الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بناء الانسان العراقي

رعد عباس ديبس
(Raad Abaas Daybis)

2012 / 5 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


بناء الانسان العراقي
يعتبر بناء الانسان اللبة الاولى في بناء المجتمع والوطن ويبدا هذا البناء من الاسرة
ثم العائلة ثم المجتمع الصغير( الاصدقاء, المدرسة, النادي...الخ) وبعدهاالمجتمع باكمله.
فالطفل يتعلم من اسرته القواعد الاساسية للتعاليم الحياتية و الاخلاق بشكل مباشر بواسطة
تعليمه وتلقينه وبشكل غير مباشر وذلك بمراقبة الطفل لممارسات الاهل, وعندما يكبر يدخل
في وسط العائلة والاصدقاء والمدرسة ليمارس ماتعلمه وليكتسب خبرات جديدة ليتقوى بها
على دخول الحياة الاجتماعية ومعترك الحياة. ويقر علماء النفس والاجتماع وفقهاء علم
الاجرام بان القصور في التربية او التاثير بشكل سلبي على الفرد في المراحل الاولية من
تكوين شخصيته تؤدي الى نتائج سيئة على مستقبله ولذلك يوصون بتعليم الفرد الاعتماد على
النفس والقدرة على اتخاذ القرار وتحمل المسؤلية عن اتخاذه وكذلك مساعدته في اختيار
الاصدقاء الجيدين والاهتمام بتعليمه الاكاديمي.
وقد نالت الاجيال العراقية السابقة لاستلام حزب البعث للسلطة قسط وفير من التربية الجيدة
التي حافظت على بناء ركائز متينة لشخصية الفرد فالعائلة غذت ابنائها بالطيبة والشهامة
واساتذة المدارس ربوا ابنائهم التلاميذ على الانضباط والاستقامة واحترام الكبير والجامعات
كانت منارة لتحرر الفكر وبناء الوطنية. وقد مارس المجتمع ككل دور الرقابة على الفرد
وتصرفاته فالجيران واصدقاء الاهل والمعلمين خارج اوقات الدوام كلهم يسارعون لتقويم
اي تصرف خاطئ ياتي به الفرد. وقد لعبت الاحزاب السياسية وخاصة اليسارية منها دور
كبير في صقل شخصية الانسان العراقي بترسيخ مبادء الوطنية والحرية والتضحية ونكران
الذات وكذلك التثقيف الذاتي الفكري والادبي والحث على التحصيل العلمي وذلك كله لخدمت
الشعب والوطن, ولذلك ليس مستغربا في تلك الايام ان يترك عالم جليل وعبقري مثل عبد
الجبار عبد الله جميع المغريات التي اعطيت له في امريكا ويرجع الى وطنه العراق لكي
يخدمه دون اي مغريات ولا حتى تسهيلات والانكى من ذلك فان انقلابيوا شباط يلقوه في السجن
ويرغمون هذا العالم العبقري على تنظيف مرافق السجن.
عندما استلم حزب البعث السلطة في تموز 1968 وعى من اللحظة الاولى انه لايستطيع ان
يستمر في الحكم مادامت هذه الروح الوطنية والتقدمية في صلب الشخصية العراقية وخاصة
ان لديه تجربة في فشل انقلاب شباط, لذلك اسس جهاز حنين الاستخباراتي وكانت مهمته
الاساسية هدم الروح الوطنية لدى الشعب العراقي وتغيير الولاء من الوطن الى قادة حزب
البعث واعلاء مبدا نفذ ثم ناقش, وقد استخدمت لتنفيذ هذه المهمة جميع الوسائل من اغرائات
وتسقيط واغتيالات ولم يفرق الجهاز في تنفيذ المهمة بين شيوعي وبعثي وقومي او من حزب
الدعوة الاسلامي. ومنذ البدايات بدا النظام بالسيطرة على ثلاث مفاصل اساسية وهي الجيش
والاعلام والتعليم وجعلها مقصورة على البعثيين فقط فضمن بواسطة السيطرة على الجيش عدم
حدوث انقلاب عسكري وبواسطة الاعلام والتعليم السيطرة على عقول النشئ الجديد وبث
سمومه ومغالطاته لحرف الشباب عن جادة الوطنية السوية وقد نجح الى حد ما.
وبعد ان تمكن البعثيون في نهاية 1978 وبداية 1979 من التخلص من الحزبين الرئيسيين
وهما الحزب الشيوعي وحزب الدعوة دخلوا في حرب مع الجارة ايران, ولم يكن هناك اي
مبرر لتلك الحرب التي دامت 8 سنوات ,عانى منها الشعب العراقي اقتصاديا ونفسيا واجتماعيا
حيث خلفت الاف اليتامى والارامل وعجز مالي بمليارات الدولارات. وما ان حطت الحرب
العراقية الايرانية رحالها حتى قام النظام بغزو الجارة الكويت وهذه الحرب الخاطفة حملت
الشعب اعباء نفسية واجتماعية واقتصادية اضعاف مما هي عليه في الحرب السابقة لان العراق
لايزال وسيبقى يعاني لاجيال من تبعاتها. وبعد انتهاء الحرب بدء الحصار الذي دام 12 عام
عانى منه الشعب الامرين واستغله النظام لشرعنة الفساد والنهب والرشوة وافشى مبدا التمويل
الذاتي للدوائر والمؤسسات وهذا يعني ان تجمع الدوائر رواتبها من المواطنبن باي طريقة.
اضافة الى ذلك كله احدث صدام ميزان القتل والتعذيب لترقية الكوادر الحزبية فلا يصبح البعثي
كادر متقدم اذا لم يشترك بقتل او تعذيب اعداء الحزب والثورة الذين عادة ما يكونون من
الخصوم السياسيين اوالجنود الفارين من جحيم المعارك التي لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
بعد هذا هل يمكن لوم الفرد العراقي على تغير اخلاقه ونفسيته!, الجواب عندي لا ولكن يجب
ان نعي هذه الحقيقة ونعترف بوجودها ونضع لها الحلول السليمة والناجعة, وان تتوافر لتحقيق
هذا المطلب جميع جهود الحكومة ومنظمات المجتمع المدني والاحزاب السياسية وحتى ان
تطلب الامر الاستعانة بالمجتمع الدولي واعتبارها من اولى الاولويات,لان بناء شخصية الفرد
بشكل سليم يرجع بالفائدة على المجتمع والوطن والعالم ككل.
د. رعد عباس ديبس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا: السجن 42 عاما بحق الزعيم الكردي والمرشح السابق لانتخا


.. جنوب أفريقيا تقول لمحكمة العدل الدولية إن -الإبادة- الإسرائي




.. تكثيف العمليات البرية في رفح: هل هي بداية الهجوم الإسرائيلي


.. وول ستريت جورنال: عملية رفح تعرض حياة الجنود الإسرائيليين لل




.. كيف تدير فصائل المقاومة المعركة ضد قوات الاحتلال في جباليا؟