الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السيد - رئيس الوزراء - مُغرم بالعشائر !

عادل الخياط

2012 / 5 / 2
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



السيد رئيس الوزراء يُحب العشائر إلى حد الترقوة , مُغرم بالعشائر إلى حد الهيام العشقي . رئيس الوزراء لم يلتقي طيلة دورتيه الإنتخابيتين بغير شيوخ العشائر , أو بمعنى أدق لم يُلق خُطبه عن البلد وأهل البلد إلا في حضرة شيوخ العشائر , رئيس الوزراء عشائري ويفتخر ! ورئيس الوزراء يتمحور حول مفهوم أساسه : إن العشائرية هي البذرة الأولى للتقدم البشري !!

ونتيجة لذلك فإن أسس التقدم البشري لبلد ما لا تعتمد وفق منظور رئيس الوزراء على الإلتقاء بأساتذة الجامعات , ليس بـ مثقفي البلد : أدبائه وفنانيه , ليس بـ عُلماء إجتماعه وبـ إقتصادييه ومستثمريه , ليس بـ رجال دينه المنفتحين , ليس بـ طالباته وطلابه , براعمه الغضة .. ليس بـ عُماله ونقاباته , ليس بـ منظماته المدنية , ليس بـ أطبائه , مهندسييه , قانونييه , مُعلميه , صيادليته , صناعييه , مُخترعيه .. رئيس الوزاء يمتلك تصورا في غاية الغرابة والإبهار , غرابة لم تطأ العقل البشري على مدى تاريخه , إبهار يغمر جميع العلوم االإنسانية , إنه ينطلق من عِلم يُسمى العِلم العشائري !! العِلم العشائري كان مغمور الأبعاد , كان أُتون معرفي خافت تحت رماد الأزمنة والعوالم قبل أن يقدح السيد الرئيس الشرارة التي فجرت ركام الحمم في خضم ذلك الأتون المعرفي ! ففي أي فضاء غائر العُمق نعوم هائمين حتى نقتنص توصيفا يضاهي ما حدث من هولٍ خرافي العظمة " هول العِلم العشائري المتشبع بـ رئيس الوزراء المرموق والمحصون من عين الحسد ؟!

ومن هكذا قياس صار لزاما علينا أن نزعم إن الأدران تصدر من صاحب العِلم والأدب والفن , جميع العناصر التي عوقت تقدم المسير الإنساني ولا زالت العنق الفسفوري المسموم للضخ البشري , للسليقة البشرية , هي تلك الأدران التي تصدر من صاحب العِلم والأدب والمثقف والمؤمن بفعالية منظمات المجتمع المدني ..ذلك الفواح الموبوء هو الذي سد غلاصم المسير الإنساني في جميع مراحله , الفواح من العِلم والعلماء , من الأدب والأدباء , من الفنانين , من الحقوقيين .. , وأن العشائرية هي المعيار المنفلق أزلا في التقدم الإنساني ! لقد قلبنا طبائع الأشياء من أجل عيون رئيس الوزراء , لأجل عينيك فقط عشقت الهوى يا سيدي رئيس الوزراء !


وغرام رئيس الوزراء سوف يدعونا لإستراق أنثروبولوجي عن المفهوم العشائري كتكوين محض مُرتكز على الجهل الأعمى والعصبية القبلية , ومثل هذا المفهوم على المستوى العملي من الممكن أن تجد له الكثير من التماثلات , فمثلا لو إلتقى شخص عراقي من تلك العينة مع نماذج من ذات السليقة من كيانات عربية مختلفة فسوف يحدث إنسجام في المستوى العقلي والعُرفي لتلك الأصناف , وهذا الضرب على مستوى مختلف جغرافيا , فكيف لو صيرناه على الواقع العشائري العراقي , البديهي إن مثل هكذا إنسجام سوف يكون أشد تناغما في الرؤية والسلوك , كيف ؟ لنأخذ هذا المثال :
فذات مرة في احد السجون إلتقى شخص عشائري من السماوة وآخر من عشائر الغرب العراقي , فتوافقا أو قادهم اللقاء إلى إنسجام فطري , ولأن السجن كان في منطقة " طقطق الجبلية " التابعة لمحافظة " كركوك " فإن زيارات عشائري السماوة من قبل الأهل كان فيها بعض المعوقات , من قبيل المسافة الطويلة , ما يؤدي إلى شِحتها , أو لسبب آخر ما , أما الآخر الذي هو من عشائر محافظة الأنبار فلكون دياره قريبة نوعا ما من موقع السجن في كركوك , فقد كانت الزيارات متواترة كل عشرة أيام أو إسبوعين , وفي تلك الزيارات كان الأهل يجلبون له الكثير من الحاجيات الغذائية ومن ضمنها " الدهن الحر " وعند تلك المناسبة كان هذا الشخص يدعو جميع السجناء لتناول الإفطار الصباحي معه , وهو الدهن الحر مع الخبز والشاي , جميعنا كنا نتناول معه هذا الفطور , غير أن الملاحظ إن عشائري السماوة كان قد إنسجم معه لحد الذوبان في جميع الأحاديث , طبعا من خلال البُعد الذي نحن بخصوصه : ( الإنسجام العشائري ) من قبيل إن الصنفين كانا يضحكان بسخرية وبملئ ثغريهما وبعدم صدقية عندما نتحدث لهما عن أي خبر علمي ورياضي من قبيل ألعاب الجمناستك والصعود للقمر وغيرها ! أما عندما نتحدث لهما عن كيفية صناعة " المكوار" المتكون من عصا ولفة من القير الأسود فإنهما يدخلان معنا في مناظرات تفوق مناظرات " سقراط " الفلسفية !

وليكن , يتنكر للجماستك وللقمر , المهم إن عشائري الجنوب يتوافق عاطفيا مع إبن الغرب العراقي بعيدا عن أي تحسس طائفي .. أما رئيس الوزراء فيتحدث عن فيدرالية الأقاليم في حضرة عشائر الناصرية , ونحن ندعوه ان يتحدث في عشائر غرب العراق , ندعوه لذلك من منطلق : أولا لنُثبت له هيمانه منذ السلالات الأولى بالشهيق العشائري المُنعش المُزيل لأدران التمدن العصرية .. وثانيا ليؤكد لنا مدى صدقية روحه العشائرية , هل هي مبنية على طائفية العشيرة , على تأسيس إن عشائر الجنوب والفرات الأوسط تتبع طائفته , أما عشائر الغرب فهي من ملة أو طائفة أخرى , مع التنويه إن المثل الذي صيرناه عن عشائري السماوة والأنبار غير خاضع للطائفة , بمعنى أنه حتى المفهوم العشائري قد تقولب على مقياس طائفي بسبب الطائفيين الجُدد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - التغيير يجب ان تكون في العقول والبرامج
اسماعيل ميرشم ( 2012 / 5 / 3 - 11:17 )
تلاميذ صدام (سواء كانوا معه او رد فعل لسلوكياته)لا يعرفون غير تكرار ممارساته السمجة المقرفة الماضية وهكذا هي حال قادة اليوم وتدليلهم وتعبئتهم لروساء العشائر في العراق. التي حصلت في العراق بعد سقوط الطاغوت لحد الان هي التغيير في الوجوه وليس في العقول والبرامج والتي منها تتحقق التغير الناجح والمثمر والمراد لفتح افاق مستقبل اوسع امام الشعب ليعيش الجميع بكرامة انسانية وعدالة اجتماعية وفي سلام عادل ودائم وللجميع

اخر الافلام

.. أحداث قيصري-.. أزمة داخلية ومؤامرة خارجية؟ | المسائية-


.. السودانيون بحاجة ماسة للمساعدات بأنواعها المختلفة




.. كأس أمم أوروبا: تركيا وهولندا إلى ربع النهائي بعد فوزهما على


.. نيويورك تايمز: جنرالات في إسرائيل يريدون وقف إطلاق النار في




.. البحرين - إيران: تقارب أم كسر مؤقت للقطيعة؟ • فرانس 24 / FRA