الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كي لا تأذينا طيبتنا .

صالح حمّاية

2012 / 5 / 7
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


بعد التصريحات الأخيرة لقيادة التكتل الأخضر و التي قالوا فيها أنهم يراهنون على الفوز ب 350 مقعد أو حتى ب 150 مقعد في البرلمان في حال عدم التزوير ، بات من الواضح أن هذا التيار لا يدرك حقا الواقع الجزائري ولا حتى السيرورة التاريخية للأمم والشعوب ، فالفرصة السانحة لهم كانت قبل عشرين سنة و هم من أضاعها باحترافية لا مثيل لها ، ما يعني أنهم هم المسئول الأول والأخير عن فشلهم المؤكد ، أما عن الشعب الجزائري و الطعن في خياراته التي لن تعجبهم بشماعة التزوير فهي ليست سوى وسيلة للهروب من المكاشفة مع الذات و الاعتراف بأننا "حقا فشلنا لأننا لم نحسن التصرف مع هذا الشعب الذي اختارنا كممثلين عنه ذات مرة " .

أما حول الإيحاءات التي ربما يعطيها حديث المعارضين لهم ، فليست الأمور دائما كما يقال "حين يركلك الآخرون من الخلف فأعلم انك في المقدمة " فليس ضروريا أن يكون هذا صحيحا كل مرة .

ما يجب أن يفهمه هؤلاء بالنسبة لمعارضة الإسلاميين في الجزائر أن هذا الاعتراض ليس بسبب الخوف من اكتساحهم للانتخابات ولا حتى من تحقيقهم مركزا متقدما ، فهذا الأمر في عملية اقتراع ديمقراطية لا يمكن أن يحصل ، و أول الحريصين على هذا الأمر هو الشعب الجزائري نفسه بسبب ما عانى منهم ، لكن المسالة مسألة مبدأ ، فالأمة الجزائرية على عكس دول أخرى قد عانت الأمرين بسبب الإسلاميين ، وعليه سيكون من اللامبالاة و الخيانة لدماء شهداء العشرية أن يسمح لهم مرة أخرى بالعمل السياسي ، وهنا وحتى بالنسبة للذين قد يحمّلون الجيش الجزائري مسؤولية المأساة الوطنية بسبب الانقلاب الذي حصل أو حتى جزءا منها ، فيجب القول أن لا احد دفع الإسلاميين للممارسة العنف كي يتحول الانقلاب إلى حمام دم مدمر للبلاد، فقد كان يمكن للإسلاميين في تلك الفترة أن يحرصوا على السلمية و على العقلانية ، وهو ما كان سيكون في النهاية تعزيزا لشرعيتهم و تأكيدا لثقة الشعب فيهم كسياسيين ناضجين ، عكس الخيار الذي اختاروه والذي القنا جميعا في الهاوية ، ما يعني أن المسؤولية في كل الأحوال تقع في النهاية كاملا عليهم .

المسألة الأساسية و الجوهرية بالنسبة للجزائر أنه من المخجل و المعيب أن نرى الخطاب الإسلامي يعود مرة أخرى إلى الصدارة فيما جراح ضحايا الإرهاب لم تجف دمائها بعد ، فعلى الأقل إذا كانت الحوادث المؤسفة حدث وحصلت فليكن هناك على الأقل بعض الحس الأخلاقي حول من عانوا منها ، فليس من المعقول أن لا نكتفي بالجريمة كفعل شائن كي نضيف لها تمجيد الأفكار الإرهابية علانية أمام الضحايا مرة أخرى بلا أي خجل ... و الإسلاميون هم المسئول الأول على هذا الأمر ، فلا يمكن الحديث عن نبالة و تسامح أكثر من تسامح الشعب الجزائري بعد المصالحة التي أقرها لصالحهم ، والتي بموجبها قرر العفو و الصفح عنهم رغم كل الجراح و الآلام التي سببوها له ، وعليه فالمسؤولية في كون هذا الخطاب لا يجب أن يعود إلى الواجهة مرة أخرى ليست مسؤولية الشعب الجزائري الذي دفع من دماءه الكثير ، ، لكنها مسؤولية الذين ذبحوا الجزائريين ، ومسؤولية من هم إلى الآن يرفضون التزحزح من هوس تمجيد الإرهاب و الشمولية .

لقد كان على الإسلاميين وفي الحد الأدنى ليردوا هذا الجميل للجزائريين أن يتنازلوا عن فقه الإرهاب الذي يقدسونه ، حالهم حال العنصريون البيض قبلا حين أبدى لهم السود الرحمة ، حيث اقروا بأخطائهم واعتذروا عنها بندم شديد ، بل و عملوا نحو إدانة الفكر العنصري في كل مكان .... وهذا ما يجب على ا للإسلاميين في الجزائر فعله .

إذا لم يسير الإسلاميون على خطى العنصريين البيض بإدانة كل ما له علاقة بالإسلام السياسي فلا يمكن الحديث بأي حال من الأحوال عن عفو تام عنهم و لاعن إشراكهم في العملية السياسية ، فالمصالحة تعني تنازلا من الطرفين ، وهو ما لم يحصل من الإسلاميين ، فلا يكفي التوقف عن ممارسة العنف (التوقف الذي قد يكون تكتيكيا) كمقابل إذا ظل الفرد لا يزال يختزن في داخله جبالا من الحق والكراهية على الآخرين المختلفين ، فالمشكلة الأساسية ليست في العنف ، فهو في النهاية مجرد نتيجة ، لكن جوهر القضية هو في الحقد والكراهية التي تعشش في العقول المريضة بعشق الخراب ، والتي ستنفجر في عنف مدمر مهما طال الزمن .

المفروض ومن اجل مصالحة حقيقة مع الإسلاميين في الجزائر أن يتبرؤوا كليا من الأفكار الإرهابية (واقعا لا تقية) ، و أن يكونوا السباقين كذلك لمعارضة تلك الأفكار لإثبات صدق نيتهم وهذا أقل ما يمكن طلبه ، فمعنى أن يتوب الإنسان عن شيء أن عليه إدانته كليتا و أن يحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه مما سببه من خراب ، لا كما نرى من مراجعات شكلية تتهاوى عند بروز أي فرصة للانقضاض على ما تم قبوله على مضض .

إما يحدث هذا ، و إما يجب العودة لسياسة الحسم مع التيارات الأصولية بكل جدية فلا يمكن السماح بأن تتحول المصالحة لفرصة ذهبية للإرهاب الإسلامي ليرمم أشلاءه ، وهو ما يبدو أنه يحصل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السنوار لا يعلم عدد الرهائن وأماكنهم.. وإسرائيل تقتل إثنين م


.. الملف النووي الإيراني.. إلى تصعيد جديد مع الغرب




.. روسيا تسقط 87 مسيرة أوكرانية.. وبوتين يحدد الشروط -غير المنط


.. واشنطن بوست: أمريكا كثفت منذ بدء الحرب جمع المعلومات الاستخب




.. مراسل الجزيرة: تقديرات إسرائيلية بانتهاء العملية العسكرية في