الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في البرنامج الإنتخابي لقائمة إتحاد الشعب

فاخر جاسم

2005 / 1 / 27
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


مقدمات لا بد منها:
الاولى، أود الأشارة إلى أن إختيار أسم القائمة يدل إلى شعور عال بالمسؤولية ، حيث يشهد المواطن العراقي حالة التوتر والخوف على وحدة العراق أرضا وشعبا نتيجة تصاعد دعوات التفرقة التي تنم عن قصر النظر في قراءة الظروف السياسية التي خلقها سقوط سلطة الاستبداد الشمولي. إن فيها بسمة أمل لكل من يحلم بوطن ترفرف علية نسمات الاخوة العراقية التي نشم عبيقها من زاخو إلى الفاو.
الثانية، لا يمكن قراءة البرنامج الإنتخابي بمعزل عن شعارات الحملة الانتخابية للقائمة التي يكمل بعضها البعض.
الثالثة، أهم ما يميز البرنامج الانتخابي ، اللغة السهلة ، البسيطة والعميقة الدلالة للتعبير عن اهدافها. إن كل ذلك جعل أهداف البرنامج واضحة، بعيدة عن الحشو الإيديولوجي، الأمر الذي يساعد على فهم أهداف القائمة من قبل المواطن بعض النظر عن مستواه التعليمي / الثقافي. وهذه قضية مهمة في ظل الاختلاط الكبير بين برامج القوائم المتنافسة.

وبالعودة إلى البرنامج الإنتخابي للقائمة، نلاحظ إنه يركز على مجموعة من الأهداف الآنية التي تشكل محور اهتمام المواطن العراقي في الظروف الراهنة وأهمها:
1 ــ التأكيد على الاستقلال وانهاء الاحتلال وعودة السيادة الوطنية، حيث تعتبر هذه القضية أحدى الأهداف المحورية التي تسعى القائمة لتحقيقها وتعطيها بعداً جديدأ يتلاءم مع تطلعات المواطنين عبر العديد من النقاط منها:
ـ التاكيد على الاستقلال واستكمال السيادة الوطنية بأسرع وقت ممكن ، حيث لا يمكن إنجاز هذا الهدف الكبير كما يشير البرنامج بدون " النظام الديمقراطي الفيدرالي ... الذي يضمن حقوق العراقيين دون استثناء ويحررهم من العنف والارهاب ويمكنهم من إنهاء الاحتلال وتحقيق الاستقلال الناجز"

ـ ربط إعادة بناء الوطن بقضية عودة السيادة وإنهاء الاحتلال ، أي بمعنى رفض السيادة الشكلية للبلاد التي تسمح اللقوى الأجنبية التتحكم بقدرات العراق الاقتصادية ومواره الطبيعية، وأهمها النفط، حيث ينص على " العمل من أجل استعادة السيادة الوطنية الكاملة على سائر مقدرات البلاد وثرواته الوطنية "
ـ يربط البرمامج تحقيق الاستقلال الوطني بسيادة الشعب التي تعني: تمتع المواطنين بحقوقهم السياسية والاجتماعية. وهذا هو المفهموم الحقيقي للسيادة ، حيث لا سيادة حقيقية، إذا أستعبد الشعب من حكامه أو من قبل نخبة معينة، كما كان يدحث خلال فترات السلطات الدكتاتورية السابقة.

2 ــ أهداف البرنامج قابلة للتنفيذ إذا توفرت حكومة وطنية نزيهة، حيث تتوفر الطاقات الاقتصادية والبشرية التي يحتاجها البرنامج، بمعنى آخر أن مفرداته خالية من مزايدات الدعاية الانتخابية التي تعطي الوعود الكبيرة غير القابلة التنفيذ بسبب عدم توفر المستلزمات الضرورية لتنفيذها.
3 ـ أعار البرنامج اهتماماً لشكل الحكم في العراق الجديد ، حيث أكد على الشكل الفيدرالي للحكم، بدون أن يدخل في تفاصيل الشكل الذي يتخذه هذا الشكل ــ قومياً على مستوى كردستان وإدارياً بالنسبة إلى مناطق العراق الأخرى. وبنفس الوقت أكد على حقوق القوميات الاخرى التي يتكون منها الشعب العراقي، التركمان والكلدو ـ آشور، وغيرهم حيث نص على " ضمان حقوق القوميات عن طريق الفيدرالية لكردستان العراق وتامين الحقوق الثقافية والإدارية لبقية القوميات ". أن تاكيد البرنامج على شكل الحكم يأتي من خلال دراسة التجربة المريرة للحكم المركزي الذي ادى تكون حكم استبدادي شمولي لا يمكن منع قيامه مرة اخرى إلا عن طريق الحكم الفيدرالي.
4 ــ إن إقامة نظام ديمقراطي يقوم على مؤسسات دستورية ، يتطلب " التأكيد على احترام استقلال القضاء وتحقيق إصلاح قانوني ديمقراطي".
5 ـ وأخيراً، يمتاز البرنامج بالملموسية، حيث يؤكد على الاهداف الآنية، الاجتماعية والاقتصادية، التي تهم أغلبية المواطنين ـ كاستمرار العمل بالبطاقة التموينية ـ على سبيل المثال، والعمل الضروري ( لتسريع إعادة الخدمات العامة ، الماء ، الكهرباء ، المجاري ، الصحة والتعليم .... الخ ) إضافة إلى التأكيد على احترام الحقوق السياسية للأنسان باعتبارها حقوقاً مقدسة غير قابلة للأننهاك لأي سبب كان.



الأهداف الاجتماعية



إن القضية المحورية في هذا الجانب هي تحقيق العدالة الاجتماعية ، التي بدونها لا يمكن أن يتمتع المواطنين بحقوقهم السياسية. إن هذا الاستنتاج اكدته تجارب العديد من البلدان التي تحولت من الحكم الدكتاتوري الشمولي ، حيث أستطاعت النخب ان تستحوذ على سلطة الدولة عبر آليات الديمقراطية واستخدامها لاحقاً لأقامة ما يعرف ب " حكم النخبة " حيث تختزل الديمقراطية إلى تربع مجموعة من الأغنياء والسياسيين المنفذين لمصالح النخبة، على قمة السلطة والتمتع بخيرات البلاد وثروات المجتمع بينما تبقى أغلبية الفئات الاجتماعية محرومة من الاستفادة من خيرات الوطن. بمعنى آخر النص على الحريات السياسية للمواطنين في القوانين دون توفير سبل الضرورية للتمتع بها في الواقع العملي، حيث تبقى أغلبية الفئات والشرائح مشغولة بالهم اليومي لتدبير مستلزمات المعاشية الضرورية. ولمعالجة هذا التشويه للديمقراطية ولضمان تمتع جميع أبناء العراق بخيرات البلاد، يؤكد البرنامج الانتخابي لقائمة إتحاد الشعب على " إقامة نظام ضمان اجتماعي شامل ". من خلال قيام الدولة بتنفيذ مجموعة من الاجراءات من أهمها، حسبما ورد في البرنامج :
ــ مكافحة البطالة وتحسين المستوى المعاشي للجماهير.
ــ المحافظة على البطاقة التموينية وسعرها، وتحسين مكوناتها.
ــ ضمان حقوق العمال في الأجر المجزي، والحقوق التي ينص عليها قانون العمل وحماية حقوق العمال الزراعيين عن طريق التشريع والتنظيم النقابي.
ــ معالجة غبن المتقاعدين، وزيادة رواتبهم بما يكفل لهم العيش الكريم والشيخوخة المريحة.
ــ معالجة أزمة السكن بمشاريع حكومية وسلف وتسهيلات مختلفة لذوي الدخل المحدود.
ــ الدفاع دون كلل عن حقوق المرأة ومساواتها بالرجل، وضمان حقوق الأمومة والطفولة.
ــ ضمان حقوق الفلاحين عن طريق حل مشاكل توزيع أراضي الإصلاح الزراعي. والعمل على تقليص الفوارق الشاسعة بين المدينة والريف.
ــ ضمان مجانية الرعاية الصحية.
ــ مكافحة الأمية و محوها بين الكبار.
ــ ضمان مجانية التعليم في كل مراحلة وإصلاح شامل للمنظومة التربوية والتعليمية بما ينسجم مع متطلبات العراق الديمقراطي في هذا القرن. ولا يمكن نجاح هذا الإصلاح إلا على يد كوادر تعليمية يتوفر لها ما يناسب دورها الحاسم في بناء الإنسان الجديد من إعداد مهني ومستوى معيشي وظروف عمل.
ــ دعم الشباب في الزواج وتكوين اسر سوية.
ــ توفير متطلبات تطوير الرياضة وتوسيع ممارستها بين مختلف الأعمار.
ــ الاهتمام بالجاليات العراقية في الخارج والعمل على شدها للوطن ومساهمتها في اعادة بنائه.

كما أن المساواة والعدالة الاجتماعية لا يمكن تحقيقها بدون ضمان حقوق ضحايا الانظمة الدكتاتورية ولذلك أكد البرنامج على :
ــ الإسراع بمحاكمة صدام وأركان نظامه
ــ تعويض عوائل الشهداء والمغيبين، والمتضررين في حملات الأنفال وحلبجة والمقابر الجماعية، وأبطال انتفاضة آذار 1991، والشباب الكرد الفيلية والمناضلين الآخرين.
ــ تقديم المساعدات اللازمة للمعوقين، وتعويضهم عما لحقهم من أضرار.
ــ اعادة المفصولين السياسيين الى وظائفهم، وضمان حقوقهم كافة.

إن النضال من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية ، ليس هدفاً بحد ذاته بل هو وسيلة لتخفيف التوتر السياسي ـ الاجتماعي الذي يشهده المجتمع في الظروف الراهنة والناتج عن التفاوت الحاد في المستوى الاقتصادي وبالتالي خلق الأرضية المناسبة لتجنب اللجوء إلى العنف والكراهية في سلوك المواطنين والتي تتجلى بالعديد من المظاهر، التي شخصها البرنامج الانتخابي ب " العنف والتطرف، والتعصب، القومي والطائفي ".
إن تجاوز المظاهر المذكورة تودي إلى أن " تستعيد بلادنا عافيتها وتتوطد دعائمها... وسيادة روح التسامح بين مختلف فئات ومكونات شعبنا، ولغة الحوار الديمقراطي بين القوى السياسية ".




الموقف من قطاع الدولة


يعطي البرنامج الانتخابي الاهتمام الكبير لدور الدولة في الحياة الاقتصادية من خلال سيطرتها " أي الدولة" على المرافق الاقتصادية الرئيسية، وبنفس الوقت الاعتراف بالدور الهام الذي تلعبه القطاعات الاقتصادية الاخرى ، التعاوني والخاص والمختلط. وكذلك يؤكد البرنامج على تشجيع الاستثمار الاجنبي الذي يخدم إعادة الأعمار. وقبل الحديث عن أهمية دور قطاع الدولة في الاقتصاد الوطني، نشير إلى اهم الفقرات التي وردت في البرنامج بهذا الخصوص:
ـ اعادة بناء القطاع العام (باعتباره القطاع الرئيسي) على أسس الكفاءة والربحية.
ـ فسح المجال لبقية القطاعات (الخاص – التعاوني – المشترك) وتكامل القطاعات الأربعة.
ـ تنظيم الاستثمار الخارجي، وتشجيع الاستثمار المباشر، الذي يخلق طاقات إنتاجية وفرص عمل، وينقل خبرات تكنولوجية ومهارات إدارية.
ـ استحداث التشريعات المنظمة لمعاملات السوق ومختلف مجالات الحياة الاقتصادية بما يحفظ حقوق المواطنين.
ـ العمل على تنويع مصادر الاقتصاد العراقي، وتقليص اعتماده الحاسم على إيراد النفط.
ـ السعي لإلغاء كل ديون العراق وتعويضات حروب صدام.
إن تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية ، كما هو معروف ، لم يقتصر على ما كان يعرف بالبلدان الاشتراكية ، بل أن كافة الدول وبمختلف أنظمتها الاجتماعية، شهدت أشكالاً عديدة من التدخل في المجال الاقتصادي، ومنها الولايات المتحدة والعديد من الدول الرأسمالية المتطورة إن هذا التدخل يأخذ أشكالاً عديدة، تبعاً للظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تمر بها المجتمعات.
وإذا أخذنا الظروف التي تمر بها بلادنا، بعد إنهيار الديكتاتورية، نرى إنها تتشابه، إلى حد كبير، بالاوضاع التي مرت بها العديد من البلدان الأوربية بعد الحرب العالمية الثانية، حيث شمل التدمير والخراب كافة القطاعات الإنتاجية والخدمية. فمن الناحية الصناعية، تعاني كافة المؤسسات من توقف كلي أو جزئي. كما أصاب التدهور المؤسسات الخدمية والثقافية " الكهرباء والماء والخدمات الصحية والتعليمية والمواصلات". وقد أنعكس ذلك على البنية الاجتماعية للمجتمع، تمثل بانخفاض حاد في دخول ومستوى معيشة أغلبية الفئات والشرائح الاجتماعية، وهذه الفئات تشكل اغلبية السكان بالوقت الراهن، في حين هناك أقلية غنية تتكون من تجار الحصار والسماسرة والطفيليين وحرامية الحروب الخائبة للدكتاتورية ـ القادسية وأم المعارك والحواسم ــ
وإذا رجعنا إلى تجارب البلدان التي مرت بظروف مشابه لظروف العراق الحالية، فإنها تبين أن تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية، من خلال القطاع العام ، كان له الدور الحاسم في إعادة بناء القطاعات الأساسية للاقتصاد الوطني في كافة الفروع الصناعية ، الاستخراجية والتحويلية ، والنقل والمواصلات ، وقطاعات الرعاية الاجتماعية، الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية . وقد ادى تدخل الدولة إلى إعادة توزيع الدخل الوطني بصورة عادلة على كافة الشرائح والطبقات الاجتماعية وبالتالي تقليل التفاوت في المستوى الاقتصادي بين مختلف فئات المجتمع. وبمعنى آخر إعادة توزيع ثروات المجتمع لصالح الفئات الفقيرة والمعدمة.
إن قيام الدولة العراقية بهذا المهمة يؤدي إلى نتائج ايجابية هامة على الصعيد الاجتماعي، من أهمها:
أ ـ القضاء على أحد اهم أسباب التوتر الاجتماعي المتمثل بالفقر وبالتالي الحد من اللجوء إلى العنف.
ب ـ من الناحية الاجتماعية، الحد من الآثار التدميرية للخصصة عن طريق منع بيع/ ونهب المؤسسات التابعة للدولة بفرعيها، الإنتاجي والخدمي، من قبل الفئات الطفيلية التي أشير إليها سابقاً، وشركائهم الخارجيين.
ج ــ خلق تنمية متوازنة في كافة مناطق الوطن، خاصة تلك التي عانت من التمييز في ظل الأنظمة الدكتاتورية السابقة، مناطق الجنوب وكردستان.
د ـ التدخل الفعال للدولة، يوفر الظروف الملائمة لإقامة تعاون متكافئ مع الدول والشركات الأجنبية التي يهمها الاستثمار في العراق. إن هذا الشكل من التعاون لا يمكن أن تقوم به الفئات الطفيلية، بسبب ضعفها الناتج عن محدودية قاعدتها الاجتماعية ولذلك فهي بحاجة إلى الدعم الخارجي الذي لا يمكن أن تحصل عليه بدون تقديم التنازلات وإقامة شراكة تقتسم فيها الهيمنة على مقدرات الوطن مع الشركات الأجنبية، بدون مراعاة المصالح الوطنية للبلاد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس: ما مبرّرات تكوين ائتلاف لمناهضة التعذيب؟


.. ليبيا: ما سبب إجلاء 119 طالب لجوء إلى إيطاليا؟ • فرانس 24




.. بريطانيا: ما حقيقة احتمال ترحيل مهاجرين جزائريين إلى رواندا؟


.. تونس: ما سبب توقيف شريفة الرياحي رئيسة جمعية -تونس أرض اللجو




.. هل استخدمت الشرطة الرصاص المطاطي لفض اعتصامات الطلاب الداعمة