الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخابط والمخلوط وما بينهما!!

سعد تركي

2012 / 5 / 2
كتابات ساخرة


البطاقة التموينية وبطاقة أدوية الأمراض المزمنة توأم عرفه العراقيون منذ أن بدأ الجوع والمرض يفتكان بهم من دون رحمة. توأم ابتدعه من تسبّب بكلّ كوارث الوطن ومأساة شعبه، فكان حلاً ساذجاً عقيماً لمشكلة بلغت من استعصائها حدّ أن رفع الحصار الاقتصادي وتغيير النظام الحاكم لم ينفِ الحاجة إليهما، ولم يزدهما إلاّ ترديّاً. توأم لم تنل فيه "الدوائيّة" حظها من أضواء الشهرة مثلما نالته "التموينيّة"، فالبِكر ـ عادة ـ يستحوذ على جلّ الرعاية والاهتمام. قيل الكثير عن البطاقة التموينية وترديها وتناقص مفرداتها التي انكمشت إلى أربع "حرصت" وزارة التجارة على ألاّ تأتي معاً في موعد ثابت. لكن قلما تجد من أشار ـ سلباً أو إيجاباً ـ إلى البطاقة الدوائية إذ أنها ولدت في العتمة وعاشت في الظلام!!
يندر أن تجد عائلة ليس لديها بطاقة واحدة على الأقل للأمراض المزمنة. بطاقة اعتاد حاملوها أن يضعوها جنب توأمها ديكوراً مكملاً لفشل دائم تسبّبت به وزارات حكومية تتشابه، برغم اختلاف انتماءات مسؤوليها، في تردّيها إلى هاوية لا قعر لها.. بطاقة ليست أكثر من ورقة لا ينال حاملها علاجاً كاملاً لأمراضه المزمنة، فإن حضر بعض العلاج غاب أغلبه. وكثيراً ما تكون الحصّة المقرّرة أقلّ بكثير من حاجة المريض.
منذ أعوام خلت لم يعد الأنسولين بأنواعه متوفراً في العيادات الشعبية، ويجد المريض نفسه بين خياري القبول بالموجود على أمل استبداله مع الصيدليات وعيادات الممرضين، أو رفضه مفرّطاً بوقته وجهده وماله. فالأنسولين، لمن لا يعرف، يأتي على أشكال ثلاثة (صافي، وخابط، ومخلوط)، توصف بحسب نوع المرض وشدّته. منذ نيسان 2003 عجزت وزارة الصحة عن توفيرها مجتمعة، فضلاً عن توفير الحقن الخاصة بها بكمية تكفي المريض شهراً. من به حاجة للـ(صافي) يضطر للقبول بـ(الخابط)، ومن وصف له طبيبه (المخلوط) يُخيّر بين النوعين الآخرين برغم ما في الأمر من خطر شديد على صحته وحياته. أما الحقن الخاصة فهي شحيحة لا تزيد عن أربع أو خمس على المريض أن (يناور) بها لتكفيه ثلاثين يوماً أو تزيد، وهي في الغالب (الحقن) من منشأ رديء، لا يمكن استعمالها أكثر من مرّة واحدة.
نضطر للصبر شهراً آخر لو تأخّر عن موعده طحينٌ أو غاب عن قدورنا رزٌّ ونأى عنا زيتُ الطعام. يمكن عمل الشاي من دون سكر ونُرضع أطفالنا (الفوح) بدل الحليب. لست أدري إن كان ممكناً إعطاء مرضانا ماء الإسالة الخابط بدل (المخلوط).. لست أدري إن كان السياسيون والمسؤولون سيفشون لنا سرّ تمكنهم من شرب (الصافي) حين (خبطوا) الأمور علينا!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم شقو يضيف مليون جنيه لإيراداته ويصل 57 مليونًا


.. أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة • فرانس




.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه


.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة




.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى