الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألفنّانُ المجهول هو إحسانٌ وَفَرَجٌ للإنسانية

محمد صادق

2012 / 5 / 5
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


زارني قبل يومين شخصٌ لاأعرِفَهُ , وإنّما تعارَفنا صُدْفَةً عن طريق عشيرتنا الجديدة , عشيرة الفيسبوك والتي أنا أعتّزُ بهذه العشيرة الكونية , لأنّ أحلى مافيها كونها خالية من منصب رئيس العشيرة وألأفخاذ وألأردان وألبطون والخدم والحشم , بل كل ألمنتمين متساوون.
عشيرةٌ تتكون وتَجمَعُ وتختصِرُ المسافات وتَتَطرّزُ بأعمق الإختلافات , لكنها تتوحَدُ من أجل مصير الإنسان , ومن أجل التعايش السلمي بين ألإختلافات , لأنّ الذي زارني يدعو كما أنا أدعو لحديقةٍ واسعةٍ غناء , تزهو بألوانها وعطرِها الفواح وَتَضّمُ كافة الورود كما تَضّمُ قليلاً من ألأشواك , فالوردُ لايُعرَفُ طيبَتِه دون الشعور بمغص ولدغةِ الأشواك .
بعد أن جمعتنا عشيرتنا الجديدة ( عشيرة الفيسبوك ) قبل أشهر , واللايكات المتبادلة بيننا , وأفكار العشائرية الجديدة, أخذ الودُ الإنساني يجمعنا وصار الإحساسُ بالألم المُشتركِ القاسي والمخفي تحت الشعارات البراقة واليافطات التراثية البليدةِ تُقَرِبُنا أكثر إلى بعضنا البعض , ولحِسِّهِ ومشاعرهِ الإنسانية المُرهَفَة , طلب مني السماح باللقاء , ودون تردد قبلتُ دعوتهِ الكريمة .
لقد قطع هذا الإنسان الراقي مئات الكيلومترات , وقاوم قساوة الإبتعاد عن فلذات كبدهِ , لكي يلتقي بإنسان مجهول لايَعرِفَهُ .
لأنّهُ إنسانٌ رائع , كان يُفّكِّرُ بكل شيء , قطع عني كل طرق الإمداد لأقوم بواجبي تجاهه , أتى بكلُ هدوء , وحجز لنفسه الفندق في بلدتي , ومن ثمّ قام بالإتصال بي مُتَمَنّيا سرعة اللقاء , وفعلاً حصل اللقاء , وعندما إلتقيته , رأيتهُ يحمل هموم الإنسان وآهاتِهِ , كما يحملُ الهدايا القَيّمَةِ لي , وتعانقنا في لحظةٍ إنسانيةٍ فريدة , كأنّ أخاً قد لاقى أخيه بعد فَرجٍ من أسرٍ طويل .
ومن محاسن عشيرتنا الجديدة إننا نلتقي فوق الإختلافات , بل نقرأ ما يَشُعُّ من نور في أعيننا , إجتمعنا في مكانٍ يجمعُ بين مُتَطَلباتنا نحن الإثنين , فالهدوء وشروط البيئة الصحية كانَتا مطلبه , والضجيجُ والتدخين كانا مطلبي , فأتفقنا أن نلتقي في حديقةٍ وفضاءٍ مفتوحٍ لأحد النوادي الثقافية , ومن حُسن الحظ والصدف إنضَّمَ إالينا صديقين عزيزين الى أُمسيتنا الرائعة .
لقد تكلمنا عن الهموم الإنسانية المشتركة , عن الزمن الجميل المفقود , عن البراءة الإنسانية المفقودة , وعن أشياء جميلة وتراث سنفقده , وعن مسميات وأفكارٍ بدأت تغزونا , وكانت تتخللها نكات طريفة من الجميع , الرجل الضيف لم يخفِ إعجابهُ وإستحسانه بأفكاري ومقالاتي , وقد شكرته على هذا اللطف والكرم والإعجاب . لقد شَدّ على يدي وأناملي متمنيا لي الإستمرار بالكتابة لكن دون الإحتكاك بالألغام خشية إمتعاض وغدرِ زارعيها.
لقد كان ضيفي العزيز كنزاً للفن , لكل دولة نُصبَ جُندّيٍ مجهول , لكن صديقي الجديد هو الفنّان المجهول , والصامت بين صراخ الدعاة الجدد , لكنه سيبقى هو وأمثاله المجهولين أملاً , وإحسانا , وفَرَجاً للإنسانية المجروحة التي لازالت تنزف دماً.......








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة تقتحم جامعة كولومبيا لتفريق المحتجين| الأخبار


.. مؤشرات على اقتراب قيام الجيش الإسرائيلي بعملية برية في رفح




.. واشنطن تتهم الجيش الروسي باستخدام -سلاح كيميائي- ضد القوات ا


.. واشنطن.. روسيا استخدمت -سلاحا كيميائيا- ضد القوات الأوكرانية




.. بعد نحو 7 أشهر من الحرب.. ماذا يحدث في غزة؟| #الظهيرة