الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العولمة، بين إمبراطوريتين ..!!

سعيد رمضان على

2012 / 5 / 5
العولمة وتطورات العالم المعاصر


العولمة، بين إمبراطوريتين ..!!

رغم أن العولمة مصطلح جديد، إلا أنني ارجع جذوره إلى الإمبراطورية الرومانية
وتحديدا مع بدأ قيام الجمهورية الرومانية الثانية، عندما بدأت روما في التحول من قوة ناهضة في محيطها الإيطالي، إلى قوة عسكرية تسيطر على العالم القديم.
وقد تبع الغزو والسيطرة نشر المفاهيم وطرق الحياة الرومانية.. أي عولمتها في نطاق مناطق تحت حكم الرومان .
وكروما، بدأت أمريكا في التحول إلى قوة ناهضة داخل محيطها.. ثم إلى قوة عسكرية تسيطر على العالم ، وكروما أيضا ، بدأت نشر المفاهيم وطرق الحياة الأمريكية على العالم أي عولمتها ..
الفرق بين العولمة في عصر روما والعولمة في العصر الأمريكي، أن البضائع كانت تدفق على روما، وخاصة من مصر – القمح والذهب – مقابل السلطة والحماية الرومانية، ومنح الملوك والسلاطين تيجان الحكم، ليستمروا في قهر شعوبهم .
بينما البضائع الأمريكية هي التي تتدفق على العالم.. مقابل الذهب والبترول وحماية الأنظمة الديكتاتورية .. لتستمر تلك الأنظمة أيضا في قهر شعوبها .
وبينما كانت روما ، تقرر وتفرض وتعزل وتنصب الأمراء والملوك، بشكل صريح
على اعتبار أن الكل ولايات رومانية .
فأن أمريكا تفعل ذات الشيء، لكن بشكل مقنع. من خلال تهديدات مستترة، أو معونات تمنح وتهدد بقطعها.. كما تمرر منتجاتها بشكل خبيث، من خلال الاتفاقيات التجارية عبر منظمة التجارة العالمية.
العولمة، باختصار هي عملية نهب منظم لمقدرات الشعوب المغلوبة على أمرها
وهناك مفكرين بارزين كالسيد ياسين (1) ، يضعون مصطلحات للعولمة، كالعولمة السياسية والعولمة الاقتصادية ..
أما عن العولمة السياسية فهي التي تنادى بشعارات حقوق الإنسان والديمقراطية
وعن العولمة الاقتصادية فيؤكدون إنها جشع الشركات العابرة للقارات في مجال الربح على حساب الدول النامية .
والواقع المتناقض في تلك المصطلحات، أن تلك الدول التي تنادى بشعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان، هي نفسها التي ضغطت لوضع نصوص معاهدة منظمة التجارة العالمية، لتتجاوب مع مصلحتها بشكل يسمح بتدفق منتجاتها للدول النامية دون اعتراض، مهدده بذلك المنتجات المحلية ، ودافعه بذلك ملايين من العمال إلى عالم البطالة والفقر، في دول يحكمها ديكتاتوريين، تسندهم الدول المتقدمة كأمريكا وتدعمهم ضد مواطنيهم، مقابل فتح أسواق بلادهم بدون قيود وشروط .
الشيء الثاني المحتاج لناقشته حول مفهوم العولمة السياسية ، هي النظر إليها كمفهوم جديد تنادى به أمريكا، لكنها ليست كذلك.. فحقوق الإنسان والديمقراطية مطلب إنساني قديم قدم الزمان .. والحق والعدل لم يظهرا في الفكر السياسي إلا بعد انبثاق نورهما في الضمير البشرى .
فثورة سبارتاكوس في روما .. هي ثورة من أجل الحرية وحقوق الإنسان .. أمتد أثرها للعالم القديم بأكمله مهدده النظام الروماني.
وأول ممارسة لحقوق الإنسان فعلا، وبشكل أخلاقي، وصلتنا عبر نصوص مصرية قديمة .. نقشت على قبر أمير إقطاعي اسمه " أميني " (2) وجاء فيها :
" لا توجد بنت مواطن قد عبثت بها ، ولا أرملة عذبتها ، ولا فلاح طردته،ولا راع أقصيته،ولا رئيس خمسه سلبته رجاله مقابل ضرائب – لم تسدد- ولا يوجد بائس بين عشيرتي، ولا جائع في زمني ، وعندما كانت تحل بالبلاد سنون مجدبة كنت أحرث كل حقول – مقاطعتي- إلى حدودها الجنوبية والى حدودها الشمالية، محافظا بذلك على حياة أهلها ،حتى انه لم يوجد بها جائع قط ،وقد أعطيت الأرملة مثل ذات البعل ،وأنى لم أرفع الرجل العظيم فوق الرجل الحقير في أي شيء أعطيته ."

--------------------
هوامش وإحالات :
1- الديمقراطية وحوار الثقافات – السيد ياسين – الهيئة المصرية العامة للكتاب 2007
2- فجر الضمير – جيمس هنري برستيد – ترجمة د. سليم حسن . الهيئة المصرية العامة للكتاب 1999








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة إسقاط مسيرة إسرائيلية بعد استهدافها في أجواء جنوبي لبنا


.. كيف ستتعامل أمريكا مع إسرائيل حال رفضها مقترح وقف إطلاق النا




.. الشرطة تجر داعمات فلسطين من شعرهن وملابسهن باحتجاجات في ا?مر


.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف فوري لإطلاق النا




.. مظاهرات في أكثر من 20 مدينة بريطانية تطالب بوقف الحرب الإسرا