الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحاج المناضل أبو بسام الكعبي .. بعد 65 عام على النكبة .. المخيم مش وطنا .. وبيارتنا وطنا .. وما إلنا الا انقاتلهم

أبو زيد حموضة

2012 / 5 / 11
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


ونحن على عتبات الذكرى الخامسة والستون لنكبة الشعب الفسطيني بعد تعرضه لأكبر عملية تطهير عرقي يشهدها التاريخ، لازال حق العودة ينبض دماً وعرقاً، حلماً وكبرياءً في عروق الفلسطيني، فلا الكبار ماتوا وماتت معهم فكرة الوطن ، ولا الصغار نّسو فلسطين وفكرة الوطن نمت وسكنت عقوله ووجدانهم، وهذه الحقيقة تؤرق المحتل، وتجعله يعيش في قلق وجودي دائم رغم جبروته وقوته ومفاعلاته وصلفه ومجازره.
ألحاج أبو بسام الكعبي، غدا وجها مالوفا في خيمة الاعتصام التي نصبت اوتادها في مركز دوار الشهداء بنابلس منذ 17 نيسان الشهر الماضي وقت اعلان الاضراب الجماعي للاسرى عن الطعام، التقيته بخيمة العهد والوفاء، في اليوم 23 لخوض أسرانا معركة كسر الإرادات مع ادارة سجون الاحتلال العنصرية. فدردشنا معا عن تغريبة عشيرة الكعبي كعينة من التغريبة الفلسطينية التي لا تزالت ترفرف بأجنحتها بكل ما فيها من ظلم الاقتلاع والمنافي وحياة المخيم والاجتياحات والمطاردة والاعتصامات وانتظار الابناء والاقارب خلف القضبان. ورغم العقود السبع التي قضت شطرا كبيرا من عمره المديد، الا أن كل هذه السنون لم تشفع للختيار أو تستثنيه من التعرض لذل السجون والتحقيق، ولم تنسه قسوة هذه السنون ومرارتها أيضا بياراتهم في العوجا في يافا، التي لم تبرح مخيلته ويتفنن بوصفها كمعشوقة.
الحاج محمد حسن الكعبي ( أبو بسام ) ، 75، ألمقيم حاليا في مخيم بلاطة، يتواجد يوميا تحت قبة الخيمة مع زوجته، ويبدو أن حياة الخيام جزء لا يتجزأ من حياتنا، ولكن خيمة عن خيمة تفرق كما تقول ام سعد بطلة قصة أديب الثورة كنفاني، وشتان ما بين خيمة الكرامة لتجدد حياة الفلسطيني الذي اقتلع من أرضه وبين خيمة الذل التي حملت الرقم 101 والتي سميت بخيمة فك الارتباط بين الجيش المصري وجيش المحتل الاسرائيلي والتي تداعت الى توقيع معاهدة كامبديفد وعزل مصر العظيمة عن محيطها العربي زمن السادات.
الحاج الكعبي يتواجد يوميا في الخيمة للمشاركة في الاعتصام تضامنا مع الاسرى ومع فلذة كبده عاصم والمحكوم 18 عاما قضى منها تسعة سنوات، ويعتبره أبو بسام أخر العنقود كونه أصغر أبناءه الخمس الذين تعرضوا كلهم للإعتقال، لكن في فترات مختلفة والتي قلما اجتمع كل أفراد عائلته على مائدة واحدة لأن الاحتلال طالما صادر حرية أحد ابناءه .
وقت سقوط البلاد كان عمري ثلاثة عشر ربيعا، يقول أبو بسام، وأذكر يافا جيدا، وكان والدي مختار عشيرة الكعبي التي تّعد ما يزيد عن الف نفر، ولقد تركنا البلاد خوفا لتلافي موجة التطهير العرقي على يد عصابات الهجناه الذين ارتكبوا المجازر بدم بارد. خرجنا ووالدي واخوتي الثلاث وأخواتي الخمس، مشينا قرابة اليوم حاملين على رؤسنا ما تيسر من متاعنا البسيط الذي قدرنا عليه حتى وصلنا جلجوليا، ثم الى دير غسانة من قرى رام الله، وأقمنا في بيت تبرع لنا به أحد السكان وكنا وقتئذ قرابة 13 نفر. توفي والدي بحسرته بعد عامين من النزوح.
كان لنا بيارتين في منطقة العوجا خارج يافا، البيارة الكبيرة، ( من كبر البيارة بدك ساعة وانت تلف فيها ) كانت أرضها لحالها ( لوحدها ) أكثر من مئة دنم، وكأنها جنة الله على الارض لما فيها من الحمضيات وجوافة والكرمنتينة والفرنساوي وبيتنا كان في نص البيارة، وكان عندنا مزارعين يزرعوا كل اشي، العدس والقمح والحمص ووو. ولا نزال نحتفظ ببعض قواشينها من زمن تركيا والانجليز، والبيارة في منطقة العوجا، سميت بذلك لتموضعها بجنب نهر العوجا الذي جففه الاحتلال، وجعله مصبا للمياه العادمة، وغير اسمه الى نهر اليركون. أما البيارة الثانية ففيها الموز والتفاح والعنب والجوافة وكل أنواع الحمضيات.
ابو بسام الكعبي، في رده على سؤال العوده الى بيته، حمل عكازه بتلقائية، ونفث دخان سيجارته في وجهي مستنفرا : والله لو يصح لي الرجوع ليافا هلأ ( الان ) لأرجعلها مشي .. والله اني ما بكذب عليك ومش رح أستنا ولا دقيقة، انت عارف شو يافا، حدا بنسى مسقط رأسو، يافا بلدي، يافا وطني، والله من يوم ما تهجرنا ما شفنا يوم حلو، الله يلعن المخيم والساعة الي اجينا فيه، كله هموم، شبعنا هموم ومآسي، يازلمه ُدقنا الويلات. أكبر فرحة الي ولأهلي أني اعود لبيتنا، لبيارتنا، لأرضنا، وأبوس ترابها، وأصليلها وأركعلها.
لو اعطوك يا ابو بسام جنيهات فلسطينية ذهب من عملة زمان، العملة الحلوة، وقالولك خليك في مخيم بلاطة، ماذا تقول .. الجواب باستهزاء .. لو اعطوني مش جنيهات، والله لو أعطوني كنوز الدهب ومال قارون ما بتنازل عن ذرة من تراب بيارتنا، المخيم مش وطني المخيم مؤقت، وقلتلك شفنا منه الويلات .. يازلمه تقريبا كل يوم بحلم اني في البيارة، يوم بحلم اني بزرعها، ويوم بحلم اني بنكشها، ويوم بحلم اني باكل منها، .. بقلك بحلم فيها يوم يوم وبتقول لي جنيهات.. وتمتم بينه وبين نفسه جنيهات آل( قال ) أهلا جنيهات، وين بصرفوها هاي؟
كيف ممكن تحقق الحلم يا ابو بسام؟ أجاب: ما النا الا نقاتلهم، صحيح احنا هون في خيمة الاعتصام، هاي فشة خلق، بس هاي الخراريف ما بتفشش القلب ولا بتجيب أرض.
يعني انت مع ابنك في ما قام فيه من نضال؟
ومين قالك اني ضده، ما كمان أنا أبوه ومناضل وانسجنت. وعندي اليوم أكثر من سبعة أشخاص من دار الكعبي في السجون، يعني باعتقادك السجن عندنا هواية، في حدا بالدنيا ببيع حريته، السجن خصص عندنا لطلاب الحرية، ولمقاتلي الحرية، مش ديان قال أول الاحتلال انه السجن وردة وكل فلسطيني عليه أن يشمها، فأنا وأولادي وأولاد أخي وأولاد أخواتي وكل أولاد شعبنا شمينا الوردة، فهل نسينا بلادنا ؟ فمصيرهؤلاء مقاتلو الحرية؛ إما السجن، أو الإستشهاد أو النصر والحرية.
قديش انسجنت عمو أبو بسام؟
اسبوعين
مين سجنك؟
الكابتن الفاشي أبو شوقي، كنت بعمل في أحد البنايات حارس، وطلع صوت ارصاص، وحوطوا المنطقة، وأصر أبو شوقي اني بعرف منين طلع الرصاص .. وأنكرت لأني كنت نايم.
كنت نايم وإلا بتحلم .. ضحك ببراءة الطفل المخضرم! الاثنين.
اجرى الدردشة أبو زيد حموضة، منسق الاعلام في المنتدى التنويري
فلسطين المحتلة نابلس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في شمال كوسوفو.. السلطات تحاول بأي ثمن إدماج السكان الصرب


.. تضرر مبنى -قلعة هاري بوتر- بهجوم روسي في أوكرانيا




.. المال مقابل الرحيل.. بريطانيا ترحل أول طالب لجوء إلى رواندا


.. ألمانيا تزود أوكرانيا بـ -درع السماء- الذي يطلق 1000 طلقة با




.. ما القنابل الإسرائيلية غير المتفجّرة؟ وما مدى خطورتها على سك