الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ناديله خيا حتى ما ينسى انه خي .

سناء لهب

2012 / 5 / 5
الادب والفن


أكرهك امي ..اكرهك لأني ما زلت أكتشف ان ما ارضعتني اياه من خرافات وأساطير عن الصدق والكرامة والنضال , ما هو إلا كفرا وعاراً لكل من يحملهم او مرضا قاتلا غير مُعدي ويجب رشه لتطهير كوكبهم الافتراضي .وتشويها خلقيا من الواجب تجميله وتحويله الى آنية كريستاليه لحفظ رماد الوجه الذي احرقته حروب المصالح الشخصية.
لا تحزني امي فكرهي لجدتي شهرزاد اكبر والتي ماتت وعاشت وغادرت رمادها غير مرة عابرة سلسلة من التقمص الغامضة على حافة بركة الذئاب لتعلمنا وفي كل ليلة عواء اللوعة بحثا عن ذواتنا .
اه يا إمي .... كم تمنيت ان اكتب لك رسائل الحب والشوق والتطمين ولكني عاجزة عن الهرب من الحقيقة العاهرة التي تحيط بنا وبكوكبنا المحتل .
كيف ذالك وأنا اسمعهم يرددون قائلين : "الحياة لعبة فإما ان تتقنها او تخرج منها " ...
هل حقا ولأحصل على تأشيرة الدخول لكوكبهم يجب علي ان اتقن رفع اعلام النواح والمديح والهجاء وأقطن جزر آكلي النسيان والحقيقة ؟
كيف اطمئنك وأنا اراهم يجتهدون بنشر الدعوة لدين جديد : "العالم غابة فإما تأكلهم او يؤكلونك "..
احقا علينا ان نتحول الى وحوش مُنتَهِبَة ناهبة حتى نفوز بحرب البقاء والثراء ؟ هل علي ان اخلع ملامحي بأبجدية تفتقر لحرف اللا ؟ ام ان اتعلم فن معايشة الظلال بين أصابعهم وأنا اصم اذني حتى لا اسمع صوت الغربان تنعق هلعاً في سراديب نكباتنا , وأطفالنا صاروا في زماننا يولدون بدون حنجرة وصار صوت بكائهم جثة قتلها السيد فراغ ؟
اتذكرين امي عندما كنت تصرين علي بالا انادي اخي باسمه " ناديله خيا حتى ما ينسى انه خي "
اليوم امي بات الأخ يتفنن بتعذيب ونهب اخيه وابن العم يسلب روح ابن عمه , والأخت تحولت الى عشيقة لزوج اختها .
وكلمة خيا باتت طقوس مجاملة بين الغرباء . والرحم الذي حملنا وكان لنا بيتا, اليوم ينتظر الموت في سرير الغربة والوحدة ببيت العجزة .
يسألونني ما كل هذا اليأس والحزن ؟
وكيف لا ونواح امهاتنا يزنر الكرة الأرضية , وأنا بدوري بدأت اتحول الى شبح ينوح على اسوار التاريخ في زياراتي الى مقابر الأحياء من حولي ... لعلي اقتنع بأن اقترض عمرا يليق بعربة موتاهم .
عمرا مبطنا بالقطيفة والحرير, والثرثرة والنميمة الحاسدة. عمرا اليفاً يلعق التثاؤب ومساحيق التملق والخنوع , وحضارة الهامبورغر والكوكا كولا , عمرا يحاول ان يقنعني بأن حالي كدودة افضل من فراشة تذوقت طعم الحرية .
ولكني عاجزة امي ان اكون كما يبغون , دودة , شبحاً يرتدي الحرير المرصع بالخنوع ,باربي بترها سيف الدولار . او كالقرد الثلاثة .!
كيف لي أمي ان اكون كما يريدون وأنا امرأة تعيش بقلب مزروع ؟ امرأة تتحدى كل اللغات التي لا يعرفها هذا القلب, انه قلب جدي المخلوع الذي ما زال ينبض في صدري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب