الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل انت من المتهكمين؟

مجدي زكريا الصايغ

2012 / 5 / 5
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


المتهكم هو الذى لايرى ابدا صفه جيده فى انسان ولاتخفى عليه اية صفه رديئه انه بومه بشريه يقظ فى الظلمه ويتعامى عن النور لايتصيد الا الخسيس من الطرائد اما الجيد منه فيتجاهله.نسب هذا القول الى رجل الدين الامريكى فى القرن ال19 هنرى وارد بيشر.. يعتقد كثيرون انه يصور بدقه نفسية المتهكم العصرى وقد ارتبط موقف التهكم هذا بمذهب فلسفى فى اليونان القديمه عرف بالكلبيه.
كيف تطورت فلسفة الكلبيين؟ ماذا يعلمون؟ وهل هذه الصفات التى اعرب عنها الكلبيون مرغوبه؟
الكلبيون القدماء-اصلهم ومعتقداتهم
كانت اليونان القديمه ارضا خصبه للنقاش والجدل.فعلى مر القرون التى سبقت عصرنا الميلادى طرح فلاسفه امثال سقراط افلاطون وارسطو الفلسفات التى جعلتهم مشهورين واثرت تعاليمهم تأثيرا بالغا فى الناس.ومازالت افكارهم منتشره فى الحضاره الغربيه.
حاج سقراط (470-399 ق.م) ان السعاده الدائمه لايمكن بلوغها بالسعى وراء الامور الماديه او التمتع بالملذات الحسيه.واكد ان السعاده الحقيقيه تنتج من تكريس الحياه لطلب الفضيله.واعتبر سقراط ان الفضيله هى الخير الاعظم. ولبلوغ هذه الغايه رفض الرفاهيات الماديه والمساعى غير الضروريه لانه اعتقد انها تلهيه. وتبنى الاعتدال وانكار الذات . فعاش حياة بسيطه مقتصده. طور سقراط اسلوبا فى التعليم عرف بالمنهج السقراطى. ففى حين يعرض معظم المفكرين فكرتهم ثم يدعمونها بالحجج فعل سقراط العكس.فقد استمع الى نظريات الفلاسفه الاخرين وسعى الى كشف الاخطاء فى افكارهم. وهذا الاسلوب شجع على موقف انتقاد الاخرين وعدم احترامهم.
كان بين اتباع سقراط فيلسوف اسمه انتيسثينيس(نحو 445-563 ق.م)وقد خطا هو واخرون بتعاليم سقراط الاساسيه خطوه اضافيه بالقول ان الفضيله هى الخير الاوحد. وبالنسبه اليهم لم يكن السعى وراء اللذه مجرد لهو بل شكلا من اشكال الشر. واذ تطرفوا فى معاداتهم للمجتمع. اظهروا ازدراء شديدا برفقائهم البشر. وصاروا يعرفون بالكلبيين والاسم كلبى او سينيك بالانكليزيه بأتى من الكلمه اليونانيه كينيكوس التى تصف تصرفهم الشكس والصلف. وهذه الكلمه اليونانيه تعنى:شبيه بالكلب.(الاحتمال الاخر ان الاسم مأخوذ من كينوسارغس. مبنى علم فيه انتبسثينيس)
صحيح ان بعض مبادئ الفلسفه الكلبيه كمعارضة الماديه والانغماس فى الشهوات ربما اعتبرت بحد ذاتها جديره بالثناء غير ان الكلبيين تطرفوا فى افكارهم الى اقصى حد وهذا واضح من حياة الكلبى الاكثر شهره - الفيلسوف ديوجينس.
ولد ديوجينس سنه 412 ق.م فى سينوب مدينه تقع على البحر الاسود ثم انتقل مع ابيه الى اثينا حيث اطلع على تعاليم الكلبيين. كان تلميذ انتيسثينيس وقد استحوذت عليه الفلسفه الكلبيه ويمكن القول ان سقراط عاش حياه بسيطه وانتيسثينيس حياة تفشف اما ديوجبنس فعاش حياة زهد. ولكى يؤكد رفضه لاسباب الراحه الماديه يروى انه عاش فتره قصيره فى برميل.
فى بحثه عن الخير المطلق يقال ديوجينس تجول يوما فى اثينا فى وضح النهار حاملا فانوسا مشتعلا يبحث عن انسان فاضل. لفت هذا التصرف الانتباه وكان وسيله تعليميه يستخدمها ديوجينس والكلبيون الاخرون. يروى ان الاسكندر الكبير سأل ديوجينس ذات يوم اى شئ يريده اكثر فأجاب هذا الاخير انه يريد ببساطه ان يبتعد الاسكندر حتى لايحجب عن اشعة الشمس. عاش ديوجينس والكلبيون الاخرون عيشة الشحاذين. لم يكن لديهم وقت للعلاقات البشريه العاديه ورفضوا الواجبات المدنيه. وربما بسبب تأثرهم بالمنهج السقراطى للنقاش صاروا عديم الاحترام للاخرين. وصار ديوجينس معروفا بسخريته اللاذعه لاكتسب الكلبيون الشهره . لكن ديوجينس نفسه لقب بالكلب ومات نحو السنه 320 ق.م عن عمر 90 سنه تقريبا. وفى اعلى النصب الذى اقيم فوق قبره تمثال كلب من الرخام.
تسربت بعض اوجه الفلسفه الكلبيه الى مدارس الفكر الاخرى. لكن غرابة الاطوار التى ميزت ديوجينس ولاحقا اتباعه اساءت الى سمعه المذهب الكلبى. واخيرا اختفى هذا المذهب كليا من الوجود .
يصف قاموس اوكسفورد الانكليزى المتهكم العصرى كما يلى:"الشخص الميال الى التعنيف او التعييب... من يظهر موقف الشك فى اخلاص صلاح دوافع الانسان وافعاله. وغالبا مايعبر عن ذلك بالازدراء والسخريه العياب المزدرى". تظهر هذه الصفات فى العالم حولنا لكنها بالتأكيد تتعارض مع الشخصيه السويه.
الله وحده يستطيع ان يقرأ قلب الانسان اما نحن فلانستطيع. لذلك يلزم ان نحذر من نسب بعض الدوافع الى الاخرين. اذا سمحنا لروح التهكم بأن تترسخ فينا وتسود تفكيرنا يمكن ان يحدث ذلك انقسامات بيننا وبين الاخرين ويمكن ان يعكر السلام.
واذا عانينا خيبات الامل.فقد يكون من السهل ان نسمح لانفسنا بالتأثر بروح التهكم. ولكن علينا ان نحارب هذا الميل اذا تعلمنا ان نقبل الناس على ماهم عليه .
يذكرنا المقال ان الكلبيون لم ينقرضوا فقد ازدادوا حولنا نراهم فى كل مكان فى جماعات متطرفه تريد فرض افكارها ومعتقداتها على الاخرين بالقوه. وكما انقرض الكلبيون القدامى سينقرض الكلبيون الجدد ويصبحون شئ من التاريخ.
دمتم بخير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقالة فيها الكثير من العبر
سوسن شاكر مجيد ( 2012 / 5 / 9 - 21:14 )
شكرا اخي على مقالتك فعلا ان العالم اليوم فيه العجيب الغريب من البشر والطباع والنوايا الطيبة باتت تتلاشى في الكثير من البشر لذا فان الانسان عليه ان يعمل بنية صادقة لكي يعم الخير

اخر الافلام

.. سائق يلتقط مشهدًا مخيفًا لإعصار مدمر يتحرك بالقرب منه بأمريك


.. إسرائيل -مستعدة- لتأجيل اجتياح رفح بحال التوصل -لاتفاق أسرى-




.. محمود عباس يطالب بوقف القتال وتزويد غزة بالمساعدات| #عاجل


.. ماكرون يدعو إلى نقاش حول الدفاع الأوروبي يشمل السلاح النووي




.. مسؤولون في الخارجية الأميركية يشككون في انتهاك إسرائيل للقان