الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق والكويت: الزيارات مقابل الالتزامات

ساطع راجي

2012 / 5 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


في العراق تسيطر سلوكيات سياسية هي امتداد لجلسات المضايف ودواوين العشائر وحلقات السمر بين وجوه القوم، والمظهر الاساسي لهذه السلوكيات يقوم على ان كل شيء يمكن تسويته بالكلام الطيب واللسان الحلو والوجه البشوش، بعيدا عن (دوخة) سلوكيات الدولة واداء المؤسسات ويمتد ذلك حتى الى تعامل الساسة العراقيين مع الملفات الخارجية والعلاقات بالدول الاخرى، ظانين ان جلسة طيبة كفيلة بحل كل شيء، وهو الامر الذي ثبت فشله منذ عدة سنوات لكن هناك من يصر على استخدامه لأنه لايريد التحول الى رجل دولة.
هناك من يريدنا التصديق بأن كل المشاكل مع الجارة الكويت تم تسويتها بعد هجمة من الزيارات المتبادلة بين مسؤولي الدولتين، بل هناك من المتملقين في الجانب العراقي تحديدا من ينكر وجود مشاكل أصلا ويرى ان مجرد تبادل زيارات الاعلاميين وعقد لقاءات دسمة بين صحفيين في فنادق الكويت (تحديدا) سيكون كفيلا بنزع فتيل أي أزمة مستقبلية وهو تحريض علني على تقديم رشى للصحفيين أولا وكذب على النفس وعلى الاخرين ثانيا عبر نفي وجود المشاكل التي تقر الكويت رسميا بوجودها استنادا الى قرارات اممية واضحة وافق عليها العراق بغض النظر عن ملابسات وظروف تلك الموافقة.
هناك قائمة من المشاكل بين العراق والكويت يجب حلها فعلا لاقولا، والكويت من جانبها اعلنت بعد كل شيء انها متمسكة باستيفاء ديونها وانها متمسكة بمتابعة مصير أسراها ومفقوديها وارشيفها، قضية الحقول النفطية المشتركة مازالت محاطة بالضباب، الكويت تعلن تمسكها بميناء مبارك كحق سيادي، ومشكلة الطائرات مازالت قائمة بدرجة دفعت العراق الى تأجيل استلام طائراته الجديدة التي اشتراها من شركة كندية خوفا من مصادرتها، بينما تمخضت الزيارات عن صيانة العلامات الحدودية وتأكيد الكويت ان خروج العراق من طائلة البند السابع مرتبط بتنفيذ العراق للقرارات الاممية وهو موقفها السابق والدائم، وبالتالي صارت لدينا معادلة تحكم العلاقات العراقية الكويتية هي الزيارات مقابل الالتزامات، اي موافقة الكويت على تبادل الزيارات وموافقة العراق على تنفيذ الالتزامات وبما ان الكويتيين لا يمكنهم زيارة العراق كل يوم فان الامر سيطول دون أن يكشف المسؤولون العراقيون عن إنجاز شيء حقيقي الا الصور التي تجمعهم بالكويتيين، لكن الكويتيين من جانبهم يبدون مقتنعين بالمعادلة مادامت ستؤدي في النهاية الى تحقيق مطالبهم وهي ليست بالضرورة متقاطعة مع مطالب العراقيين لكن الامر يتعلق اساسا بمعرفة كل طرف بما يريده ومصادقيته في تبني المطالب.
وجود مشاكل بين العراق والكويت لايمكن ان تكون دافعا للمزيد من التأزيم والتصعيد بين الدولتين الجارتين كما يريد بعض الموتورين والهتافين ولكن أيضا لايمكن تجاهلها كما يريد المتملقون والمنتفعون من تبادل الزيارات وكما يريد بعض الساسة الراغبين في القول بأن علاقات العراق الخارجية في أفضل حالاتها بدليل تبادل الزيارات، والامر يشمل العلاقات العراقية الايرانية والعراقية التركية وغيرها أيضا، فمنذ عدة سنوات تسيطر المظاهر والاحتفاليات والتصريحات الاعلامية على السياسة الخارجية العراقية بينما تبقى مشاكل الحدود والسجناء والمياه والحقول النفطية والديون وغيرها، ملفات رابضة بدون حلول، ملفات يتم تجاهلها وتدار فقط في سياق تصريحات التهييج وتصريحات التهدئة حيث لا يشكل النوعان من التصريحات أي سياسة فعلية، والمشكلة في الجانب العراقي الذي تغيب عنه الرؤية الموحدة للسياسة الخارجية وتسيطر الاحتقانات بين الاطراف السياسية الداخلية على ادارته للملفات الخارجية ويتسابق الساسة العراقيون في تصعيد او تناسي القضايا المتعلقة بالعلاقات الخارجية حسب جداول زياراتهم للعواصم.
وجود مشاكل وقضايا عالقة لايعني اعلان الحروب واتخاذ قرارات بالمقاطعة والا فما نفع وجود وزارات للخارجية، كما إن مجرد تبادل الزيارات لايعني إن كل شيء تم حله، هل ستفهم هذه المعادلة؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة إسقاط مسيرة إسرائيلية بعد استهدافها في أجواء جنوبي لبنا


.. كيف ستتعامل أمريكا مع إسرائيل حال رفضها مقترح وقف إطلاق النا




.. الشرطة تجر داعمات فلسطين من شعرهن وملابسهن باحتجاجات في ا?مر


.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف فوري لإطلاق النا




.. مظاهرات في أكثر من 20 مدينة بريطانية تطالب بوقف الحرب الإسرا