الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياسة والاخلاق

عبدالرحمان بينكو

2012 / 5 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


مفهوم السياسة من المفاهيم المستعصية على التحديد وبالخصوص إذا ماتم إقرانه بأحد القيم "كالأخلاق" وإذا ما جاولنا إلى حد ما الإحاطة بهذا الموضوع بالذات وفق تصور مختزل حتى نضع الموضوع في سياقه الخاص "علاقة السياسة بالأخلاق" فلابد من وضع أولا تأص...يل تاريخي واقعي لهذا المفهوم والذي بدأت تطبيقاته في رحاب الفلسفة السياسية من خلال الإجابة عن إشكاليات من قبيل "أي نظام أحسن أو أمثل للحكم؟

هذا وتعتبر الفلسفة اليونانية بداية واقعية للإجابة عن هكذا إشكال من خلال التجمع في ساحة سياسية تسمى "أكورة" "Agora " للتواصل الإجتماعي بين مواطني أثينا آنذاك، وبالتالي أخذ مفهوم السياسة كتحديد لفعل تواصلي في فضاء عمومي.

إلا أن مع التطورات التي أفرزتها العوامل التاريخية وبالخصوص في فترة الحداثة أخذ المفهوم القديم في التلاشي حيث أصبحنا أمام علم أو العلم الذي يدرس السلوك السياسي ومعه أصبح العنف هو جوهر السياسة والذي تبين بالملموس من خلال كتابات من قبيل هوبس "الليفيتان" ونيقولا ميكيافيللي "الأمير"، ليتم تأكيد هذا الطرح مع كارل ماركس من خلال كتاباته التي تصب كلها حول الصراع الطبقي ثم نيتشه "الإنسان الأخير" ...

وفي القرن العشرين سيطل علينا ماكس فيبر بتحديد السياسة المنحصر في الدولة من خلال كونها "أداة تحتكر العنــــــــف المشروع" وسيتم تأكيد ذلك مع تلميذه كارل سميت الذي إختزل السياسة في جدلية الصراع كل من "الصديق والعدو". وهو نفس التوجه أيضا تبناه تلميذه"جوليان فروند" حيث أكد في كتابه"ماهية السياسة" ان جوهر السياسة هو العنـــــــف والصراع من خلال ثنائية العدو و الصديق....

ومن خلال هذا الربط الفسيفسائي (الذي أختزلت فيه السياسة في بالعنف) من الطبيعي أن يفتقد المفهوم لكل القيم التي نادت بها الفلسفة اليونانية والتي على رأسها الأخلاق للتأتيت لمفهوم أشمل هو تحقيق النفع العام الذي لن يطفو للسطح دون أخلاق، هذا التطور للمفهوم الحمال للأوجه بطبيعة الحال هو نتيجة وقائع فرضت نفسها على الساحة الدولية فجاءت أصوات تنتقذ ارتباط السياسة بالصراع والعنف وما حملته الحذاته من مآسي وحروب، متأثرين في ذلك بالنموذج الأثيني القائم على ميكانيزم الحوار الذي كان سائدا كما سبق الذكر في فضاء عمومي"Agora" ...

ومن بين هذه الأصوات "باختزال" نجد "هيديجر" الذي دعى إلى ما بعد الحداثة، لكن تبقى التصورات النظرية التي وضعها كبار الفلسفة السياسية للقرن العشيرين من أمثال "ليو ستراوس" و "حنا أرندت" ورواد مدرسة فرانكفورت "هبرماس" الذين إنتقذوا الحداثة دون تجاوزها....

ف"ستراوس" إنتقذ الموجات أو الثورات الثلاث للحداثة والتي تأكد بالملموس أن السياسة عرفت أزمة حقيقية وهو نفس الطرح الذي تبنته حنا أرندت، أما هبرماس "من مدرسة فرانكفورت" بالإضافة الى نقده للحداثة اعتبر ان الحداثة مشروع لم يكتمل بعد، و وبالتالي من الضروري تأسيس السياسة على فعل أخلاقي عقلاني تواصلي في فضاء عمومي حيث تتخذ القرارات العامة من خلال حوار مبني على حجج عقلانية وأكثر قربا للواقع....

فالسياسة يمكن تشبيهها بالكوب إما أن يملئ بالحليب أو بالخمر وليس غريبا أن نسمع اليوم البعض رغم قلة فقه ودرايته بالسياسة ينعتها بالسماجة والدساسة كونها ميدان للمكر ومستنقع للحيل والسرقة القانونية وما أكثرها من مواصفات من الصعب ذكرها لكن أكثرها تداولا "كون السياسة إذا دخلت أي ميدان وإلا أفسدته" هذا التصنيف هو إلى حد ما يلامس الحقيقة إرتباطا بالحياة الإجتماعية على أساس كون من يمارس السياسية لا يلبي أدنى حاجات ومستلزمات المعنيين بالسياسة ثم هناك التحديدات الأخرى للسياسة التي تقول أن السياسة هي فن الممكن والذي معه أرجح حسب إجتهادي الخاص كون السياسة هي فن خلق موازنة بين الإمكانيات البشرية والثروات الوطنية/ والأهذاف التي تسطرها الإرادة العامة للشعب أي مجموع المواطنين هذا التصور الخاص حقيقة هو تصور لن يكون ناجعا إلى من خلال وسط تسود فيه ثقافة سياسية وإجتماعية أخلاقية والتي بمتابة أرضية تجعل من أي مشروع تنموي سهل المنال ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة تعتدي ضربا على مسيرة مؤيدة لفلسطين في فلوريدا


.. كيف تحايل ترمب على قرار حظر النشر في قضية شراء الصمت ؟




.. حركة نزوح عكسية للغزيين من رفح.. 30 ألفا يغادرون يوميا منذ ا


.. جذب الناخبين -غير المهتمين-.. مهمة يسعى لها كل من ترمب وبايد




.. العملات المشفرة.. سلاح جديد لترمب لجذب الناخبين -غير المهتمي