الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شبح تقسيم سوريا

رائد شما

2012 / 5 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


شبح تقسيم سوريا- نوار قسومة
سقوط ساركوزي
ودّعنا ساركوزي وسقط هو وسياساته أمام الاشتراكي فرانسوا هولاند. من المؤكد أن وصول هولاند سيغير فرنسا داخلياً وسيؤثرعلى سياستها الخارجية بشكل عام ورؤيتها للملف السوري بشكل خاص لكنه لن يخرج النظام السوري من الحفرة التي سقط فيها. ساركوزي دعم المجلس الوطني السوري منذ البداية و سقوطه بالتأكيد شكل خسارة للثورة الإسلامية في سوريا لن يخفيها علم "الثورة" الأخضر الذي رفرف في خطاب فرانسوا هولاند والذي كان جاهزاً ليرفرف في معسكر ساركوزي لو أن الأخير فاز بالانتخابات.
هنأ "سيادة" العميد المنشق مصطفى الشيخ رئيس المجلس العسكري من خيمته في تركيا "نظيره" الرئيس المنتخب فرانسوا هولاند، وبايعه ووضع نفسه تحت تصرفه إذا ما قرر تشكيل حلف دولي لإسقاط النظام السوري وتدمير ما تبقى من بنى تحتية في سوريا، وأكد له أن الثورة السورية تستلهم من الثورة الفرنسية وأنهما توأمان. كلام الشيخ جميل جداً فهو على الأقل رجل مثقف على ما يبدو وعلى علم بالثورة الفرنسية ومبادئها، لكن الثورة الفرنسية كانت وعلى حد علمي ثورة ضد سلطة الكنيسة واستبداد الملكية والطبقية الاجتماعية، ولم أجد شيئاً يجمع "الثورتين" سوى عهد الإرهاب الذي حصل في الثورة الفرنسية بعد قيام الثورة ونجاحها ويحصل في الثورة الإسلامية السورية قبل نجاحها وقبل سقوط النظام. المليشيات المسلحة أو"الذراع القاتلة للثورة الإسلامية" في سوريا تشبه إلى حد كبير مقصلة الثورة الفرنسية في "عهد الإرهاب 1793-1794" والتي كانت جاهزة لقطع رأس كل معارض أو كل مشتبه به.
مرتزقة "الثورة" من المثقفين مستعدون لغرز أنيابهم في كل من ينتقد هذه الثورة الطائفية، لكنهم يغضون الطرف عن إجرام وإرهاب الإسلاميين الذين وصلت وقاحتهم إلى حد تهديد الشاعر "العلوي" أدونيس بالقتل بتهمة "التشبيح الإعلامي والإساءة للإسلام" ويبدو أن لأدونيس مشكلة أخرى بحسب الرعاع وهي الاسم الذي اختاره وهم اسم إله فينيقي أو بحسب الهمج "صنم فينيقي". هذه هي "الخلافوقراطية" الإسلامية "المدنية" والحرية التي يبشرنا بها مرتزقة الثورة.... نعم سوريا بدها حرية!!!
شبح التقسيم
الإسلاميون لن يصلوا إلى السلطة في سوريا إلا بغزو عسكري واجتياح غربي أو بانتصار على الأرض وكلا السيناريوهين أقرب إلى المستحيل وإن تم وصول ما يسمى بالمجلس الوطني بهذه الطريقة فهو لن يكون انتصاراً للديموقراطية بل انتصار للإسلاميين الذين سيعيدون بناء مؤسسات الدولة (إذا بقي دولة) وكتابة الدستور بشكل يؤمن بقاءهم في السلطة إلى الأبد تماماً كما فعل البعث.
سوريا وبعد فشل النظام ببسط سلطته على المناطق السنية المتمردة انقسمت إلى قسمين ووجود المراقبين ثبت الوضع الراهن. الحرب الأهلية الدائرة الآن بين النظام و"الثوار"، أو كما يقول البعض بين العلويين وقسم من السنة، والدماء والثأر والحقد سيدفعون إلى خيار التقسيم مع مرور الوقت. هذا الخيار لن يكون في المستقبل القريب على الأقل لكنه أقرب إلى الواقع في حال استمر حمام الدم على الأرض. سوريا ستتمزق كحل نهائي بين أشخاص أصبحوا ينظرون لبعضهم البعض كأعداء لا كشركاء في الوطن. الانتماء الطائفي والمناطقي هو الانتماء الأقوى في سوريا مدعوماً ببركة "الله". وجود المراقبين على الأرض هو اعتراف بوجود طرفين متصارعين وبضرورة الفصل بينهما وهو بالتالي بداية للتقسيم المحتمل لسوريا. قبول النظام بوجود المراقبين هو الخطأ الأكبر والجريمة الأعظم الذي ارتكبها النظام في حق سوريا، فهي اعتراف بوجود طرف آخر مسلح على الأرض يرفع علم آخر. ما أريد توضيحه هنا أن النظام فقد سيطرته على مناطق في سوريا ووجود المراقبين تحت قيادة كوفي عنان "أحد أهم خبراء تقسيم الدول" وإن لن يوقف العنف فهو بالتأكيد سيجعل مهمة النظام باستعادة هذه المناطق صعبة إن لم نقل مستحيلة. دولة علوية هي الأكثر وضوحاً وإقليم كردي في شمال شرق سوريا إذا توفر الدعم الدولي له ومناطق أخرى قابلة للتقسيم أو الإلحاق بدول أخرى. ربما الدول الكبرى تفكر بأن سوريا والعراق بحاجة إلى سايكس بيكو جديد يعيد رسم خارطة المنطقة بشكل يضمن ثبات واستقرار اسرائيل. وبدون شك فإن الامتدادات العشائرية والإثنية تلعب الآن وستلعب دوراً كبيراً في مستقبل سوريا، دير الزور مع العشائر السنية في وسط العراق والقامشلي وديرك مع كردستان العراق ودرعا مع الأردن وإدلب وحلب مع تركيا. النظام مسؤول عن التقسيم لكنه بالتأكيد لا يتحمل لوحده هذه المسؤولية، غياب الشعور الوطني وقوة الولاءات الدينية والطائفية والإثنية كلها ستدفع لهذا الحل وربما سيذكر التاريخ بشار الأسد بأنه كان آخر رئيس لسوريا "الموحدة".

تقييم للوضع على الأرض
انقسمت البلد إلى ثلاثة أقسام قسم يؤيد النظام وقسم "يحارب" النظام وقسم يتفرج "وأنا منهم"....استمرار الوضع الحالي لن يؤدي إلى إسقاط النظام قبل نهاية العام الحالي على الأقل بل سيزيد الوضع الاقتصادي تدهوراً. ما يسمى بالثوار وصلوا إلى ذروتهم في القوة والشعبية ولم يتجاوزوا وأجزم بأنهم لن يتجاوزوا حاجز ال15 إلى 20 % من عدد السكان وهي النسبة المتوقعة لشعبية الإسلاميين بين الطائفة السنية أي نسبة 30-40 % من إجمالي الطائفة السنية. وهنا اعتبرت وعلى مسؤوليتي أن شعبية الإخوان والإسلاميين عموماً لدى المكون الكردي السوري معدومة، كون الأكراد لهم مطالب لها علاقة بالقومية والهوية الكردية ويدركون بأن الإسلاميين الذين يسعون لصهرهم ضمن ما يسمى "بالأغلبية السنية" أكثر خطراً عليهم من النظام البعثي الحالي. وجود المراقبين لن ينهي الأزمة ولن يغير شيئاً على الأرض وهو ما ظهر بعد دعوة المجلس الوطني والتنسيقيات الساذجة للناس للتظاهر "طبعاً يقصدون حلب ودمشق" وهو أمر مستحيل ولو فنيت حمص وإدلب وحماه ودرعا، أهل دمشق وحلب لا ينتظرون ساعة الصفر وإنما ينتظرون ساعة الفرج! وقد مضى على "الثورة" أكثر من عام، فمن لديه رغبة بالانضمام إلى غزوة الإسلاميين انضم ومن لا يريد الانضمام لن ينتظر مراقبي الأمم المتحدة. في نفس الوقت يخطئ من يعتقد أن حمام الدم في سوريا انتهى أو شارف على الانتهاء، إنما هذه الفترة ستكون فترة للراحة والتحضير إلى المرحلة القادمة الأكثر دموية، النظام سيحاول استعادة هيبته والإسلاميون سيسعون إلى إعادة تنظيم صفوفهم وتوظيف الموارد المالية الكبيرة نسبياً التي أصبحت تحت تصرفهم لخرق النظام والحصول على شحنات سلاح ومحاولة شراء المزيد من العسكريين والمدنيين بالمال للإنضمام إليهم. الحل العسكري هو الحل الأنسب للطرفين، المجلس الوطني "ومن وراءه الإخوان" يرفض الحوار مع النظام، والنظام يرفض الاعتراف بوجوده، وكونه منذ البداية أخذ النموذج الليبي كمثال له شكلاً ومخططاً وعملاً ، وراهن على التدخل العسكري، هو بالتالي يحتاج إلى صوارخ الناتو وطائراته لينجح وهذا أصبح من المستحيلات على الأقل في المستقبل القريب. لم يعد يملك هذا المجلس و"أصدقاؤه" أي أصدقاء الشعب السوري سوى خيار إسقاط النظام وبأي ثمن. ولم يبقى أمامهم سوى الاستمرار "بأسطورة" الجيش الحر ومحاربة النظام حتى آخر قطرة دم من دماء مرتزقتهم.
المجلس الوطني يشبه الجبهة الوطنية التقدمية أو "الوحدة الوطنية" كما سميت قوائم هذه الجبهة في الانتخابات التشريعية أو "العرس الديموقراطي" الذي جرى اليوم في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام. الاختلاف بين المجلس الوطني والجبهة التقدمية هو استبدال حزب البعث القائد بحركة الإخوان المسلمين المتسلطة.
قيادات الإخوان استفادوا من تجربتهم في الثمانينات وتجنبوا الظهور على السطح منذ بداية الحراك وتركوا "لبراعم" الإخوان الواعدة في الخارج مهمة التنظيم عبر صفحات التواصل الاجتماعي، كمحاولة ذكية لكسب شرائح أكبر من المجتمع السوري، لكن سرعان ما دخل على الخط جهات إسلامية أخرى أقل خبثاً من الإخوان، عكرت عليهم مخططهم وكشفت عن الصبغة الدينية لما يسمى بالثورة. ومع ذلك فإن الإخوان المسلمين هم المسيطر الأكبر على الحراك والقوة الأكثر فاعلية على الأرض رغم النفوذ السلفي القوي في بعض المناطق، وهم أيضاً من يقودون المجلس الوطني. الإخوان ليسوا أفضل الموجود لكنهم بالتأكيد هم الجهة الأكثر تمويلاً وصاحبة أكبر دعم دولي وإقليمي. الجيش السوري الحر وهذا ما أكدته الإيميلات المسربة لرئيس المجلس الوطني "غليون" لا يسيطر إلا على قسم ثانوي من الكتائب الإسلامية المسلحة على الأرض، وهذا الأمر لا يعني أن الإخوان ليس لهم علاقة بما يجري فيما يخص الصراع المسلح، بل يعني أن أعضاء المجلس من خارج التنظيم ليسوا سوى دمى.
الثورة الإسلامية العاجزة
فشل الثورة الإسلامية المسلحة بمد نفوذها إلى العاصمة هو دليل على عقدة دمشق، هذه المدينة التي فضلت الأسد الأب على الإخوان في الثمانينيات، والآن تفضل جهنم ابنه "الدكتاتورية" على جنة الإخوان "الديموقراطية المدنية". ولو استطاع هؤلاء مد تمردهم إلى دمشق أو حتى حلب لسقط النظام في شهرين كحد أقصى. ولو أرادت الولايات المتحدة "فعلاً" إسقاط النظام لسقط أيضاً بأقل من ذلك. البازار على سوريا مفتوح ولن تحسم صفقة إسقاط النظام كما قال أحد الكتاب المتحذلقين خلال أيام وأسابيع قليلة و قبل الانتخابات الفرنسية ...بل لن تحسم قبل الانتخابات الأميركية في نهاية العام الجاري.
إذاً دمشق وحلب لن تنضما للثورة الإسلامية وكذلك الرقة والسويداء (رغم بعض الحوادث الثانوية) ولا طرطوس واللاذقية (إلا المناطق السنية في مدينة اللاذقية وبانياس). والأكراد "بغالبيتهم" حسموا موقفهم وقرروا الوقوف على الحياد وعلى مسافة واحدة من طرفي الصراع ومشاركتهم في الحراك لم تعدو عن كونها مشاركات رمزية، والسبب ليس حبهم لنظام الأسد أو خشية منه، بل هو عدم رغبة الأكراد في الدخول في صراع طائفي بغيض، وانعدام وجود أي نفوذ أو تأثير للإخوان المسلمين والسلفيين في المناطق الكردية، وكدليل على ذلك لم نسمع عن تشكيل أي كتيبة للجيش "الإسلامي" الحر في أي من المناطق الكردية. يدرك الأكراد جيداً ان فكر الإخوان المسلمين ومجلسهم الوطني لا يختلف عن فكر البعث، فالبعث حاول صهرهم وطمس هويتهم ضمن الهوية القومية العربية، فيما الإخوان أعداء القومية العربية لا يعترفون بأي قومية وسيحاولون صهرهم ضمن الوعاء السني الذي يعتبرون أنفسهم "أي الإخوان" أوصياء عليه.
ثورة الإرهاب
جرائم النظام واضحة وجرائم الإسلاميين أكثر وضوحاً. نعم النظام السوري مجرم وقمعي واستبدادي وفاسد وفي مرحلة "العناية المركزة"، لكن إجرام "الثوار" الإسلاميين وسعيهم إلى السلطة لا يختلف عن إجرام النظام إلا بكونه أقذر لأنه يتستر تحت قناع الحرية والديموقراطية. منذ بدء الحراك و"الرعاع" يتهمون النظام بتنفيذ اغتيالات وتفجيرات لتبرير قمعه. وكوني مقتنع بأن النظام ليس بحاجة إلى قتل ابن المفتي حسون، والكل يعرف أن المفتي هو المسؤول الأول ومعه عائلة الشامي عن تماسك المؤسسة الدينية ومساندتها للنظام في حلب كما هو دور الدكتور البوطي في دمشق، والجميع يعرف أن الطرف الوحيد الذي يرغب بالانتقام من هذين الرجلين هم الإسلاميون وذراعهم القاتلة في سوريا. كما أن النظام ليس بحاجة إلى قتل نجل السيد علي حيدر زعيم أحد فصائل الحزب القومي السوري أو تصفية بعض العلويين لتبرير حلّه الأمني.... لا أجد هنا إلا أن أصف سياسة الإسلاميين بالقذرة والمقرفة. منذ بداية ما يسمى بالثورة والإسلاميون ينكرون وجود السلاح، وعندما ثبت وجوده أنكروا الحصول عليه من الخارج، إلى أن شاهدنا مؤخراً باخرة سلاح وعلى متنها شحنة بحوالي 60 مليون دولار،احتجزتها السلطات اللبنانية وهي بالتأكيد ليست باخرة السلاح الأولى فزوج موزة وآل سعود لن يبخلوا بسكب المزيد من نفطهم في محرقة السوريين. السلاح وهنا أصبح الموضوع تحصيل حاصل دخل إلى سوريا عبر الأردن إلى درعا وعبر لبنان وتركيا والعراق إلى باقي المناطق منذ الأيام والأسابيع الأولى ولا داعي للاستمرار بنفس الأسطوانة وترديد نفس البروباغاندا بأن الجيش السوري الحر حصل على السلاح "من زبانية" النظام فقط .
عرس الدم الديموقراطي
الإعلام السوري الرسمي وصف ما جرى اليوم من انتخابات تشريعية في بلد مقسم إلى قسمين "بعرس ديموقراطي". لن أقيم ديموقراطية هذا العرس "الرائع" أو نتائجه المعروفة مسبقاً لكن ما أخشاه هو أنه قد يكون آخر الأعراس في سوريا "الموحدة".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشيف عمر.. طريقة أشهى ا?كلات يوم الجمعة من كبسة ومندي وبريا


.. المغرب.. تطبيق -المعقول- للزواج يثير جدلا واسعا




.. حزب الله ينفي تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي بالقضاء على نصف


.. بودكاست بداية الحكاية: قصة التوقيت الصيفي وحب الحشرات




.. وزارة الدفاع الأميركية تعلن بدء تشييد رصيف بحري قبالة قطاع غ