش" خاصة على مستوى لا معقولية المكان و لا معقولية الزمان و لا معقولية الشخصيات وعند تطرقه لروافد اللامعقول وجدها في القرآن و التوراة و ألف ليلة و ليلة و تاج العروسو عيون الأنبياء و غيرها..و قد فصل الناقد القول في ذلك باستفاضة.
في الفصل الثالث ركز الناقد على اللامعقول السردي فتحدث فيه عن اللامعقول كتقنية سردية و اللامعقول باللغة و لامعقولية السرد و لا معقولية الوصف ، ثم انكب على البحث في الدلالات الاجتماعية للامعقول ، دون أن يفوته الحديث عن علاقة الشرق و الغرب في ارتباط مع موضوع البحث في هذا الكتاب..
في خاتمة الكتاب قام الناقد بجولة تذكيرية بأهم المباحث التي تناولها في كتايبه مركزا على بعضها و مارا مرور الكرام على بعضها الآخر.
و من حسنات هذا الكتاب بالإضافة إلى حفره العميق و الجاد في مصطلح اللامعقول تنظيرا و تطبيقا ، فإن لغة الناقد المتميزة ، تجعل من قراءة الكتاب جولة ممتعة تجمع ما بين صرامة الناقدو إمتاع المبدع ، و لعل هذا المزج الجميل ،هو الذي يؤهل الكتاب ليكون معلمة ناقدية بارزة ستجد لنفسها مواطئ أقدام في المشهد الثقافي العربي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا


.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط




.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية


.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس




.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل