الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المهرجان الوطني الثاني للقصة القصيرة في خنيفرة : ماء وخضرة ... وقصة قصيرة

ادريس الواغيش

2012 / 5 / 2
الادب والفن



في الطريق إلى خنيفرة...
ما إن تبتعد عن غابات الإسمنت في شوارع فاس ، حتى تتوحد الخضرة في عينيك ، وتتخلص من طيور الزوش وأشجار الأكليبتوس وأخرى رومية لقيطة. تتراءى قبالتك هامات عالية من الخضرة ، فتتأكد بعد حين أنها لجبال الأطلس المتوسط ، رئة المغرب وقلبه النابض بالحياة والحب والجمال. كل شيء جميل في المغرب لابد وأن يكون أطلسيا " أسود الأطلس (1) - المحيط الأطلسي - رقصة الأطلس (2)- ...". جنب الطريق الملتوية ، تسمع خرير مياه السواقي ، وتتراءى لك ضيعات وقد بدأت تستعيد خضرتها المفقودة في فصل الخريف . حبات الكرز والتفاح تكتنز وجناتها استعدادا لمواسم حب الملوك والتفاح في يونيو المقبل. السيارة تلتهم الطريق في جنون ، تترنح يمينا وشمالا. تنتابك دوخة من حين لآخر ، إلى أن يستبد بك الموقف ويظهر لك أسد أطلسي في جلسته المهيبة. إنها يفرن ... (3)، المدينة الملكية في حضرة الماء والخضرة والشلالات . يستبدل السائق أسطوانة بأخرى ، فإذا بإبراهيم العلمي (4) يجود برائعته الخالدة "ما أحلى يفرن وما أحلى جمالو" (5). دغدغة مقصودة لعواطف الركاب من قبل السائق ، الذي سيتبين فيما بعد أنه ابن المنطقة . تسأل السائق الشاب : " من يغني هذه الأغنية ؟" فيعطيك جوابا قاسيا ومؤلما: " شي مطرب قديم ...‼". ياااه... تبلع حسرتك ، وتلعن الجهل الذي اكتسحنا باسم الحداثة. تتراءى لك أعشاش طيور بريئة ، وأخرى تبهر العين بألوانها فوق أشجار بلوط شاخت ، لكنها لازالت متمسكة بالحياة. إنه الأطلس الذي لا ينضب من الحياة في صيفه وشتائه : " مياه سواقي و... ضايات وخضرة " على مدار السنة. يفاجئك اندفاع مياه زرقاء صافية تتدفق مسرعة نحو الأطلسي ، إنه نهر أم الربيع...(6)، إننا إذن على بعد كلمترات قليلة فقط من وسط خنيفرة ، حيث تنتصب ثلاث خيول رمزية لعاصمة الأطلس.
في اليوم الأول ...
ماء وموسيقى وخضرة وقصص حب لا تنتهي من الأسطوري إلى الواقعي ، فلا ينقص خنيفرة إذن إلا القصص ، لتسمع شهرزاد وتحكي عن لياليها الملاح ، وأيضا عن قصص الحبيبين "أسلي وتسليت" (7) في كل هضاب وتلال وجبال الأطلس الشامخ. وكان لمدينة خنيفرة المنتشية بربيعها وخضرتها وزرقة منابع نهر " أم الربيع" فيها ما أرادت ، فعلى امتداد ثلاثة أيام من 27 أبريل وإلى غاية 29 منه ، كانت على موعد مع فعاليات مهرجانها الوطني للقصة القصيرة " دورة القاص والروائي المغربي محمد غرناط" ، تمحورت كلها حول " الميتاقصة في القصة المغربية ". احتضنتها قاعة الندوات بعمالة إقليم خنيفرة.
عشية يوم الجمعة 27 أبريل 2012م وبعد كلمات عامل الإقليم والجهات الداعمة وحفلة شاي ، كان للحضور موعد مع الندوة الأولى ، ومداخلات كل من : الناقد والإعلامي التونسي عبد الدايم السلامي - د/ جميل حمداوي- د/ سعاد مسكين - د/ أحمد بوزفور- د/ حميد لحميداني ، أما التسيير فكان للدكتور عبد العاطي الزياني .
1- مداخلة الناقد والإعلامي التونسي عبد الدايم السلامي تطرق فيها لكينونة مصطلح "ميتاقص" وضرورة وعي النص بتقنية " الميتاسرد" حتى لا يفقد "حكايته" ، التي هي لب العمل القصصي مع محاولة الاستفادة من هذه التقنية في حدود المسموح به ، مما يفد من مصطلحات وتقنيات جديدة .
2- الدكتور سعاد مسكين تناولت من جهتها "الميتاقصة" في المنجز القصصي المغربي.
3- الدكتور حميد لحميداني أخذ بالتحليل مسالة "الميتانص في القصة المغربية" من خلال مجموعة من الأعمال القصصية المغربية.
4- الدكتور جميل حمداوي تناول بالدرس والتحليل موضوع : " الخطاب - الميتاسردي في القصة المغربية" انطلاقا من إصدارات قصصية مغربية.
5- الأستاذ أحمد بوزفور كانت عينه على " الميتاقصة" وقلبه على القصة المغربية وجمالية الإبداع فيها ، وكان كعادته حكيما وحريصا على مستقبل هذا الجنس الأدبي الراقي ، الذي عرف تطورا ملحوظا كما وكيفا في المغرب.
في اليوم الثاني ...
كان للحضور لقاء مع ندوة ثانية من تسيير القاص صخر المهيف ، تطرق فيها الدكتور نور الدين الفيلالي إلى طرق اشتغال " الميتانص" في نماذج من القصة المغربية القصيرة ، فيما تأبط الناقد والقاص حميد ركاطة المجموعة القصصية " داء الذئب" للمحتفى به الأديب محمد غرناط ، وحللها تحليلا دقيقا وعميقا وواعيا كعادته. وكان للنغم دوره في الحضور كذلك ، من خلال فرقة " أنغام" التي أمتعت الجمهور بمقتطفات من الطرب الأصيل لفيروز ، وبعض الموشحات المغربية الأصيلة أداها بعض أفرادها من الأطفال والفتيات ، أبانوا فيها عن خامات صوتية ينقصها قليل من التأطير، كي تصبح جاهزة في المستقبل لمزيد من الإمتاع والإبداع.
كما كان للحضور سواء في فضاء مؤسسة الأعمال الاجتماعية للتعليم ، أو قاعة الندوات بعمالة خنيفرة موعد آخر للاستمتاع والاستماع إلى قراءات قصصية لكل من :
أحمد بوزفور- محمد غرناط - عبد الحميد الغرباوي - مصطفى لغتيري - نعيمة القضيوي - أحمد شكر - علي الوكيلي - عبد الواحد كفيح - عبد الغفني الصراض - زوليخة موساوي الأخضري - محمد أكويندي- جمال الدين لخضيري - محمد الشايب - عبد السلام اجباري- إبراهيم أبويه - عبد الغفور خوي - البتول المحجوب - المصطفى لكليتي - إدريس الواغيش - محمد أكراض الورايني - إدريس الجرماطي - صخر المهيف - البشير الأزمي - محمد الحاضي - زهير الخراز- هشام ناجح - نور الدين وحيد -محمد العتروس- محمد إدارغة ، وقراءات أخرى على هامش السمر القصصي.
وكان العمق الأمازيغي حاضرا من خلال قراءات باللغة الأمازيغية لكل من : خالد الزيواني من خنيفرة وعبد الحكيم باقي من كلميمة ، وبعض الأصوات الأخرى بصيغة المذكر والمؤنث.
الجميل في المهرجان هذه السنة ، بالإضافة إلى غناه الفكري والثقافي والترفيهي ، من خلال وصلات من الأهازيج والفلكلور المغربي الأمازيغي قدمتها فرق شعبية محلية ، هو انفتاحه على المحيط التعليمي من خلال لقاءات لتلاميذ بعض المدارس في المدينة وخارجها مع كتاب معروفين وطنيا ، للتمرس على فعل الكتابة وأيضا على فعل القراءة والتشجيع عليها. وهي مبادرة تستحق التشجيع فيما سيأتي من مهرجانات ، سواء في خنيفرة أو غيرها من المدن المغربية. كما عرف المهرجان أيضا تكريما بعض الوجوه الفاعلة في المشهد الإعلامي والثقافي المحلي والجهوي والوطني. واختتمت الأمسية الثانية بتكريم عريس هذه الدورة الأديب المغربي محمد غرناط ، الذي أعطى الشيء الكثير للثقافة المغربية طيلة مسيرة حياته مدرسا ومبدعا.
في اليوم الثالث ...
اليوم الأخير خصص كالعادة لرحلة استطلاعية وثقافية للخلفية السياحية بالإقليم ، من تأطير جمعية مدرسي علوم الحياة والأرض بخنيفرة وجمعية إسمون نعاري بالمدينة.
هوامش :
- (1) كلمة تطلق على لاعبي المنتخب المغربي لكرة القدم.
- (2) موسيقى الملحن المغربي الكبير عبد القادر راشدي
- (3) من أجمل المدن الجبلية المغربية ، تبعد عن فاس بنحو 50 كلم.
- (4) مطرب مغربي
- (5) أغنية مشهورة تتغنى بجمال مدينة يفرن من تلحين إبرايم العلمي.
- (6) من أكبر أنهار المغرب
- (7) حبيبان من قرية إميلشيل / المغرب رفض الآباء تزويجهما ، فبكيا بكاء شديدا إلى أن شكلت دموعهما بحيرتان سميت باسمهما ، كما تقول الأسطورة. وأسلي وتسليت كلمتان تعني العريس والعروسة بالعربية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -شد طلوع-... لوحة راقصة تعيدنا إلى الزمن الجميل والذكريات مع


.. بعثة الاتحاد الأوروبي بالجزائر تنظم مهرجانا دوليا للموسيقى ت




.. الكاتب في التاريخ نايف الجعويني يوضح أسباب اختلاف الروايات ا


.. محامية ومحبة للثقافة والدين.. زوجة ستارمر تخرج للضوء بعد انت




.. الكينج والهضبة والقيصر أبرز نجوم الغناء.. 8 أسابيع من البهجة