الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لقاء عراقي ...اسرائيلي

جبار محمد صالح

2005 / 1 / 28
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لا ادري كيف لانسان عربي عراقي مثلي تشكل وعيه الصغير في اواسط الستينات وسط جو مفعم بالمد القومي
والشعارات والمؤامرات الوهمية والحقيقية والموروث الديني المفلتر من كل ماهو عقلاني ان يشاهد اسرائيليا
وجه لوجه ،هذا الشخص الذي قضينا سنوات عمرنا نحاربه دون كيشيوتيأٍٍٍٍٍٍِِِِِِ
هذا الذي حملنا له تنؤء به الجبال ،كل اخفاقاتنا ،كل هزائمنا هذا الذي ليس له هم في الحياة سوى التامر علينا
وتخريب ديننا وتجنيد كل من نراه لايوافق اراء حكامنا للتجسس علينا وتدمير بلادنا،في سبيل ان اصل اليه واحاربه قضيت اجمل سنوات شبابي وانا البس البسطال واتدرب واحارب ابناء بلدي بل دولا اخرى مرورا بمسيرة ربما ستنتهي بلقاء هذا العدو ،وتحت شعار كل شىء من اجل المعركة ادخرت من قوت عيالي وحرمت نقسي من متع الحياة كي يوفر حكامي ما يشاؤؤن من الاموال في البنوك الاجنبية للمعركة المصيرية،ثلاثون سنة وانا ممتلىء يهذا الجو المشحون بالكراهية(مصطلح امريكي لكنه مناسب هنا)لهذا المخلوق ،نسيت ان اذكر اني بعد طول انتظار اعطيت لنفسي اجازة من معركتي المصيرية
وقررت السفر لاول مرة في حياتي بعد ان كان السفر مقتصرا علىالمرتدين اوالذي يحشدون الدعم لمعركتنا المصيرية
كان هناك في استقبال الفندق رجل يجلس دائما مع زوجته ويمازح النادلين والمارين ويشرب القهوة ويوزعها وانا اسلم عليه وهو يردولاادري مالذي انتابني وانا اسمع شخص سوري يهمس همسا بان ذلك الشخص اسرائيلي،ها هو اخيرا امامي وجه لوجه ،صرت احدق في قسمات هذا الوجه الحليق الذي يشبه الاوروبيون الباسم والمازح مع كل مار،ترى اين يخفي كل هذا الشر الذي خرب حياتي حتى جعلني خجلا كئيبا منطويا بعكس حيويته التي حيرتني لكني ظننت ان هذه خدعة اخرى لاتنطلى علي ،كان الجو مزدحما في مدخل الفندق فقررت الذهاب الى غرفتي.
مضى علي يومان وانا في هذه المدينة المبهرة (بالنسبة لي طبعا)كل شىء ،الشوارع والمحلات والنساء،لكني اشفقت على هؤلاء الناس البعيدين عن الدين والذي ليس لهم معركة مصيرية،مع اني تمنيت ان يعيش اطفالي في هذا الجو وان لايقاسوا ما قاسيته ،فكرت في وحشية الارهاب وقطع الرؤؤس وتفخيخ الموتى فايقنت ان هؤلاء الناس لايمكن ان يكونوا على صواب في أي شىء فكرت كثيرا في هذا الشخص الذي يجسد الاخر الملغي كما يسمونه هذه الايام الذي من المستحيل ان يرسل أي سيارة مفخخة لقتل اطفالي او ان يشجع هذا العمل تحت أي مسمى وفكرت في طفلان من زهور العائلة قتلهم اصحاب القضية المضحين بدمائهم من اجلها في حي العامل ،مها وزيد، كيف اني تمنيت وقتها ان لايذهب هؤلاء الابرياء الى الجنة التي امتلئت بهؤلاء الارهابيين الذين حجزوا مكانهم مبكرا ،كيف اني خفت على طهر هؤلاء الاطفال من ان يروا قاتليهم وهم يضاجعون حورياتهم في الجنة،تمنيت لهم النوم الابدي بسلام بعيدا عن الجنة الموعودة التي دنسها هؤلاء بمجرد حلمهم بها. واخيرا قررت ان اتحاور مع هذا الاخر ثم اني شاهدت مصرياوسوريا يتحاور ون ويتضاحكون ويشربون القهوة والسكائر معه فاذا كان اصحاب القضية المعنيون مباشرة يتحاورون فلم لااتعرف عليه واسمع منه مباشرة وانا في طريقي للكلام والتحاور الى الجالس ابدا كانه بانتظار قراري،قررت ان ارمي ثوابت الامة في اقرب مزبلة لكني خفت ان ادنس مزابل الاخرين بثوابت امتي.

سلمت عليه وجلست فبادرني بالسؤال من اين انت فقلت من العراق،ذكرتني لهجته العربية الركيكة بمسلسل رافت الهجان
اضافت زوجته بان امها من العراق ايضا ،ثم وضع يده على فمه كانه يسد فمه قائلا ؛ماذا نتكلم انت من العراق وانا من اسرائيل؟ قلت:بالعكس لدينا الكثير لنتكلم به، نحن الاثنان نعاني من الارهاب نفسه (قتل عشوائي للغير من اجل قضية)واصر على ان( مايقوم به الفليسطينيون ارهابا وبالاقل حتى لاتدنس ثوابت الامة المزبلة التي رميتها فيها يجب ان نعترف بذلك )كان الحوار بالنسبة له حوار لتمضية الوقت مع شخص عابراما بالنسبة لي هو معرفة ما اذا كانت ثلاثين سنة من عمري قد ذهبت هباء.
اصرت الزوجة على استدعاء امها التي عاشت مطلع شبابها في بغداد ،جاءت الام التي تحمل حنينا كبيرا للعراق تسالني عن الاماكن والناس وكان فارق العمر بيننا لايسمح لي بجواب كل اسئلتها،وبالمناسبة هؤلاء الناس يتكلمون اكثر من اربع لغات
لانهم يحتفظون بلغاتهم الاصلية من البلدان التي جاؤؤا منها ويتعلمون لغات جيرانهم او اقرانهم في العمل اوفي الشارع ...
سالت الشخص(الاخر) عن عمله فاجاب بانه متقاعد ويستلم راتب مقداره 1500$( لاادري كيف سيمحو اصحاب القضية من الوجود دولة تعطي لمتقاعديها 1500$ ) وزوجته متوقفة عن العمل لكنها تستلم راتبها كاملا والسبب بسيط لانها انتقلت الى بيت جديد وحسب قانونهم فاذا كان البيت يبعد عن مكان العمل كذا كيلومتر فالدولة تتعهد بايجاد عمل جديد قريب على محل السكن وريثما تجده تدفع لها الراتب ،فكرت في جندينا الذي اوكلو اليه اولوا الامر بوحي الهى مهمة التحرير يذهب من بيته في البصرة الى وحدته بالموصل باجور تعادل راتبه الشهري مما يضطره للتسول حتى ياكل، هذا الاخر
، يتحدث عن جاره العربي الذي تدفع له دولة اسرائيل عن كل طفل جديد ما يمكنه من الجلوس في البيت وتفريخ الاطفال
بدون عمل ،يحلمون بدولة من الفرات الى النيل ونحلم بقتلهم ورميهم بالبحر ،وحتى يحققوا حلمهم ينسحبون من سيناء ومن جنوب لبنان ومن غزة من طرف واحد حتى يدعوا لاصحاب الارض الحرية في رفع صورة البطل القومي صدام حسين والشيخ ياسين والرنتيسي ولازلنا نحاسب على النوايا ولا نشجع الافعال فقد علمنا شيوخنا ومنظرينا الافذاذ انه حتى لو قال لنا اليهود تعالوا اقتلونا وارمونا في البحر لقلنا انها مؤامرة يهودية لكسب عطف العالم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة : أي دور للمثقفين والنجوم؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مذيعة CNN تواجه بايدن: صور الأطفال في غزة مروعة وتكسر القلب.




.. تغيير العقيدة النووية الإيرانية.. هل تمهد إيران للإعلان الكب


.. المستشفى الإماراتي ينفذ عشرات العمليات الجراحية المعقدة رغم




.. الصين تتغلغل في أوروبا.. هل دقت ساعة استبدال أميركا؟| #التاس