الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
في ذكرى النكبة الرابعة والستين صراعنا على الحدود أم الوجود ؟!
جمال ابو لاشين
(Jamal Ahmed Abo Lasheen)
2012 / 5 / 10
القضية الفلسطينية
في العام الماضي، وفي ذكرى النكبة الثالثة والستين صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتيناهو قائلاً : " إن مصادفة إحياء ذكرى النكبة في ذكرى تأسيس إسرائيل يؤكد أن النزاع ليس على حدود العام 1967 فقادة فعاليات النكبة لا يقرون بوجود إسرائيل، ويرون أن الصراع يعود إلى عام 1948".
إن قرار التقسيم رقم 181 والقاضي بتقسيم فلسطين لدولتين بنسبة 55% إسرائيل، و 44% فلسطين، 1% القدس وهي دولية رغم إجحافه الكبير بالحق الفلسطيني الذي يملك حينها أكثر من 90% من الأرض ويتمتع بأغلبية سكانية كبيرة، إلا أنه أسس قبولاً دولياً وقتها لحل النزاع على هذه الشاكلة، بينما إسرائيل تعدت القرار الدولي لتبسط نفوذها على 78% من مساحة فلسطين التاريخية ليظهر مفهوم نكبة فلسطين بعد أن هجر سكانها بالقتل والإرهاب وتشردوا في كل أنحاء العالم، ورغم صدور القرار الدولي 194 الذي يقر بحق اللاجئين في العودة إلى ديارهم والتعويض عن ممتلكاتهم إلا أنه لم ينفذ بعد رغم التصويت الجاري عليه سنوياً في الجمعية العمومية للأمم المتحدة وبأغلبية كبيرة.
وبعد أن استكملت إسرائيل تمددها واحتلالها في حزيران/ 1967 للضفة والقطاع والقدس انتقل الصراع من أرض العام 1948 إلى أراضي العام 1967 وكان هذا الانتقال وقتها واقعياً كون الفلسطيني يقع على آخر أرض متاحة له من فلسطين ولم يتبقى مكان للفرار إليه، ولأن العرب ركزوا على إزالة آثار عدوان العام 1967 في صراعهم مع إسرائيل ورغم هذا ظلت أراضي العام 1948 مشمولة في برنامج منظمة التحرير الفلسطينية وباقي الفصائل المكونة منها.
رغم هذا استمر الإنكار الصهيوني للنكبة، وما تبعها من تداعيات، وألقى فهمها للصراع العربي الإسرائيلي على أنه صراع وجودي ومصيري بظلاله على كل ممارساتها من توسع وسيطرة وتحكم بشكل لا يمكن كبح جماحه، وأصبح قضم ما تبقى من الأرض الفلسطينية أثناء عملية التسوية السياسية سلوكها المفضل بعد أن تراجعت قوة الدفع الدولية لعملية السلام، وغياب الوسيط الأمريكي النزيه عن الضغط على إسرائيل، التي رأت في العملية السلمية برمتها مدخلاً للنيل من العرب خصوصاً وهم يهرولون تجاه بناء علاقات معها، فغيرت الأسس التي قامت عليها عملية السلام، وبرزت عناوين جديدة لتدمير العملية برمتها كتغول الاستيطان، ويهودية إسرائيل، وإضعاف السلطة بحصارها سياسياً ومالياً وبنيوياً بتدمير مقراتها، وأصبح السلام يقابله القتل اليومي وابتعدنا عن قاعدة انطلاق التسوية وما رافقها من ضمانات أمريكية لنقع تحت الفعل ورد الفعل الإسرائيلي.
وجاءت رسالة الرئيس أبو مازن لنتنياهو تختصر القضية الفلسطينية ومستقبلها والتي في أي طرف آخر ما كانت لترسل أو لتكتب حتى إلا أن كل المؤشرات السياسية دفعت الرئيس لتحديد مسئولية انسداد أفق التسوية وما سيؤدي إليه جمودها، حينها أدرك الجميع مدى الغبن الذي لحق بنا، وحصار خياراتنا ، لقد أرجعتنا الرسالة لوصية أوصاها القائد / صدام حسين للفلسطينيين حيث رغم تحفظاته على التسوية إلا أنه آثر النصيحة مبرره أنه يدرك التفكير الصهيوني فيقول : " تجنبوا بناء قاعدة دولة مادية تقليدية تتحول إلى عبء ثقيل كلما هدد الصهاينة بتدميرها ".
كان يريدها أقرب للمقاومة ولحركة التحرر منها لمؤسسات دولة فقد توقع المماطلة والتسويف الإسرائيلي، ونحن آثرنا أن يقتنع المجتمع الدولي كله برغبتنا في السلام فآثرنا أن نقيم عماد هذه الدولة دليلاً على جديتنا وحرصا على السير في هذا الطريق لنهايته، وهذا لم يفلح حتى الآن لتقنع إسرائيل بأن الحل المطروح حالياً هو لمصلحتها هي، وتنازل مؤلم من الطرف الفلسطيني.
فإن كان نتنياهو يقزم الصراع بمنطق القوة والإرهاب الصهيوني لحدود العام 1967، ولا يقبل اعتراف إسرائيل عن مأساة نكبة فلسطين رغم القرارات الدولية المؤكدة على مسئوليتها، فهل تقزيمه هذا دفعه لوضع حلول حتى في الحدود التي يتحدث عنها ؟ باعتقادي أن إسرائيل لا تريد السلام وليس لديها حل عادل شامل للقضية الفلسطينية، وكل ممارساتها تؤكد ذلك.
وما اقتراح يوسي بيلين الذي أيد حزبه الحرب على غزة من اليوم الأول بتسليم الأراضي المحتلة لإسرائيل وحل السلطة الوطنية إلا تكريس آخر لواقع الاستيلاء على الأرض، واحتلالها ليتحول كل الشعب الفلسطيني ليس فاقداً لأرضه فقط بل لهويته وجواز سفره، ويصبح حتى بلا حدود ينازع عليها طالما سلم أرضه حتى مع حكومة قوية كالائتلاف الحالي في إسرائيل بين موفاز ( كاديما ) ونتنياهو ( ليكود ) فليس هناك رؤية لحل الصراع، فالكل أجمع على مرحلية الحل بحيث في المحصلة النهائية تبقى المستوطنات الكبيرة قائمة، وأن الدولة التي ستقوم لن تكون سوى كانتونات وجزر منعزلة.
لذلك في الذكرى الرابعة والستين للنكبة صار لزاماً على إسرائيل أن تعي جيداً حقيقة الصراع، فإن كان وجودياً فهو لوجودنا نحن وليس إسرائيل، وإن كان حدودياً فليس أقل من دولة حقيقية واعتراف بالنكبة الفلسطينية، والإقرار بحق اللاجئين في العودة، والتعويض، أولئك اللاجئين الذين أصبحت حياتهم مأساة تشهد على نازية وفاشية إسرائيل فأين حلولك المقترحة يا نتنياهو لحدود العام 1967 كما تود أن تؤرخ للقضية الفلسطينية ؟! أعتقد أن إسرائيل لا تملك أي حلول تذكر، ولعل قادم الأيام يفهمها أنها بتضييع فرص الحل لقضية كل فلسطيني عربي ومسلم وكل مناصر للشعب الفلسطيني، أضاعت فرصة تاريخية لتسوية الصراع لن تصبح مستقبلاً متوفرة وستتحمل هي تبعات صلفها وتعنتها.
وستبقى إسرائيل تتأرجح بين مقارباتها الثلاث ( جدار عزل عنصري مأخوذ عن الفكر الفر نجي، أو شاميرية تدير صراع لقرن من الزمان ما بين التطرف والهدوء أو إشعال الحرائق وإخمادها، أو اندماج يلح عليها مع المحيط الخارجي بلا جدران وصراعات ) لقد وجب الآن على إسرائيل حسم خياراتها فلسنا في عصر الإمبراطوريات واسعة النفوذ وفلسطين على صغر مساحتها هي مكان للشعبين وأكثر ما تخافوه أن تخرجوا من عزلتكم وغيتواتكم وتعترفوا بحق الشعب الفلسطيني الذي حولتموه لضحية بعد أن تقمصتم دور الجلاد على اعتبار أن معاناة الآخرين هي أدنى مرتبة من عذاباتكم وأن سيفكم على رقابهم أقل حدة من سيوف نازيي هتلر على رقابهم إلا أن النار التي تشعلونها ستحرقكم وتحرق ديمقراطيتكم ومجتمعكم الذي يزداد تطرفاً كل يوم.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. لهذا السبب نفذت إسرائيل عملية اختطاف عماد أمهز بالبترون | #ا
.. أبرز ما جاء في الصحف الدولية بشأن التصعيد الإسرائيلي بالشرق
.. سرايا القدس: استولينا على طائرات بدون طيار يستخدمها الاحتلال
.. لماذا قصفت إسرائيل كفرسوسة في دمشق؟
.. نشرة إيجاز - الحرس الثوري الإيراني يتوعد إسرائيل برد قاس