الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عقلنة العقل بين صراع الإنسان و الأديان

يحيى الإدريسي

2012 / 5 / 5
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


أيها الغر إن خصصت بعقل فاتبعه، فكل عقل نبي.
أبو علاء المعري.
الريح التي هبت من هنا، لا يمكن أن تعود بنفس القوة في نفس المسار، هكذا كانت ريح الربيع العربي في ثورات الحلم المفقود، ريح ما لبثت أن اصطدمت بحاجز الاتفاق على عدم الاتفاق: خاصية العرب المميزة في كل الأزمنة و الأمكنة.
إذا كان مفهوم الثورة يستخدم في سياقات و معان كثيرة، أغلبها يتسم بتشكيل تغييرات جذرية و أساسية في فعل من الأفعال، فإن ما سمي بثورة الربيع العربي لم تكن بثورة حسب المفهوم الفلسفي للثورة، بل كانت شبيهة بانتفاضة شاذة في جوهرها و مظهرها بطعم أغرب من الفهم، فما كان من هذه الثورة إلا أن نشرت غسيلا لصراع داخلي تعيشه الدول العربية الإسلامية ، حيث خرجت جماعات و جهات من قلب ما بعد جهادهم الأصغر في قطف رؤوس حاكميهم بمطالب متناقضة و مختلفة أضاعت المرجو من الثورة و انحرفت بشكل رهيب عن الحد الذي كان يمكن أن يقربنا من إنارة الظلمة التي عشناها و لا زلنا نعيشها و بالتأكيد فهي ستبقى مع أجيالنا القادمة.
لا دين في حياة السياسة و لا سياسة في حياة الدين، جملة من متناقضات ما بعد الثورة خرجت بها مجموعات للتعقيب على ظهور الإسلاميين في الساحة السياسية، فمن حق أي كان النقد، لكن ليس من حقه التهجم و محاربة عقائد و إيديولوجيات الآخر.
صراع فئات و جماعات جوهره صراع معتقد و فكر، دين و سياسة. حدث في الوجود و تهجم على الموجود لإنقاذ المتداعي في عقول شحنت بجراح التاريخ. نعم فصراعات اليوم نتيجة ما ورثناه عن تاريخنا الأسود بالأخطاء.
الإختلاف جميل في كنهه لمن يفهم كيف يخدمه، لكنه عندنا نحن العرب فهو دلك الشيء الذي يمكننا من خلاله إخراج المكبوت من تاريخنا. فصار العلماني منا ملحدا كافرا مريضا نفسيا و المتدين متطرف إرهابي شوفيني .....
هكذا أصبح منطلق الحرب اللغوية بين دعاة التفلسف و الحرية " الارسططاليسيون العرب" و بين المتدينون خصوصا " السكولاستيكيون العرب" أولئك الذين تبنوا الفكر التصوفي السلفي الذي شوه مبادئ الإسلام عبر التاريخ عبر 14 قرنا و كسروا المعايير الإسلامية الداعية للتعايش و التسامح و عدم نبذ الأخر مهما كانت إيديولوجياته العقائدية أو الفكرية و الدعوة بالتي هي أحسن.
تًنًاسِينا لما نحن عليه كبشر إنسان، و تناسي دور ما ميز بنا به الله من عقل و دوره و الاعتماد على أهواء من سبقونا من خلال مصطلح التاريخ. تناسينا لكيفية عقلنة أمورنا و الاعتماد على تأثير معارف اكتسبت بالنقل و التلقين و الوراثة، هذا ربما من بين أسباب انحطاطنا و صراع بعضنا البعض بعد تحريف الدين.
في استخلاص لمسافة من زمننا نعي جيدا صدق معاناتنا و ساحة التضليل الذي نعيشه نتيجة تناحر الماضي و الحاضر و إهمال مشروعية تحرير هذا التاريخ من الشوائب و سوء الفهم الذي وجدنا أنفسنا فيه.
رغم أن حياتنا بسيطة لكن لا اعتقد أن هناك تعقيد أكثر من بساطة هذه الحياة التي نعيشها، بساطة فيها مستقبل معتمد على جراح الماضي ممزوجة بمكتسبات التقليد الأعمى الأعور و المظلم من تجارب الأخر.
ختما ربما لا نملك المقومات التي تجعلنا نتصالح مع الماضي لكن نملك عقلا بإمكانيات متواضعة ربما عقلنته في الاتجاه الصحيح و ربطه بمستقبل الأجيال القادمة سيوقف مد التفسخ من الهوية العقائدية و الفكرية الذي سيكون مآل أجيالنا القادمة التي ستأتي بوجه ذابل و فكر ضائع و صمت ذاهل و سترقص على إيقاع لحن أخطائنا، لحن نزق يقود أمتنا إلى مراسيم نحن ساهمنا في إعدادها لها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Read the Socialist issue 1275 #socialist #socialism #gaza


.. كلب بوليسي يهاجم فرد شرطة بدلاً من المتظاهرين المتضامنين مع




.. اشتباكات بين الشرطة الأميركية ومتظاهرين مؤيدين للفلسطينيين ب


.. رئيسة حزب الخضر الأسترالي تتهم حزب العمال بدعم إسرائيل في ال




.. حمدين صباحي للميادين: الحرب في غزة أثبتت أن المصدر الحقيقي ل