الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هشام ناجح صوت جديد في الرواية المغربية

مصطفى لغتيري

2012 / 5 / 3
الادب والفن


مصطفى لغتيري
رغم أن القصة القصيرة تعد في عرف الكثير من المتتبعين ديوان المغاربة باعتبار عدد الإصدارات الكبير ، الذي يكتسح تباعا المشهد الأدبي المغربي ، و التزايد المضطرد للقاصات و القصاصين ، فضلا عن الاهتمام الكبير الذي تحظى به القصة القصيرة و هيمنتها على الندوات و الورشات و الأندية ، و انشغال النقاد الجدد على الخصوص بمتنها المتنامي ، فإن الرواية ما فتئت تجذب إليها الكثر من الكتاب من أجناس مختلفة ، و أهمها القصة القصيرة ، و لعل هذا ما منح الرواية زخما ملفتا ، ساهم في تنوع متنه و تطور مضامينه و أساليبه .
منذ أن قرأت النصوص القصصية الأولى للكاتب هشام ناجح ، و خاصة تلك التي ضمتها المجموعة المشتركة "حتى يزول الصداع" الصادرة عن جامعة المبدعين المغاربة ، لمست النفس الروائي لهذا الكاتب ، و أشرت إليه ضمن الملاحظات ، التي تشرفت بتقديمها خلال حفل توقيع هذه المجموعة ، الذي جرت أطواره بحي سيدي مومن بالدارالبيضاء.
و هاهو هذا الانطباع يتأكد حين اطلعت مؤخرا على رواية هشام ناجح الأولة المعنونة ب " المدينة التي...." الصادرة في الأيام القليلة الماضية ، في تسع و سبعين صفحة من الحجم المتوسط ، و قد تميزت الرواية بقدرة فائقة على الحكي ، و تتبع خيط السرد بإتقان ، ساهم في ذلك توالد الأحداث من رحم بعضها البعض ، و تطورها بشكل منطقي و مقنع ، كما أن الكاتب استطاع التعمق في رسم الشخصيات فيزيولوجيا و نفسيا ، و تقديمها للقارئ حية تسعى ، مما يجعله لا يملك سوى التعاطف معها حينا و كرهها أحيانا..
لقد اهتم الكاتب في هذه الرواية بشخصيات هامشية تعاني من القهر ، و قلة ذات اليد ، لذا تحاول تدارك ما فاتها بوسائل خاصة جدا ..إنها شخصيات لا تياس ، و لا تنزوي في الأركان في انتظار الذي يأتي و لا يأتي ، بل تبادر إلى الفعل ، حتى تحقق رغباتها ، و هي شخصيات يستهويها الفعل الجنسي ، و تجد فيه تعويضا عن خساراتها ، بل يكون هذا الجنس في كثير من الأحيان و سيلة لإثبات الذات ، بل للرقي الاجتماعي كذلك..و المرأة في الرواية ليست سوى وسيلة لتصريف الشهوة الجنسية ، و تشترك في ذلك المراة المغربية و الأجنبية ، الفرنسية تحديدا ، فالبطل سيراود امراة فرنسية عن نفسها و سيتزوجها في ما بعد لتكون وسيلته للنجاة من واقع بئيس.
تحاول الرواية أن تطابق الواقع و نقله بحرفيته ، من خلال التركيز على الامكنة في بعدها الواقعي ، و الإيهام بالزمن الطبيعي للمغرب في فترة الاحتلال الفرنسي و الاسباني و فترة الاستقلال و ما بعده..و تجتهد الرواية كذلك في إعطاء هويات محددة للشخصيات، مما يعمق الملمح الواقعي للرواية ..و إن كان لهذا التوجه حسناته الكثيرة ، لأن الرواية عموما و من حيث العمق ذات هوية سوسيولوجية بالإضافة إلى هويتها الأدبية و الفنية ، فإنه بالمقابل يمكن أن نسجل أن هذا التوجه عند هشام حرم الرواية من الاستفادة من إمكانات تقنية أخرى ، كان من الممكن أن تغني الرواية ، و تمنحها أبعادا دلالية و تأويلية أعمق ، هنا أفكر تحديدا في الحلم و الفانطستيك و غيرهما.
هذه الأجواء الواقعية دفعت الناقد محمد داني ليكتب في تقديمه للرواية متحدثا عن كاتبها " إنه يقدم لنا الصور الاجتماعية عارية من كل المساحيق و الرتوشات.. صادقة في كل همسها و فحيحها.. إنه يأخذنا في رحلة من أيام الاستعمار و الحماية إلى ما بعد الاستقلال و سنوات الثمانينات.. لنواكب معه التغيرات ، التي مست الإنسان المغربي في مجتمعه.. التحول المسخ الذي أتى على القيم و المبادئ و حتى على الإنسان في علاقاته و أحلامه و رؤاه.. إنها رحلة غنية بشبقيتها و عفويتهاو خواطرها و آلامها".
لقد كتب ناجح روايته هاته بنفس واحد متدفق ، و هذا ما جعلها سلسة ، تستثمر لغة سردية جميلة و تناسبها ، مما يؤشر على إمكانات لغوية كبيرة لدى الكاتب ، فقط كنت أتمنى لو أن الكاتب قسم عمله الجميل إلى فصول ، ربما أضاف ذلك إليه الشيء الكثير.
حين انتهيت من قراءة هذه الرواية الجميلة "المدينة التي...." للكاتب هشام ناجح ، تأكدت بأن لمشهد الروائي المغربي كسب إلى صفوفه صوتا روائيا جديدا ، يملك من الإمكانات ما يؤهله ليؤثث المتن الروائي المغربي بنصوص أخرى ستكون لها مكانتها الثابتة بلا ريب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟