الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الازمة الايرانية الخليجية طوق نجاة للطرفين

محمد عبعوب

2012 / 5 / 3
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


يبدو ان التصعيد الغربي ضد ايران، والتهويل والترهيب من مشروعها النووي لم يفلح في إشعال الشارع الخليجي ضد نظام الملالي في طهران الذي قفز بمجرد وصوله للسلطة في طهران اواخر سبعينات القرن الماضي الى العمل على التبشير بثورته وتصديرها الى الخارج مبتدئا بدول الجوار حتى قبل ان يرتب بيته في الداخل، ولاشعال هذا الشارع وإشغاله بقضايا خارجية وإبعاده عن التفكير في قضايا حساسة داخلية -مؤجلة غربيا حتى الآن- اثارها ربيع الثورات العربية التي وجدت بدايات صدى لها في هذا الشارع؛ التقط شيوخ النفط العرب وبتحريض غربي لا يخفى على أحد اول طوق نجاة ألقاه لهم الرئيس الايراني احمدي نجاد بزيارته للجزر الاماراتية الي تحتلها ايران منذ عقود، والتي تعطي ردود الفعل الخليجية عليها انطباعا للمتابع بأن عملية احتلالها قد جرت بوصول نجاد لها ، ولم تكن قبل خمسة عقود من الآن.

هذه الزيارة بقدر ما تخدم ممالك وامارات النفط الخليجية، تخدم ايضا نظام الملالي في طهران، لجهة تحويل الاهتمام من الملف النووي الايراني، الى التركيز على قضايا أخرى تبعد الشارعين الخليجي والايراني عن الالتحاق بقطار ثورات الربيع العربي الذي يطلق صفارات دخوله أسوار هذه الممالك النفطية والدينية التي تبدو عصية على الثورة حتى الآن.. فطهران التي انهكت إعلاميا بحملة شرسة جندت لها اقوى منظومة تضليل ودعاية إعلامية غربية استطاعت ان تحول مُرَكَّب بسيط لتخصيب اليورانيوم الى مرجل نووي يهدد العالم باسره، فيما تصمت هذه المنظومة وتتعامى إزاء اخطر ترسانة معلنة بطريقة غير مباشرة يمتلكها الكيان الصهيوني وتشكل تهديدا للمنطقة والعالم باسره.. طهران وأمام هكذا وضع بادرت الى مناورة سياسية ذكية تخدمها بزيارة أحمدي نجاد للجزر الاماراتية التي تحتلها طهران منذ عقود ، وذلك بتحويل مسار الحملة الاعلامية من حملة عالمية منهكة لا يمكنها ان تجاريها، الى حملة اقليمية تقودها مؤسسات اعلامية خليجية لا يتجاوز تاثيرها منطقة الشرق الاوسط.. كما تؤكد طهران بهذه الزيارة سيادتها المطلقة على هذه الجزر التي تعدها مواقع استراتيجية لحماية امنها في المنطقة التي تحولت الى برميل بارود منذ ان دشن صدام حسن حروبه ضد طهران بتوكيل غير معلن من واشنطن..

وهكذا تقدم هذه الازمة طوق نجاة لحكام ضفتي الخليج العرب والايرانيين يحميهم من الغرق الذي يتربص بهم.. يحمي ممالك النفط من عدوى ثورات الربيع العربي التي مولتها هي من ريع نفطها الدافق للتشفي في انظمة عسكرية لم تخف تآمرها عليها، فإذا بعدوى هذه الثورات تنتقل الى داخل البيت الخليجي.. كما يحمى هذا الطوق ملالي طهران الذين استنفذت تنظيراتهم الغيبية وتخبطهم في إدارة التنمية والرفع من مستوى حياة الانسان الايراني، وكذا فشلهم في استيعاب الهجوم الغربي الشامل ضدهم، يحميهم او على الأقل يؤجل ساعة المواجهة مع الغرب التي تجند لها "اسرائيل" كل جماعات الضغط اليهودية في العالم للدفع نحو مواجهة مع طهران تبدد مخاوفهم من عصى نووية محتلمة قد تفلح طهران في الحصول عليها وتكون أداة ضغط فاعلة وخطيرة على تل ابيب تحرمها من امتياز اللعب الحر والمنفرد على ركح الشرق الاوسط بعد تفكيك قوى عسكرية تقليدية مجاورة كانت تشكل مصدر قلق لها. وهذا التأجيل يعطي طهران على الاقل الفرصة لالتقاط أنفاسها لإعادة ترتيب بيتها من الداخل، خاصة وان الشعب الايراني قد سئم انتظار الجنة الموعودة التي يعدهم بها الملالي من فوق منابر المساجد ولم تأت، كما يمكنها من وضع استراتيجية جديدة للتعامل مع محيطها بما يضمن لها حياده في اي مواجهة محتملة قد تنشب بين طهران والغرب.

واعتقد أن طرفي هذه الازمة سيديرونها (ازمة الجزر الاماراتية) بذكاء وانضباط يمنع اي تصعيد عسكري حقيقي بينهما، فبقاء هذه الازمة وحصرها في دهاليز الساسة وعلى صفحات وقنوات الاعلام المختلفة يخدمهما ويعطيهما الوقت الكافي لتبديد تلك المخاطر التي تتهددهما من الداخل والخارج، هذا إذا لم يضغط الغرب ويدفع دول الخليج لارتكاب حماقة إشعال نار الحرب في الخليج، نيابة عنه كما فعلت بعراق صدام قبل عقود..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السيسي يحذر من خطورة عمليات إسرائيل في رفح| #مراسلو_سكاي


.. حزب الله يسقط أكبر وأغلى مسيرة إسرائيلية جنوبي لبنان




.. أمير الكويت يعيّن وليا للعهد


.. وزير الدفاع التركي: لن نسحب قواتنا من شمال سوريا إلا بعد ضما




.. كيف ستتعامل حماس مع المقترح الذي أعلن عنه بايدن في خطابه؟