الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤخرة دبلوماسية في ذكرى ليالي الأنفال

علي سيريني

2012 / 5 / 4
الادب والفن


يا خاسرا عمرك في القمار
وهل تملك بعد ما تخسره
غير الأيام التي تبقّى
وغير القطرات الأخيرة والدينار

شمس عمرك على وشك المغيب
والشهوات لم تزل تقارع السقوط
تتمايل في سَكْرةٍ
على طاولة القمار
بعد جولات روليتٍ طويلةٍ أفضت جيبك الملآن
من النقود
جلست حائراً خائر القوى
تلعن حظك العاثر
وعيناك كالناعور تدوران في ظلام دامس
مرتجفا قليلا كأنك تختفي خلف دخان السكائر
فرفعت فوقها كأس الهزيمة
ترشف حاسراً آخر الخمرة من قاع الكأس
يترآءى لك كالبحر المتلاطم أمواجه
ترى فيه نفسك كغريق يتشبث بذيل الكأس
وطيفك الماثلُ يذوب في العار

تتمايلُ تتمايلُ تتمايلُ

تتشابك أمام ناظريك
سياسةٌ وثمالةٌ وإفلاسُ
لكنّ عاهرة في ردهة الفندق تملّ من الإنتظار
تبدد المشهد بضحكاتها
لاعبةً نفسها وهي تلعن
تبعثرك مع الكلام عند الحراس
تشتمك عالية الصوت لكي تسمعها
ولكي تسكت بقبضة دولار
وثعيبانك تحت البنطال يشخر في نوم عميق
لن يقوم
ولو نفخ الف هندي في المزمار
تغادر العاهرة وتترك في خيالك صورتها
هلكتك في زفير وشهيق
أو لهذه الوقعة أهدرت مال اليتامى يا رفيق
وخليلة العمر ها هناك بعيدا تتسامر مع الساهر
كشهرزادٍ تسبحُ في غير المباح
ريثما يخمد لدى حبيبها لهيبُ النار
لكنك ما زلت ضائعا في الكأس
تجرّ أذيال الخيبة
وتطرق في اليأس
مهلهلاً وربطة العنق خاوية حول الرقبة
كأنها طوقٌ من نار
ورداؤك من الخلف معرّضاً ظهرك
لعين الرقيب
تبتسم نادلة البار وتلملم ذيل نظراتها على أدبارك وتضحكُ
ويضحك المقامرون
ثم تلعنها والجالسينا
فيدفعونك انت الوقور امام الشاشات
ذليلاً خارج الدار

تتمايلُ تتمايلُ تتمايلُ

تمسكُ قامتك في باحة الدار على الطاولة
ويداك ترتجفان
تخور قليلا وتسقط خائباً تحت الجدار
يشيلك عاملان نحو غرفتك جثةً ثقيلة
تشخر في النوم طول الليل
الى رابعة النهار

تستيقظ ورأسك الملآن لم يزل طافحاً
تستفرقُ فتغفو ثم تقوم مرغماً
وعيناك كعيني الثور تلتهبان في إحمرار
تجمع حقائبك المبعثرة متحسراً
تمشي متمايلاً محدودب الظهر كأنك على أربعٍ
تطرق رأسك صاغراً كالحمار
مُطبقاً تدبُ نحو المطار

تهرعُ وقلبكَ الفارغ يهوى البلاد
كأنها حبل نجاة
تملأ فيها جعبتك من جديد
فالنفط مازل هادراً يدرّ على خزائن الشعب
عشرات المليار
تُسرقُ من قِبَلِ الجباة
تبني من جديد في عشكَ الباه النزيف
رحلة أخرى الى بيروت
أو أي مدينة أخرى
في فنادق الزناة
لكن مذيعات الأخبار أضفن على أسفارك
بعض الملح والبهارِ
قلن أنك في سفرٍ من أجل الوطن الممزق
ومن أجل شعب الله المحتار

عدت الى الوطن
ورأيتَ من بعيد أطفال القرى والأحياء الفقيرة
تتمرغ في الوحل

ومراكبُ أهلهم في ألف عثار

قطعتها مسرعاً نحو ملهى الكبار
وأي كبار؟
أشجعهم ككلبٍ مؤدبٍ أمام الضيف الأجنبي
يكاد يقبل رجليه
لولا أن الكاميرات تدق في الخلف الف مسمار

وتدور الدائرة
ويبدأ السفر من جديد
في سلسلة الأسفار
قبل المغيب الأخير
وتهطل الميزانية سبعة عشر مليار دولار
وتمضي في النزهاتْ
ترينا تفويضاً من الثوراتْ
أكل منها السرّاق والعاهراتْ
ثوراتْ...!
حين كانت الطلقة تُدفع بالدينار
مسنداً ظهرك الى حضن المعمم الثوري
هل تتذكرُ!
كيف كان يدلك خنجره من تحتك
ويتأوه خلف الأسوار

تمضي الآن أيها الخاسرُ
لتبذر النفط كأنه رمال
وآخر القطرات ترسم خلفك خيطا طويلا
يشم ريحك يتامى الأنفال

ستبكي مثل النساء على هذا الملك يضيع قريبا

وعجوز تقول: يا بوعبديل لم تحفظ ملكك مثل الرجال!*

فامضي إذنْ الى القمار
فالشعب سيسعد بمنيتك غدا
وجثتك التي ربيتها في العار
تلقفها في صبح قريبٍ ألسنةُ النّار

* ابوعبديل آخر أمراء غرناطة بكى على تلة في عام 1492 بعد ان سلّم مفاتيح غرناطة لإيزابيلا و فرديناند. فقالت له أمه عائشة: ألا فلتبكي مثل النساء ملكاً لم تحافظ عليه مثل الرجال.

24/4/2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا


.. شكلت لوحات فنية.. عرض مُبهر بالطائرات من دون طيار في كوريا ا




.. إعلان نشره رئيس شركة أبل يثير غضب فنانين وكتاب والشركة: آسفو


.. متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا




.. أون سيت - هل يوجد جزء ثالث لـ مسلسل وبينا ميعاد؟..الفنان صبر