الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللواء شاهين والمادة 28

نصارعبدالله

2012 / 5 / 7
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


اللواء شاهين والمادة 28
فى المؤتمر الصحفى الذى عقده المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى أعقاب مجزرة العباسية، دافع اللواء ممدوح شاهين دفاعا شديدا ( لكنه غير سديد فيما أتصور ) عن المادة 28من الإعلان الدستورى باعتبارأنها قد طرحت على الإستفتاء الشعبى الذى أجرى فى 19 مارس 2011 ووافق عليها الشعب المصرى بأغلبية كبيرة وأصبحت من ثم جزءا من الإعلان الدستورى، وعلى هذا فإنها ـ فيما يرى ـ لا يجوز الطعن بعدم دستوريتها ، لأن الطعن بعدم الدستورية ـ فى رأى سيادته ـ ينصب على القوانين التى تخالف أحكام الدستور أما أحكام الدستور ذاته فلا يجوز الطعن عليها بعدم الدستورية، ...وكلام اللواء شاهين فى هذا الخصوص يبدو للوهلة الأولى وكأنه كلام سليم منطقيا وصحيح قانونيا.. فنحن قد نصف قانونا معينا من القوانين العادية بأنه غير دستورى عندما يتبين لنا أن ما ينطوى عليه مخالف لإحدى مواد الدستور ، فكيف يمكن لنا إذن أن نصف مادة واردة فى الدستور بأنها مخالفة للدستور. .. ؟ السؤال فيما يبدو للوهلة الأولى سؤال منطقى إذن !!، غير أن الرد عليه بسيط جدا إذ أن مواد الدستور وإن كانت جميعها أسمى مرتبة من القوانين العادية، بحيث يمتنع على الأخيرة أن تخالفها، إلا أنها ـ فى مواجهة بعضها البعض ـ ليست جميعها فى مرتبة واحدة!! نظرا لأن بعضها ( وهذا هو رأى الغالبية الغالبة من الفقهاء الدستوريين ) بعضها أسمى فى المرتبة الدستورية من البعض الآخر ...و قد يحدث فى بعض الحالات ـ وقد حدث هذا فعلا فى الإعلان الدستورى المعمول به حاليا ـ قد يحدث أن إحدى مواد الدستور تخالف مادة أخرى من مواده أو تتناقض تماما معها، وبالتالى فلا مناص لنا فى مثل هذه الحالة من أن نخلص إلى أن إحدى المادتين على الأقل هى مادة غير دستورية . وهنا فإن السؤال الذى سوف يطرح نفسه بالضرورة هو: أى المادتين المتضاربتين هى التى سوف نعتبرها هى الأصل الدستورى وأيهما هى التى سوف نعتبرها خروجا عليه ..والجواب على ذلك هو أن المادة التى ينبغى أن نتمسك بها هى المادة الأسمى فى المرتبة، والمادة الأسمى هى تلك التى ترسى أكثر من سواها مبدأ أشد عمومية وأكثر تعبيراعما هو مستقر فى ضمير المجتمع على اختلاف أطيافه، ...ولكى نكون أكثر تحديدا فإن المادة 28من الإعلان الدستورى تنص على أن: (تتولى لجنة قضائية عليا تسمى " لجنة الانتخابات الرئاسية "، الإشراف على انتخابات رئيس الجمهورية بدءاً من الإعلان عن فتح باب الترشيح وحتى إعلان نتيجة الانتخاب.وتكون قرارات اللجنة نهائية ونافذة بذاتها، غير قابلة للطعن عليها بأي طريق وأمام أية جهة، كما لا يجوز التعرض لقراراتها بوقف التنفيذ أو الإلغاء، كما تفصل اللجنة في اختصاصها، ويحدد القانون الاختصاصات الأخرى للجنـة) . فى حين أن المادة 21من الإعلان الدستورى ذاته تنص على أن: ( التقاضى حق مصون ومكفول للناس كافة، ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى، وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل فى القضايا، ويحظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء ) ..لاحظ أن هذه المادة تحظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء، وهى تستخدم كلمة القوانين على إطلاقها دون تفرقة فيها بين ما ينتمى إلى القانون الأساسى ( الدستور) أو ما ينتمى إلى القوانين العادية ( التشريعات ) ، فجميع القوانين طبقا لنص هذه المادة محظور عليها أن تنص على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء ، وهكذا نجد أن المادة 28 تخالف ما تنص عليه المادة 21، ولا مناص لنا فى هذه الحالة من أن نتمسك بإحدى المادتين باعتبارها أصلا أونصا دستوريا أسمى لا يجوز مخالفته ، واعتبار المادة الأخرى خروجا على هذا الأصل ، والأصل الواضح هنا هو حق كل مواطن فى اللجوء إلى القضاء وعدم تحصين أى قرار يمس حقوقه المشروعة بنص فى القانون أيا ما كانت مرتبة هذا القانون ،. ..وبالتالى فإن المادة 21هى المادة التى ينبغى أن نتعامل معها باعتبارها هى الأسمى فى المرتبة الدستورية لأنها هى التى ترسى مبدأ أشد عمومية وأكثر تعبيراعما هو مستقر فى ضمير المجتمع على اختلاف أطيافه، وإلا فهل يوجد بين القراء الأعزاء قارىء واحد يقبل أن يجرد من حقه فى اللجوء إلى القضاء فى مواجهة قرار إدارى معيب أيا ما كانت الجهة التى أصدرت ذلك القرار .
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الألعاب الأولمبية باريس 2024: إشكالية مراقبة الجماهير عن طر


.. عواصف في فرنسا : ما هي ظاهرة -سوبرسيل- التي أغلقت مطارات و أ




.. غزة: هل بدأت احتجاجات الطلاب بالجامعات الأمريكية تخرج عن مسا


.. الفيضانات تدمر طرقا وجسورا وتقتل ما لا يقل عن 188 شخصا في كي




.. الجيش الإسرائيلي يواصل قصف قطاع غزة ويوقع المزيد من القتلى و