الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عمال بلا عيد

وديع العبيدي

2012 / 5 / 4
الحركة العمالية والنقابية


(لأنّ يوم العيد، هو يوم العمل الحقيقي والمتميز!)..
بدء.. أتوجه بالتحيّة والحبّ للعامل الكادح والطبقة العاملة المناضلة من أجل حياة حرّة كريمة ولائقة!.
وثانيا أقول أن وجود العامل هو حقيقة قائمة، بغض النظر عن موقف السياسي والحاكم. ويبقى السياسي والحاكم مؤقتا طارئا، بينا العامل والعمل والابداع حقيقة متحرّكة فاعلة في صناعة الحياة وتحسينها للمستقبل.
وطالما أن وجود العامل مشتقّ من العمل [عَمَلَ يَعْمَلُ عَمَلاً (فهو) عَامِلٌ!]، فلا غرابة أن "حكومة" في العراق لا تعمل، لا تحبّ العمل ولا تجيده، تتهرّب من مواجهة/ مقابلة وجوه العمّال الكادحة، فالذي يعمل يحبّ العمّال وينتمي إليهم، و(العاجز).. الذي لا يعمل ويخاف من العمل، لا يحبّ العمّال، ويخشاهم.. بل ويهرب منهم.
فالعمّال وعيد العمّال في عراق اليوم، هو إدانة عظمى لحثالات الحكم المتسلّطة على موطن الحضارات باسم دمقراطية الاحتلال المزوّرة، وقوّة تصريف مساوئ الحكم الايراني المختلّ. فالدين في أصوله التقليدية، ومؤسّساته ورجاله وأحزابه الحديثة، هو مجرّد كلام، وكلام مجّاني؛ لا يجري من العقل والتفكير السليم، وانما ينسب نفسه لمصدر غيبي قدسي معصوم، يخشى من المواجهة والمناطقة والحوار. كلام تسلّطي استبدادي عدائي وأعور [أي يرى بعين واحدة فلا يرى سواه!]. والتأمّل في معنى مفردة (دعوة) لا يدلّ على شيء غير (كلام)- [دعا يدعو دعوة ودعاء!].
بل أن عمق الأصول اللّغوية لمرتزقة الدين، كان وراء الرّومانسية الجوفاء لمسميّاتها (التركية) الدينية الجديدة كما جرى في مصر [الحرية، العدالة، النور، الوسط، التحرير، الاصلاح، الفضيلة، التوحيد، النهضة]، أثر افلاس مسمياتها التقليدية. أما مجال عملها فلا يتعدى مجال الاعلام واضطهاد الرأي ونشر الفتاوي المخجلة. ولا يُستبعَد يوم تبدأ الجماعات الدينية في العراق بتقمص مسميات لغوية رومانسية، جريا على النموذج التركي والمصري. ولكن الأصل في (تغريب) فكرة العمل لدى الاحزاب الدينية يبقى ثابتا ومشتركا، ولا يخرج عن دائرة (الغربنة والاغتراب) لغويّا واجتماعيّا.
*
حسنا فعلت حكومة الاحتلال المزدوج اليمينية بتجميد مناسبة (الأول من ايار عيد العمّال العالمي)، لكي تبقى متجردة من أيّة (حسنة!) تدخل في سجلها الأسود. ويبقى على المواطن التساؤل، لماذا تسمح الحكومة وتشجّع مسيرات راجلة دينية تقودها الخرافة والجهل واستلاب الذات، ولا تسمح بمسيرة عمالية لا تتجاوز بضع ساعات من نهار واحد، ولمرّة واحدة في العام.
فمطاليب العمل ومعاناة العمال وملايين الشباب العراقي العاطل عن العمل تضع مؤسسات الحكومة وتصريحات ساستها على المحكّ. وتفضح صفحات منجزها السوداء الحافلة بالدم البرئ ومكوك/ صكوك العمالة بين البيت الأبيض ومرشد الثورة الايراني.
و ننسى، أن أول تظاهرة شعبية انطلقت في باكورة الاحتلال، كانت مسيرات العاطلين عن العمل، ومطاليبهم بايجاد فرص عمل كريمة ولائقة. ونعرف جيدا، كيف التفّ بريمر على تلك الحشود بالخمسين دولارا –مصروف جيب- بدل فرصة العمل النظيف. أما الخطوة التالية للالتفاف، فكانت فتح باب التطوع في سلك الشرطة، وسلك الجيش لحماية حكم الاحتلال. وكان أولئك العسكر، هم أداة الحكومة الرخيصة في اضطهاد الشرفاء والمناضلين وأصحاب الضمائر الحيّة، في انتهاك البيوت والمكاتب النسائية ومقرات الأحزاب والصحافة المناوئة للحكم.
وبامتلاك القوة الأمنية والعسكرية المسلحة، تكشف الحكومة عن حقيقتها، وعلى العراقيين قراءة واقعهم اليومي وتمعن ملامح حكومتهم وشياطين غفلتهم، لوضع حدّ للتردي في الهاوية.
وقد آن للمثقف العراقي، أديبا وكاتبا وأكادميا، الخروج من بردة التقيّة، لكي يستعيد دوره الحقيقي بين الكادحين والفقراء!.
*
موقف الحكومة من عيد العمّال، يؤكد واقع انتماء الطبقة العاملة العراقية، المنظمة أو غير المنظمة، إلى صفوف المعاناة والمكابدة والتغييب المضطَهدة، في ظلّ نظام ينسب نفسه "زورا"، للدمقراطية التي لا تنفك –أصلاً!- عن ميثاق حقوق الانسان ومبادئ المجتمع المدني، المعدومة أصلا في مجتمعاتنا التقليدية.
وأنه لَممّا يشرّف العمّال وكلّ المضطهدين والمرفوضين، أن يكونوا في الصفّ المعارض، لسيناريو تدمير العراق وعزله الحضاري والانساني. ويتطلب منهم تنظيم مطاليبهم وتوحيد سياساتهم ومواقفهم والتقريب بين وجهات نظرهم، لوضع آليات عملية واقعية محكمة، تستثمر كلّ قواها وامكانياتها، لتجذير صلتها بقواعد الجماهير الكادحة والمثقفة والمتوسطة، والعمل على تحرير العقلية التقليدية من السلبية والظلامية، لما يخدم تحسين مستوى الحياة والعمل والابداع.
العيد الحقيقي هو المراجعة الحقيقية الواعية والموضوعية لتاريخها ومبادئها، واستعراض المواقف الصعبة والمختلفة خلال العهود الملكية والجمهورية المتعددة، والاعتراف بضرورة وضع خطط ومشاريع وسياسات جديدة تتناسب مع واقع الاحتلال المزدوج [أمرو- ايراني] رغم تناقضه الظاهري، لكنه متفق ضمنيا في جوهره اليميني العنصري، ومخطط التفريغ والتدمير والتبعية ازاء العراق.
ان موقف الحكومة، بقدر ما يشكل حماقة سياسية ومخالفة دستورية، يبقى نابعا من موقفها الفكري اليميني الرّجعي من الجماهير وقواها التقدّمية والعاملة. وهي إذ تؤكد بذلك انفصالها عن القاعدة الشعبية وغربتها الثقافية عن الانتماء العراقي، تقدم فرصة مجانية، للقوى النضالية الصميمة في الشعب العراقي، لملء الفراغ السياسي والثقافي الوطني البديل، لحمل هموم الوطن، ومستلزمات الجماهير، وجرح الكرامة العراقية، إلى مستوى يليق بهامة الوطن الحضاري، واستشراف مستقبل لائق..
العمال.. هم أبناء الوطن، أبناء الأكواخ والبيوت الباردة، هم خدّام الوطن وحماة خبزه وكرامته!
والانسان الحقيقي.. هو الذي يحتفي بمن يقدّم له الخبز والكرامة..
وليس التابع لمن يبتز قوته وينتهك كيانه بعلف أفكار غيبية فاسدة!..
تحية وحبّ..
فمن هناك!..
من أعمق نقطة في جرح الوطن..
"صويحب، من (يصيح)، المنجل يداعي!"..
يبدأ المستقبل.. ويرتفع هدير الماكنة
معلنا رائحة الخبز.. الحقيقي!.
2012
لندن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصطفى حسني يحدثنا عن العامل المشترك بين الصحابة رضي الله عنه


.. آلاف العمال الأجانب في لبنان بلا مأوى مع ضعف الإمكانيات




.. الصحة العالمية: مقتل 28 من العاملين في مجال الصحة في لبنان خ


.. وقفة أمام محكمة أسترالية احتجاجا على حظر مظاهرات في ذكرى -طو




.. فرنسا: -عودة إلى عهد التقشف- • فرانس 24 / FRANCE 24