الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانسان والطين في صراعاً مع الاثار

ثائر الربيعي

2012 / 5 / 3
حقوق الانسان


نسي الطين ســاعةً أنه طيــــــنٌ حقيــرٌ فصــالَ تيــهـاً و عــــــربــد
و كسا الخزُّ جســمه فتبــاهى و حـــــوى المــالَ كـيسُـــهُ فتمــــرّ
أأمانـــيّ كلهــــــا من تـــــــــرابٍ و أمانيـــــكَ كلـــهـــا مــن عسجــــد؟
أأمانــــي كلهــــا للتـــــــلاشـــي و أمــــانيــــك للخــــلــــود المؤكــّد؟
إيليا ابو ماضي
من المؤكد هنالك علاقة جدلية بين الإنسان والطين،فالأول مدين للثاني لأنه سبب وجوده على الأرض،ولعل حادثة اختلاف إبليس مع الله عندما أمره الخالق بالسجود لأدم،فقال إنا لااسجد له فهو من الطين وأنا من النار،فاعترض وبالتالي طرد من الجنة .
وعندما أتحدث عن الحجارة لاأعني فوضى الحجارة المتناثرة هنا وهناك والتي ليست لها أي مدلول وعنوان للقيمة التي تحملها،أوتلك القطع الصغيرة التي تستخدم في ضرب الانسان ورجمه بها حتى يصل للموت باعتبارها احدى فنون التعذيب،وبأيادي الأطفال لترويضهم على هذه الفلسفة بطريقة بدائية أكثرشراسة،لكسر حاجز الخوف لديهم وتسليحهم بثقافة الإقصاء الجسدي،اعني بالتحديد آثار الانسان التي صنعها منذ بدأ الخلق وكيف كان يقتل أخيه الإنسان،ومروراً بتطور مراحل النمو وتكوين الحياة المدنية فالإنسان هو سيد المخلوقات على هذه الارض،فهو الذي يعمر ويبني ويقيم الإمبراطوريات وكلاً حسب رؤيته بما يصنع سواء كان سعيه للخير اوالشر .
فمن الطين صنع التاريخ نفسه بالأثارالني تجسد وتترجم مسيرة الامم والشعوب وسجل أعمال الصالحين والطغاة الجبابرة،ولولا الآثار لما تعرفنا على حضارات الامم وماذا صنعت وكيف كانت تعيش،وتدير امورها في بناء الحكومات،كما ان كل امة لها ارثها التاريخي من الاثار والمخطوطات وأللقى والنفائس الثمينة،تضعها في متحف وطني لتعكس صورة ان لديها ماضي وانها ليست مقطوعة الجذور وحديثة التكوين،كما ان للباري حكمة بان خلق الانسان من التراب ومن ثم يرجع اليه وكأنه محطة الانتظار التي ستنقله لموطنه الذي يعود اليه بعد برهة من الزمن والتعب والألآم والصراع المريرمن اجل تحقيق الذات والطموح .
وعند دخول القوات الأمريكية المحتلة للعراق وتحديداً المنطقة التي يوجد فيها المتحف في بغداد ،شاهدة من بعيد الدبابات العملاقة تحيط بالمتحف من كل حدباً وصوب ومن ثم دخول اشخاص بعلمهم اقتحموا المكان وسرقوا ونهبوا آثار ولقى لها علاقة وطيدة بتاريخ العراق وحصراً الحضارات الأولى والديانات السماوية اليهودية كان والمسيحية كان هذا في اليوم الاول من سقوط النظام،والمعنى في قلب الشاعر،وتركوا البسيط المتبقي لقطاع الطرق والسارقين أسوة بما جرى من نهب وسلب وحرق للوزارات والمؤسسات حتى يفسر الأمر أن الشعب هو سرق آثاره وإعطاء صورة سوداء عن سلوكيات المجتمع.
ومايؤكد كلامي هو بعد اسبوع واحد من السقوط وصلت هذه الاثار الى المتاحف العالمية ومراكز البيع (المزادات )عن طريق عصابات عالمية تعمل بشكل منظم مرتبطة بمافيات تمتد جذورها لأبعد نقطة يصعب علينا تصورها،وجرت هنالك محاولات حثيثة وخطوات ملموسة لأسترجاع عدد كبير منها عن طريق القنوات الدبلوماسية ،ومن خلال الشرطة الدولية (الانتربول) المسئولة عن الذين يسرقون الاثار وبمساعدة منظمة اليونسكو للتربية والتعليم والثقافة،وفعلاً استرجع الكثير ...الكثير منها،لكننا فقدنا الأهم من هذا كله هو سرقة قيم الانسان ومعاييره التي يتعامل بها مع المجتمع ،وكيف وهنالك تصور لديه مفاده انه ألذ أعدائه الوطن الذي يأخذ منه ولايعطيه ،وهل هنالك خطوات واعدة تترجم على ارض الواقع يتعاون من اجلها الجميع لأسترجاع هوية الموطن ووطنيته ؟على الذين يصنعون القرارات السياسية والخدمية يجب ان يضعوا في الحسبان انها لاتكفي وحدها لبناء الدولة .
فما قيمة المشاريع الضخمة والاعمار دون ان تكون هنالك مشاريع لتأهيل وترميم ثقافة الانسان،والقضاء على الافكار الدخيلة التي سيطرة على سلوكياته لتقدم لنا فرد يخضع لانفعالات عديدة لترسم له ملامح الشخصية المستقبلية والتي تكون معرضة للانهزام وللانكسار أمام أي منعطف يعصف به.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اتهامات لترمب بالعنصرية والكراهية ضد العرب بسبب كلمة -فلسطين


.. اللاجئون السوريون في إقليم كردستان يتمسكون بحلم العودة إلى م




.. Ctجولة مفاوضات جديدة تنطلق في مسقط بين الحكومة اليمنية والح


.. إطلاق نار مكثف صوب خيام النازحين بالمواصي




.. شهادات صادمة من سجن سدي تيمان عن عمليات تنكيل وحرمان وتعذيب