الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصص سريانية من قارتين

عادل دنو

2012 / 5 / 9
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


تونايي من ترتين يبيشاثي "قصص من قارتين" هو عنوان المجموعة القصصية باللغة السريانية التي اصدرها الأديب القاص بنيامين م. بنيامين في سيدني – استراليا وبغلاف صممته نهى كانون ميخو. وتضمنت المجموعة سبع قصص قصيرة وقصة طويلة. كتب القاص المقتدر في مقدمته ان القصص ليست لمتعة القارئ فقط، بل دفعا للوصول الى فهم اكثر وعي لبعض المسؤوليات والحقوق. وهذه القصص تمثل فصلا من حياة المجتمع الاثوري في مابين النهرين واستراليا، اذ تتعرض للتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية التي جرت لهذا المجتمع في نهاية القرن العشرين ومطلع القرن الحادي والعشرين.
كتبت القصص في فترات مختلفة خلال الثلاثين عاما الاخيرة التي حدثت فيها مجريات كبيرة اثرت بشكل درامي على تشتت هذه الشريحة في جميع نواحي الحياة، وخاصة في بلدهم الام العراق وكذلك في تركيا.
استقى المؤلف موضوعات قصصه من الواقع المعاش وتجاربه الحياتية شخصيا او من وقائع احداث سمعها او قرأها ونسج منها قصة باسلوب واضح ولغة وسيطة استخدم فيها بعض المفردات التي رأى ان يضع في الهامش معانيها او مرادفاتها لمساعدة القارئ على ادراك المغزى بشكل أشمل.
اول قصة في المجموعة عنوانها " عراقا" الهروب وهي مفردة تحولت في تاريخ اشوريي اليوم الى شبح يرافقهم منذ قرون وادى الى تشردهم في بقاع العالم. عائلة مسكينة وجدت نفسها في رحى الحرب التي لا ترحم، فتترك تحويشة عمرها وكل ما كانت تملك لتهرب الى اللامكان. ورب العائلة كان يعمل معلما يزرع حب العلم والارض في قلوب تلاميذه حتى يضطر هو الى الهرب من تلك الارض فياللمفارقة! ومثلها مثل المئات والالاف من العوائل التي ذاقت الامرين وعانت من الامطار واجواء البرد القارس والجوع وفتك الامراض بالضعاف منهم. والاشد مراراة معاناتهم من فقدان الامل بالنجاة وبدأ حياة كريمة لهم ولاطفالهم بعيدا عن وطنهم. وفي حالتهم هذه يستذكرون ما حل باجدادهم وابائهم من قبلهم، ويعيدون مأساة الهروب مرة تلو مرة.
جريمة في كاتومبا "سورخانا كو كاتومبا" هي القصة الثانية التي يسعى فيها المؤلف الى تذكيرنا بالتحولات القيمية ما بين المجتمعات والشعوب المختلفة وتأثيرها على مجتمعنا حين تحاصرنا عاداتنا وتقاليدنا. ومن جانب اخر يحاصرنا المجتمع الجديد بتقاليده وعاداته فاين نحن من كل هذا!
وقصة شلدا كو فيرفيلد "جثة في فيرفيلد" هي الاخرى سبق وان نشرها في مجلة (هركي) مجلة الدراسات الاكاديمية الاشورية المجلد 16 العدد1 سنة 2002، التي تصدر في اميركا. وتدور هي الاخرى في نفس محور مأساة الانسجام والاندماج في المجتمعات الجديدة التي اضطرت العائلة اللجوء اليها، وبروز الهوة ما بين الاجيال وظهور صعوبات لردمها.
ويعالج القاص بنيامين في قصته قايمثا "النصب" موضوعا اثار ردود افعال كثيرة مؤخرا وهو النصب الذي وضعه الاشوريون في سيدني استذكارا للمذابح التي تعرض لها الشعب في عقر دارهم من قبل العثمانيين الاتراك خلال الحرب العالمية الاولى، متضمنا رسالة للبشرية لتقوم بدورها في حفظ السلام في كل مكان.
وتنحو القصة بفعل موضوعها الى التقريرية قليلا.
قصة كو بيث كريهي " في المستشفى" التي سبق وان نشرت في المجلة الاكاديمية الاشورية المجلد الخامس العدد 1 سنة 1991. تعالج موضوع جهل الكثير من الذين تعيش معهم بلدك وقومك وتاريخك. إن المستشفى هو المكان الذي فيه يلتقي الغرباء بلا مواعيد وهناك من الوقت ما يعين على تعرف كل طرف على أصل الطرف الاخر وخلفيته الثقافية والتاريخية احيانا.
أما في قصتة الطويلة اسيرا دبيث نهرين " اسير بين النهرين" التي سبق وأن نشرها في كتاب صغير منفصل يؤكد القاص ان هيكليتها مستقاة من المبنى الحكائي لقصة تولستوي اسير القوزاق ولكن الحكاية مأساة الخطف وتدنيس الانسان بحجج وذرائع تفصل وفق مقاسات لاانسانية البتة. وتجري احداث القصة بعد عام 2003 في العراق وقد سادته الفوضى وسقطت القيم الى الحضيض، يعاني فيها البطل اياما بائسة وهو مختطف ومعصوب العينين ويعامل معاملة اي حيوان غير مثري.
وفي قصته الاخرى توتاووثا "الهجرة" فهي فصل آخر من المعاناة التي ذاقتها مئات العوائل في مواجهة آلاف المخاطر والموت المحتم في طريق الهروب والهجرة الطويلة نحو ارض استراليا القابعة جنوب الكرة الارضية، ذلك العالم الغامض الذي على العائلة المنكوبة ان تجتاز الموت عدة مرات في البحار والمحيطات حتى يظهر بصيص امل من بعيد بعيد جدا.
اما في قصته "سركون وشموني" وهي الاخيرة في المجموعة فانه ينفح القارئ بقصة حب رومانسي بين صبي وصبية ما ان يزهر العشق في قلبيهما حتى تنبت الاشواك وتعترضهما الارادات الشريرة والعادات المتوارثة لتنتهي العلاقة بفاجعة موت العاشقين على غرار روميو وجوليت.
ان المجموعة القصصية الجديدة تضيف للقصة السريانية نتاجا يحتاجها الادب السرياني اليوم في خضم العولمة الكاسحة والنتاجات القصصية والروائية الضخمة التي تملأ مكتبات الدنيا وتنال حظها من القراءة، وينال كتابها الشهرة الشيء الذي تفتقر اليه القصة السريانية والقاص السرياني الذي يضطر لطبع نتاجه بنفسه ويتحدد توزيعه في محيطه الجغرافي فقط باستثناء نسخة يهديها هنا او هناك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حلو
جهاد علاونه ( 2012 / 5 / 9 - 15:05 )
حلو جدا وبالتوفيق,وأقترح عليك ما فعلته أنا قبل سنتين تقريبا وأكثر وهو أنني جمعت الكلمات السريانية ونشرتها في الحوار المتمدن..مرة أخرى شكرا لك.

اخر الافلام

.. البنتاغون: أنجزنا 50% من الرصيف البحري قبالة ساحل غزة


.. ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟




.. المقاومة الفلسطينية تصعد من استهدافها لمحور نتساريم الفاصل ب


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل لاتفاق وعلى حماس قبول ال




.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منزلا في الخليل