الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أفول

ربيعة العربي

2012 / 5 / 3
الادب والفن


أفول
ربيعة العربي

... لم يسبق لي أن رأيت أبي قبل الخامسة من عمري، فلقد كان يقيم بالديار الفرنسية. كنا نعيش بسلام أنا و أمي و أخي لا شيء يعكر صفو حياتنا إلى ذلك اليوم الذي قالت لي فيه أمي و عيناها تلمعان من شدة الفرح:
- صابرة عندي لك خبر مفرح.
- ما هو؟
- غدا سيأتي أبوك...سيستقر معنا بصفة نهائية.
أذكر يومها أنني سألتها بكل تلقائية:
- ما معنى "أبي".
فقالت لي و هي تحاول أن تشرح لي الكلمة بطريقة علمية:
- إنه الشخص الذي لو لم يكن لما أتيت إلى هذه الدنيا.
فهمت من كلامها أنه شخص مهم ... مهم جدا و أحسست بأن الفرح قد جعل قلبي ينبض بقوة و وجهي يتورد أكثر من المعتاد: و كانت أمي أكثر فرحا مني فقد أصبحت تتصرف بسعادة زائدة و استيقظ لديها الإحساس بالأشياء الصغيرة التي لم تكن تبالي بها من قبل.
....و أخيرا جاء أبي. طرق الباب و دعتني أمي لفتحه لكي أكون أول من يراه فلقد تركني بعد ولادتي بأسبوع و لا شك أنه سيفرح كثيرا عند رؤيتي. هكذا قالت أمي، غير أنني أحسست بالخوف و التردد. حسم أخي الموقف و جرى نحو الباب و فتحه و رأيت لأول مرة أبي... لم يعجبني شكله أو بالتحديد لم تعجبني عيناه و لكي أكون دقيقة أكثر لم تعجبني النظرة التي رأيت فيها و التي تعبر عن الإحساس باللامبالاة و البرود. و ..هل أقولها: بالغدر .. نعم الغدر. انكمشت في مكاني .طلبت مني أمي أن أسلم على أبي فرفضت إلا أنه مشى نحوي و أخذني بين يديه و عانقني وقال لي:
- لقد كبرت يا صابرة.
حاولت أن أخلص نفسي من بين ذراعيه لاحظت أمي ذلك فقالت له:
- دعها الآن إنها خائفة منك، فأنت بالنسبة لها شخص غريب لأنها تراك لأول مرة.
فقال لها أبي و هو يضحك بصوت عال:
- إنها ابنتي..إنها ابنتي.
و حاول ضمي من جديد، غير أنني أبديت له عدم رغبتي في ذلك، فتركني.
قالت لي أمي و هي تشعر بنوع من الحرج:
- إنه أبوك. انظري إلى أخيك إنه فرح بلقائه.
نظرت إلى أخي كان بالفعل فرحا بلقائه، فقلت في نفسي علي أن أحبه كما يحبه أخي. وزع أبي الهدايا ووزع معها بعض الفرح في قلوبنا.
...عاد أبي و تغيرت حياتنا و انقلب هدوء البيت إلى صخب دائم و الفرح الذي رأيته في عيني أمي يوم أن أخبرتني بقدومه انقلب إلى حزن عميق فبعد مدة قصيرة علمنا بأنه قد تزوج امرأة أخرى و بأن عليها أن نقبل بالأمر الواقع. رأيت دموع أمي لأول مرة في حياتي و علمت أن مصدر هذه الدموع هو أبي و أدركت لم لم أرتح حينما رأيته أول مرة للنظرة التي تطل من عينيه. كان أبي نجما غائبا و هو الآن نجم أعلن الأفول.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص


.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض




.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة