الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى متى؟

سعيد خليل المسحال

2012 / 5 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


إلى متى؟
إلى متى سيستمر خلل الحكم في مصر؟ وكيف من الممكن أن يستتب الأمن وتثبت الدولة على حال بعيداً عن خطر الزوال.
نظام الحكم الديمقراطي كما نعرفه في كل أرجاء العلم المتقدم يتألف على النحو التالي من أسفل إلي أعلى:
1. مجتمع متصالح مع نفسه ومع مؤسساته، ومثقف ويعرف كيف يوافق وكيف يحتج دون أن يسبب قلاقل وخلل يصعب إصلاحه.
2. أحزاب ذات قيم ديمقراطية ثابتة، وذات مبادئ سياسية قائمة على أسس متينة من احترام الرأي والرأي الآخر، والقبول بمبدأ تبادل السلطة بين أغلبية تحكم وأقلية تراقب وتعارض بأسلوب حضاري هادئ إلى أن تتمكن في انتخابات نزيهية تالية من الوصول لأن تصبح أغلبية فتحكم... وتلك الأيام نبادلها بين الناس.
3. حكومة على مبادئ ثابتة من الحفاظ على نظام الحكم وعلى الدستور وعلى كل المصالح العليا للوطن، والعلاقات القائمة بينه وبين غيره, ويُختصر دورها في التغيير الهادئ المريح الذي لا يحدث هزات اقتصادية أو قلاقل اجتماعية أو عواقب غير محمودة بالنسبة لعلاقة الوطن والشعب بمحيطه وبالعالم.
4. رئيس دولة يكون بمثابة الحكم حتى لا يجور ولا يتغول أحد على أحد، وهو الرقيب والموجه للحكومة بكافة مكوناتها التشريعية والتنفيذية والقضائية والأمنية, وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة, وله أن يحل الحكومة أو البرلمان على أسس يتضمنها دستور شامل لا يتغير إلا بالاستفتاء العام للشعب بكامله.
هذه هي القواعد والأسس الأربعة التي يقوم عليها ثبات الأمة وازدهارها، وكل تلاعب في هذه الأسس سيشكل هزات وزلازل إن زادت ستطيح بالشعب والوطن وتوردهما موارد الضياع والهلاك.
وإذا نظرنا إلى مصر في هذه الآونة نلاحظ ما يلي:
1. وجود شعب تزيد فيه نسبة الأمية والجهل بحيث من الصعب أن نعتبره مجتمعاً ناضجاً ومستعداً لأن يتقبل الأسس الديمقراطية ويلتزم بها ويسير عليها.
2. وجود أربعة حركات دينية (على الأقل) وكل واحدة منها تدعي امتلاك زمام الأمور أو تدعي بحقها في امتلاك زمام الأمور، جماعة الإخوان المسلمين, وجماعة السلفيين، والجماعة الإسلامية، وجماعة الإصلاح.
كل حركة من هذه الحركات لها أربعة مستويات تنظيمية, القيادة العليا ممثلة في مرشد وهيئة إرشاد, ثم حزب سياسي منبثق عن الجماعة وله هو الأخر هيئة قيادية, ثم أعضاء الحزب المفرزين من الجماعة، ثم جمهور الجماعة بتنظيماتها الهرمية من القاعدة وحتى الرأس المتمثل في المرشد العام. وهنا يكمن الخطر حيث أن الطاعة للرأس ملزمة للجميع, ومن ثم فحرية الرأي وحرية أخذ المواقف لصالح الشعب أو لصالح الوطن أو لصالح الوحدة الوطنية أو لأي أمر سياسي أو اجتماعي أو ديني غير ممكن وغير مسموح بها, وهذا يشكل عائقاً ضخماً في مجال العمل السياسي على وجه الخصوص ويؤدي إلى أن يصبح التعامل العادي الحر مع الآخرين غير ممكن بل مستحيل.
3. وجود كم هائل من الفقاقيع الحزبية لحركات أو لأفراد على خلفية اشتراكية أو ليبرالية أو تحررية أو شيوعية أو عروبية أو مستقلة أو وطنية ضيقة. وهي في مجموعها لا تشكل وزناً يعتد به وغير قادرة على التأثير، ومن ثم تروج في اتجاه المشاغبة لتثبت وجودها فقط دون الاكتراث بتحقيق أية أهداف لها مضمون وطني أو اجتماعي أو سياسي.
4. نتيجة للانقلاب الذي أحدثته الثورة الهجين في 25 يناير 2011م والتي حتى الآن لم نعرف لها رأس ولم نرى لها مبادئ, فقد تسببت في وجود ما يسمونه الفلول وهم يقصدون أعضاء ومؤيدي الحزب الوطني المنحل وجمهرة المستفيدين من الحكم السابق, وكذلك مجموعة الرأسماليين الذين تكونت ثرواتهم في ظلال الحزب المنحل وبالتواطؤ مع رموزه. وهؤلاء انقسموا إلى أربعة مجموعات, مجموعة في السجون وذيولها في الخارج, ومجموعة تخشى أن تصل للسجون وبذلك فهي وأتباعها تسعى (بغباء) للدفاع عن النفس بإثارة المشاكل للدولة وللمجلس العسكري الذي يحكم حالياً وتندس في صفوف كل الفئات لكي تحملها أوزار أعمالها. ومجموعة ثالثة انقلبت لتأييد الثورة وأصبحت أكثر قسوة على الحكم السابق من منتسبي الثورة حتى لا تطالها عواقب ذلك الحكم بعد أن كانت غير قادرة على الاستفادة منه في وجودة. ومجموعة رابعة انضمت إلى الأغلبية الصامتة وذابت فيها وأصبح شعار "أنا مالي" هو المبدأ الحاكم لغالبية الشعب الصامت والجاهل واللامكترث بما سيعود عليه من شرور جراء صمته هذا في وقت كل المتحدثين لا يعتنون به وبشئونه بل بشئونهم هم لا أكثر.
وهكذا نجد أن الوضع في مصر حالياً ليس ديمقراطياً وليس مستقراً وليس صحياً على الإطلاق، بل في منتهى الهلامية والخطر على الشعب والوطن والاقتصاد ومستقبل الديمقراطية.
من هنا أرى أن الجسم الواحد السليم والمتوحد والقادر على الفعل هو "الجيش", فإذا عزف الجيش بفعل الضغوط الخارجية أو الداخلية عن القيام بدور واضح وحازم فإن الجيش سيخسر وطنه وشعبه ونفسه.
ليس مطلوباً في مثل هذا الوضع التسامح والتهاون, وليس مطلوباً التقيد بلعبة الديمقراطية المزيفة, وليس مطلوباً السكوت على هذا الكم الكبير من زعران السياسة من كل حدب وصوب، وعلى زعران الإعلام المرتشي أو المضلل أو الموجه من كل حدب وصوب، وليس مطلوباً التهاون مع الفلول، ولا المطلوب التهاون مع الإسلاميين، ولا المطلوب التهاون مع الحركات السياسية المشتراه من الخارج.
المطلوب هو أن يمسك المجلس العسكري من خلال تكوين مجلس قيادة ثورة ورئيساً لمجلس قيادة الثورة وحل مجلس الشعب والشورى وإلغاء الانتخابات الرئاسية، وإعلان الأحكام العرفية والإمساك بزمام الأمن والاقتصاد لفترة زمنية تهدأ فيها الألعاب والتلاعبات وتستقر الأوضاع ثم نعود إلى ديمقراطية صحيحة مدروسة.
هذا هو الحل الوحيد السليم والذي يحتاج إلى قوة تنفيذية وقوة إعلامية وقوة سياسية بمساعدة رجال مصر الأحرار المخلصين وهم كثر.
هذا الحل يحتاج إلى صوت عالي ورزين ومنطقي وقوي وحازم.
هذا الحل يحتاج إلى الطلب من كل القوى المسماه ظلماً سياسية وهي ليست كذلك على الإطلاق، أن تلزم الهدوء والصمت وتفهم أنها أخطأت في حق وطن أعطاها أكثر مما تستحق فحرمته من كل ما يستحق، سواءً أكانت من الفلول أو من أحزاب اليمين أو من أحزاب اليسار، فإنها كلها قد أثبتت بنفسها للجميع عدم نضوجيتها وعدم وطنيتها وغرورها، ولهذا وجب أن تصمت وتنزاح جانباً أو أن يتم إسكاتها وإزاحتها... ولكن بالحكمة والهدوء ... وبالحزم والعزم ... والعقد والربط والحل بما فيه مصلحة الوطن والمواطن والأمة.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحقيق لصحيفة إسرائيلية بشأن الفشل الاستخباراتي يوم السابع من


.. حريق ناجم عن سقوط صاروخ على مستوطنة شلومي بالجليل الغربي




.. قناة إسرائيلية: هناك فجوات في مفاوضات صفقة التبادل وعملية رف


.. AA + COVER.mp4




.. -يفضل انتصار حماس-..أعضاء بالكونغرس الأميركي يهاجمون الرئيس