الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقابلة مع الباحث القانوني محمد عنوز

محمد ناجي
(Muhammed Naji)

2005 / 1 / 27
مقابلات و حوارات


مع اقتراب موعد الانتخابات يتصاعد الحراك السياسي في المجتمع داخل وخارج العراق وتتصاعد معها عمليات العنف والإرهاب . وإذا كان العراقيون يجمعون حول مبدأ تحقيق الانتخابات فإنهم يختلفون حول بقية تفاصيلها. وضمن توجهنا لمعرفة آراء السياسيين والمثقفين التقينا بالكاتب والباحث القانوني العراقي محمد عنوز الذي يقيم في السويد ، والذي يتواجد حالياً في أرض الوطن .

1* كيف تنظر للانتخابات بعد أن أصبحت لدى البعض خيار بين الجنة والنار!؟
+ الانتخابات في العراق ضرورة تستلزمها عملية معالجة أزمة الحكم التاريخية ، حيث كانت مسألة تجاوز الإرادة الوطنية العامة وتغييبها هي سمة الحكومات المتعاقبة منذ عشرينيات القرن الماضي على أقل تقدير ، علما إن شعوب المنطقة ومن ضمنها الشعب العراقي لم تساهم ولم يكن لها رأي في تحديد طبيعة النظم السياسية وشكل الحكومات وعملية رسم الحدود . ولذلك نقول إن الانتخابات ضرورة ملحة للعراقيين ولكنها ليست خيار بين الجنة والنار إلا بمعنى واحد ، بين التعبير عن الإرادة الوطنية وبين تغييبها بالإكراه ، وإذا كان الأمر بغير هذا المعنى فإنها إكراه بطريقة أو بأخرى ، وهذا يفسدها ويبعدها أن تكون حرة .
2* طريقة الانتخابات على أساس الدائرة الواحدة هي الأخرى موضع خلاف وإن كان بنسبة أقل ؟
+ في حقيقة الأمر لا يوجد نظام انتخابي مثالي وصالح لكل المجتمعات ، إنما توجد طرق متعددة تتلاءم مع طبيعة المجتمعات النابعة منها ، ومكوناتها القومية والدينية والسياسية . ولذا نقول بان نظام الدائرة الواحدة ليس أفضل نظام انتخابي للعراق بالارتباط مع طبيعة هذا المجتمع ، وكذا المخاطر التي تواجه البلاد . والدائرة الواحدة لها إيجابياتها ولها سلبياتها ، فمن الايجابيات : ضمان التمثيل الواسع ، وذلك باعتماد نسبة الأصوات الصحيحة وتوزيعها على عدد المقاعد المحددة للجمعية الوطنية أو مجالس المحافظات . وهذه النسبة لا غيرها تمنح ثقة للمواطن ويصبح صوته مؤثرا في نجاح هذه القائمة أو تلك .
3* وما هي ملاحظاتك السلبية على هذا النظام الانتخابي ؟
+ لدينا ولآخرين الكثير من الملاحظات ، ولكن من الممكن أن نؤشر التالي :
أ ) نظام الدائرة الواحدة يفسح المجال لترسيخ العشائرية والطائفية والتكتلات الصغيرة ، الأمر الذي يجعل من عملية تجاوزها صعبة في المراحل القادمة ، بسبب من تأسيس وعي يقوم على تلك الأسس أكثر من تعزيز الروح الوطنية والعمل الموحد في هذه المرحلة .
ب ) النظام يقوم على المساواة بين القائمة الجماعية والفردية ( ككيان سياسي ) من دون أن يتم تقسيم المقاعد المتنافس عليها عن طريق القوائم وعن طريق الترشيح الفردي بالمناصفة أو بعدد معين . كما إن الأصوات الفائضة في القوائم الجماعية ستعالج وفق قاعدة المتبقي الأكبر ، حيث يوجد عدد من المرشحين يحصلون على المقاعد وفق تسلسل اسمائهم ، ولكن كيف ستعالج الأصوات الفائضة في الكيان الفردي؟ إنها ستذهب سدى إذا زادت عن العدد المطلوب للمقعد الواحد !
ج ) تعويم علاقة عضو البرلمان بالناخبين ، فالمرشح الفائز سيجمع أصواته من كل أنحاء العراق وليس من منطقة سكنية معينة كمحافظة أو مدينة وبالتالي يكون مسؤولا أمامها ، كدائرة انتخابية ، يسهل التواصل معها .
د ) النظام لم يستطع أن يضمن توزيع المرشحين الفائزين حسب المحافظات ، في حين ضمن نسبة ال 25% للنساء كحد أدنى .
ه ) موعد الانتخابات سيصادف مع موسم الحج ، إضافة إلى إهماله لتصويت الطلبة والموظفين الذين يعملون خارج مدنهم ومحافظاتهم المسجلين فيها .
و ) التعليمات بشأن التصحيح لم تكن مدتها كافية ، علما إن المفوضية اعتبرت مسألة الخطأ بالجنس لا يعتد بها ويمكن تصحيحها أثناء الانتخاب ، بعكس الخطأ بالاسم كوجود نقطة زائدة أو ناقصة حيث سيحرم الناخب بموجبها من التصويت .
4* الموعد والمشاركة أيضا تؤجل أو لا تؤجل ؟
في اعتقادي لم يقم هذا التحديد ، منذ البداية ، على قراءة دقيقة للوضع وتطوراته ، برغم أنه تم تحديد الموعد في اتفاقية 15 تشرين الثاني 2003 والتي وقعها بريمر مع السيد جلال الطالباني رئيس مجلس الحكم حينذاك وانعكس هذا الموعد في قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية . وأرى إن حجج الداعين للتأجيل تحمل قوة ملموسة ، خاصة وأنها تصدر من بعض القوى التي لديها نفوذ في مناطق مستقرة ، كالقوى الكردية ، وهذا يبعد مسألة المناورة في مطلب هذه القوى كما نزعم . فالانتخابات لها مستلزمات على الجميع أن يحرص على توفيرها ، خصوصا ونحن في مرحلة إعادة بناء السلطة في دولة ذات جذور تاريخية معروفة ومكانة حضارية مرموقة . وإذا لم يتم التأجيل فان هذه الانتخابات تدخل في باب التجريب أكثر منها في باب العلاج الجدي بسبب المؤشرات الواضحة حول سلبية المواطن والأعمال الإرهابية وأصوات المقاطعة وضيق الوقت وضعف الأدوات التي تتطلبها العملية الانتخابية .
5* في ظل هذا الوضع ماذا تتوقع قبل الانتخابات وبعدها، في حالة إجرائها؟
+ من الطبيعي أن تتصاعد أعمال الإرهاب بسبب قلة الأدوات الحكومية وأخطاء عملية البناء للمؤسسات الردعية بسبب الفساد الإداري ونزعة الهيمنة والمحسوبية الحزبية الضيقة والتي تنعكس سلبا على مشاركة المواطن والحركات السياسية وبقية منظمات المجتمع المدني ، الضعيفة أساسا، في عملية نشر الوعي الأمني . كذلك أتوقع أن تنشب المعارك الفكرية بعد الانتخابات مباشرة ، خاصة في المفاصل الأساسية للدستور الدائم ، كمصادر التشريع والفدرالية وحقوق المرأة والطائفية السياسية ، علما إن خلط المفاهيم والخداع والمسوغات غير المنطقية هي السائدة في الساحة.
6* إذا تجاوزنا الانتخابات كاستحقاق علينا كعراقيين القيام به للتخلص من الاحتلال وفقا لقرار مجلس الأمن (1546)، فهل ترى أن الشارع السياسي والمواطن مهيأ للانتخابات ؟
+ مما لا شك فيه إن الانتخابات طموح عراقي وضرورة سياسية قبل أن تكون وسيلة أشار إليها قرار مجلس الأمن . ومن هذا المنطلق علينا أن نحرص على توفير المستلزمات الضرورية الكافية كي لا يتم إفسادها . أما بالنسبة للخلاص من الاحتلال فالانتخابات ليست هي الوسيلة الوحيدة ، بل هو ممكن بوسائل أخرى أيضا . ولكن طالما أن الظروف ومستوى الوعي قد حققا اتفاقا على هذه الطريقة ، فلابد من الإشارة إلى أن الشارع السياسي والمواطن غير مهيأ إلى الدرجة الكافية التي تتطلبها العملية الانتخابية في بلد كالعراق ، حيث أحدثت الدكتاتورية تشوهات عميقة في حياة المواطن ونفسيته ، ويكفي أن تنظر للولادات غير الطبيعية للكثير من الكيانات السياسية ، وسيادة التعامل النفعي في الشارع السياسي ، وهنا تكمن المخاطر وليس في العملية الانتخابية بحد ذاتها. فكيف يكون الشارع مهيأ والناس تتجاذبها الوعود وما يدفع لهم من مال واستخدام الدين في تحليل المشاركة أو تحريمها .
7* هناك فريق يرى إن الانتخابات غير جائزة في ظل الاحتلال فما هي وجهة نظر القانون الدولي وهل هناك حالات مشابهة للحالة العراقية؟
+ اذا تجاوزنا الاشارة الى الانتخابات التي جرت في العراق تحت ظل الاحتلال البريطاني في عشرينيات القرن الماضي ، فهناك حالات مشابهة للحالة العراقية وان اختلفت في بعض التفاصيل جرت فيها الانتخابات كناميبيا والبوسنة والهرسك واخيرا فلسطين . إن الفريق الذي يذهب إلى عدم جواز الانتخابات في ظل الاحتلال يكون موقفه صحيحا إذا اقترن ذلك بالعمل من اجل تكوين سلطة وطنية ، ومن خلال مؤتمر وطني عام وشامل ، وما عدا ذلك فالموقف يكون كلمة حق يراد بها باطل . الانتخابات هي استحقاق عراقي وقرار عراقي ومن يتصورها استحقاق دولي فأقل ما يمكن أن نطلق عليه انه موهوم ويحاول إيهام الآخرين . وعموما فالموقف الرافض أو المقاطع ، يمارس حقه وبالتالي كل من يتخذ أحد الموقفين فهو الذي يدفع الثمن في علاقته مع جمهوره وقواه الاجتماعية التي يعبر عن مصالحها .
8* مشاركة العراقيون في الخارج كيف نضمن آلية مناسبة تسمح بمشاركة العراقيين وليس غيرهم؟
+ إن إمكانية منع استغلال غير العراقيين لهذه العملية متوفر من خلال ممارسة العراقيين والجمعيات والمؤسسات والأحزاب الناشطة في صفوفهم ، لدورهم ومسؤوليتهم في الرقابة ، وليس من خلال ترك الأمر إلى سجلات المنظمات الدولية التي يوجد فيها الكثير ممن ادعى زورا بعراقيته وتمكن من الحصول على وثائق عراقية مزورة ، رغم أن هذا التزوير ممكن وهو يحدث حتى داخل العراق حاليا . إلا أن المشكلة تكمن فيمن ليس لديه وثائق عراقية وهو عراقي معروف أو أن احد أفراد عائلته لديه وثائق ، هذا بالإضافة إلى قلة عدد مراكز التصويت ، وهو ما سيعمل على التقليل من حجم المشاركة . إن صوت العراقيين في الخارج رافعة للديمقراطية الحقيقية وإنصاف للكثيرين منهم الذين ناضلوا بمختلف الأساليب ، بما فيها الكفاح المسلح ولهم الحق في ممارسة حقهم الانتخابي الذي قدموا من اجله الغالي والنفيس .
9* وهل ستكون جدوى سياسية لهذه المشاركة ، خاصة وإن الغالبية الساحقة بعيدة عن مجريات الواقع والساحة السياسية ؟
+ إن الجدوى السياسية من المشاركة تكمن في عملية الاستفادة من التجربة التي لا يمكن أن تتحقق بمعزل عن إرادة ومشاركة الناس ، وهنا لابد من القول بان هذه العملية برغم ما يعتريها من قصور وثغرات فإنها حركت شيء في الوعي السياسي والقانوني وطرحت الكثير من التساؤلات في الندوات والنقاشات في مواقع ومناسبات مختلفة ، وهذه أقل نتيجة وتستحق ، من دون شك ، أن نشارك من أجلها في هذه الانتخابات .
10* ألا ترى إن التصويت في حالة المشاركة سيكون على الانتماء القومي والديني والطائفي وليس على البرنامج السياسي والاقتصادي والاجتماعي ؟
+ نعم إن أغلبية التصويت سوف يذهب في هذا الاتجاه ، بسبب من أن العراقيين يخرجون للتو أو كادوا أن يخرجوا من نظام استبدادي عاتي أحرق الأخضر واليابس ، ترى آثاره التي لا تزال تؤثر سلبياً في مستوى الوعي ونزعة التفكير بشخصية الفرد وتقديسه ، وتعدد الولاءات الضيقة على حساب الولاء للوطن ومبدأ سيادة القانون وآلياته التي يجب أن تحترم ، ويكون تطبيقه هو المعيار وليس الشخص ولا درجة القربى ولا أية رابطة أخرى سوى القيم الإنسانية والتعبير عن المصالح والدفاع عن الحقوق القائمة على أساس المشاركة في الوطن واعتماد مبدأ المواطنة، وأقولها بصراحة إن دولة القانون ستكون ولادتها بطيئة وعسيرة في العراق .

أجرى اللقاء : محمد ناجي
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تسعى إسرائيل لـ-محو- غزة عن الخريطة فعلا؟| مسائية


.. زيلينسكي: الغرب يخشى هزيمة روسية في الحرب ولا يريد لكييف أن




.. جيروزاليم بوست: نتنياهو المدرج الأول على قائمة مسؤولين ألحقو


.. تقارير بريطانية: هجوم بصاروخ على ناقلة نفط ترفع علم بنما جنو




.. مشاهد من وداع شهيد جنين إسلام خمايسة