الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مذكرات طالب جامعي

عبله عبدالرحمن
كاتبة

(Abla Abed Alrahman)

2012 / 5 / 6
الادب والفن


مذكرات طالب جامعي
عبله عبد الرحمن
كثيرا ما تذهب بنا الذاكرة الى محطات ليس مهما ان تكون بعيدة، وليس مهما ان تكون مؤثرة، لكنها تبقى مهمة لانها تحمل ابتسامة مستمرة، نعود فيها الى حيث السنابل وعصفور صغير يخط بقدميه النحيلتين جدران الزمن. كثير من الاحيان لا تكون محطاتنا اكثر من دردشة عصفورين التقيا على حافة سلك، يكون قاتلا لهما اذا ما زحفت احدى اقدامهما او زحف الحوار مديدا بهما الى ما لا يتوقع او يشتهي احدهما من الاخر.

المحطات الدراسية من المحطات المشتهاة في ذاكرة معظمنا بالرغم من اننا نكابد فيها جلد الدراسة، والصحو المبكر، والمصروف القليل الذي لا يكاد يساوي الجزء اليسير من عنتريات ومغريات لا حصر لها في مشوار الطالب ايما كانت مرحلته الدراسية، لتبقى هي الشرفة الجميله التي تتكلل بالاحلام العريضة وغير المحصورة بالزمان او المكان، نكون انقياء اكثر حين تكون احلامنا ما زالت بكرا في جس الاشياء وولوج العتبات.

نضحك حتى تعلو ضحكاتنا فتخترق جدران الخزان في ذاكرتنا فنُبلغ ونُسمع اصواتنا الى من يهمنا امرهم علنا لا سرا، تفيض من الذاكرة حبات السنابل وضحكات الايام، وحين استذكر حالي وانا طالبة اغوص بمقعدي خوفا من استاذ جامعي لم يكن يوفر احد ما من لسانه السليط وكنت قبل دخولي الجامعة اتخيل صورة الاستاذ الجامعي متمتعا بهالة عالم او باحث حتى وجدت ان الكثير من الاساتذه الجامعيين عملهم اداء وليس ابداع، حين بادرني بالسؤال وكنت ابتهل الا يكون نصيبي من هذه القصيدة شرح ذلك البيت الشعري الذي يبدأ: يا علقي، الحقيقة انني كنت اخاف ان اعلق في لسانه كما علق غيري من الطلاب وينالني من الشتائم ما نالهم، فوقعت في المصيدة واخذت الون بالكلام وانا اجيب على سؤاله حتى اتجنب قول لا اعرف معنى البيت الشعري الى ان لاحظت ان الطلاب اخذوا يدونون ما اقوله بعد ان قنعوا بإجابتي وكأنها الاجابه النموذجية لبيت الشعر، الى ان نهرهم المحاضر وقال لهم لا امسحوا ، فسألت: لماذا؟ وكنت بقرارة نفسي اعرف ان اجابتي غير صحيحة.

تتلون الاحداث والشغب الطلابي الى الحد الذي ما زلت اتوارى خجلا من نفسي كلما تذكرت بأنني قدمت نشاطا الى استاذي الجامعي حول موضوع كنت اتوقع ان يكون مجرد مشاركة دون الحاجة الى لمه في نهاية المحاضرة اذ ان موضوع البحث كان يتعلق بتفسير وشرح سورة سيدنا يوسف وبشكل محدد الاية القرانية "وهمت به وهم بها" وكنت طوال الوقت لذي امضيته في مكتبة الجامعة وبشكل خاص في كتاب تفسير "الجلالين" وحالي لا يشبه الا حال سعيد صالح في مسرحية العيال كبرت وهو يقرأ على اشقائه الرسالة الخاصة بهروب والده ولسانه يقول عبارة الله الله الله اذ ان شرح الاية كان فيه اسهاب ما بعده اسهاب في تفاصيل التفاصيل الى الحد الذي سولت فيه نفسي الى اسقاط المادة حرجا من استاذي بعد ان اسلمته الواجب المطلوب واسلمت لنفسي ذكرى لن تفتر.

وشريط الذكريات يكر بي تذكرت دموعي وانا اقف على عتبة مكتب استاذي الجامعي وكانت له هالة الباحث او العالم وكان عراقي الجنسية اذ انني وبعد كل المجهود الذي بذلته في الدراسة وجدتني لا افلح في تحصيل العلامة التي ارضاها لنفسي فأخذت اجادله ودموع عيني تغادر مكانها الاصلي وتسيل على خدودي حتى لا استطيع ان الاحق إخفائها، وهو يسمعني ويستغرب من نقدي لأسئلة الامتحان حين اخبرته ان اسئلة الامتحان كانت عناوين وليست تفاصيل، ربما عرفت الآن ان دراستي كانت تحتاج الى تركيز اكثر بالرغم من انني كنت افقد بوصلة المادة رغم كل المجهود الذي بذلته وكانت المادة (مقدمة في تشريح جسم الانسان).
لا ادري لماذا نغادر الى بطون الذاكرة لنكسب بعض من ريح طيبة وننسى اننا في اقصى رياحنا الطيبة، نكون سعداء اكثر اذا استطعنا ان نتفاعل مع ما يجري معنا من احداث بأقصى طاقاتنا وأحلامنا وبعقول متفهمة حتى نكسب الحاضر وننعم بالمستقبل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ثباتُ العصافير
الحكيم البابلي ( 2012 / 5 / 6 - 21:35 )
العزيزة عبلة
موضوع قصير لكنه مكثف وسليم اللغة
وكما ذكرتِ فغالبيتنا تلجأ دائماً للماضي وذكرياته وما فيه من عِبَر وحوادث ممكن أن نتعلم منها الكثير ، وأنا واحد من الذين ينبشون في زوايا الماضي طوال أوقات يومي ودائماً ، ودائماً أجد في تلك الذكريات العتيقة دروساً تُفيدني في حياتي اليومية الحاضرة
إبتسمتُ حين قرأتُ أن أستاذك هذا كان عراقياً ، وأرجو أن لا تكون فكرتك أو الصورة التي في رأسك عن العراقيين مستمدة من شخصية هذا الأستاذ ، فالدنيا الوان وأشكال وقد يكون موقع الشوك في الحقل بجانب الزهرة الجميلة الفواحة
كتاباتك رقيقة جداً وتدل على نفس حساسة تعيش حالة الحذر كحال العصفور الواقف على حافة سلك الكهرباء في مقالك ، والحقيقة أن ذلك العصفور الصغير أذكى وأثبت وأقوى من السلك الخطير الذي يقف فوقه
عاشت العصافير
تحياتي


2 - الاستاذ الحكيم البابلي
عبله عبد الرحمن ( 2012 / 5 / 6 - 23:03 )
الاستاذ الحكيم البابلي تحياتي اليك
الدنيا الوان واشكال والحياة تتلون باطياف متعددة من البشر وقليل منهم يتميزون بانفراد
والاستاذ الحكيم البابلي ينفرد كموسوعة شافية ووافية في كثير من مناحي الحياة اضافة الى حساسيتة المفرطة اتجاه الناس والافراد
لا بد ان نتجاوز كثير من الحذر اذا كانت التحية موجهة للاستاذ الكاتب الحكيم البابلي
ولا بد ان نمتاز بالثبات طالما ان هناك مبدعون يجملون وجه الحياة
الاستاذ الحكيم البابلي شكرا لابداعك والاضافة الرائعة التي جملت المقالة ودعمك الكريم


3 - ذكريات تستحق التدوين
علاء علان ( 2012 / 5 / 11 - 22:37 )
أعجبني قولك عن بعض الأساتذه الجامعيين الذين يفتقدون الإبداع و يعتمدون اسلوب الإلقاء المملل، يقودنا هذا المقال للطالبة سابقا و الكاتبة المبدعة عبلة. بكلتا الحالتين التميز عنوانكم

اخر الافلام

.. مهرجان كان السينمائي - عن الفيلم -ألماس خام- للمخرجة الفرنسي


.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية




.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي


.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب




.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?