الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المناظرة التاريخية فى انتخابات الرئاسة المصرية

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2012 / 5 / 11
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


لقد شهدت مصر مساء الخميس 10 مايو ولأول مرة فى تاريخها الطويل مناظرة بين مرشحين رئاسيين وهما عمرو موسى وزير الخارجية الأسبق وأمين عام الجامعة العربية السابق وعبد المنعم أبو الفتوح نائب المرشد السابق للإخوان المسلمين. وكان ذلك فى استوديوهات أون تى فى حيث نجح فريق العمل المكون من منى الشاذلى عن قناة دريم ويسرى فودة عن أون تى وصحف المصرى اليوم والشروق فى وضع القواعد التى خرجت بالمناظرة إلى بر الأمان. لقد استمرت المناظرة ساعات عديدة حيث قدم المرشحان رؤيتهما عن كيفية التعامل مع المشكلات التى تمر بها البلاد. لقد تطرق النقاش لموضوعات مختلفة فى مجال السياسة والاقتصاد والأمن وعلاقة الدين بالسياسة. كما تبادل المرشحان الاتهامات حول تاريخهما وتجربتهما السابقة فى مجال العمل العام. لعل المصريين يتساءلون من هو الفائز فى هذه المناظرة التاريخية. وفى ظنى فإن مصر هى التى فازت فى هذه المناظرة التى وضعتها—بلا مبالغة—فى مصاف الدول المتقدمة فى مجال الديمقراطية.

مناظرة على الهواء مباشرة
من المعروف أن المصريين بكافة مشاربهم اعتادوا على الالتفاف حول التلفاز فى المنازل والمقاهى لمشاهدة مباريات كرة القدم فى الدورى المصرى وفى المحافل الإقليمية والدولية ولكنهم لأول مرة يجلسون حول التلفاز فى المقاهى لمتابعة مناظرة بين مرشحين فى انتخابات رئاسية. لا شك أن المناظرة لم تحظ باهتمام المصريين فحسب بل حظيت أيضا باهتمام وإعجاب الصحف العالمية كالواشنطن بوست والجارديان على اعتبار أنها أول مرة يشاهد المصريون مناظرة رئاسية فى تاريخ بلدتهم ذات السبعة آلاف سنة. صحيح إن مصر شهدت من قبل انتخابات رئاسية فى عهد مبارك إلا أن الجميع كان يعتبرها مسرحية هزلية يعرف المشاهدون نتيجتها مسبقا. وكما اعترف الفريق المنوط به إعداد المناظرة فإنهم استعانوا بالخبراء الأمريكيين من هيئة المناظرات الرئاسية فى بلاد العم سام.

مناظرة على الطريقة الأمريكية
لعل المناظرة التى شهدناها تذكرنا بالمناظرات التى اعتاد عليها الناخب الأمريكى سواء فى الانتخابات التمهيدية أو الرئاسية. الجدير بالذكر أن أول مناظرة فى تاريخ الانتخابات الرئاسية الأمريكية أقيمت فى عام 1960م بين جون كنيدى وريتشارد نيكسون والتى شهدها 66 مليون ناخب أمريكى. وقد لعبت هذه المناظرة دورا فى توجيه الناخب الأمريكى نحو اختيار رئيسه. لقد استطاع جون كنيدى أن يقنع الناخب أنه الرئيس المناسب وأن نيكسون لم ينضج بعد لتولى مسئولية هذه الوظيفة. ومنذ ذلك التاريخ لم تخلو انتخابات أمريكية فى مستوياتها المختلفة من عدة مناظرات فى مواقع مختلفة. فمثلا شهدت انتخابات 2008م عدة مناظرات لاختيار مرشحى الأحزاب فى المعسكرين الجمهورى والديمقراطى. لقد شارك مرشحو الحزب الجمهورى فى 22 مناظرة حيث انطلقت أول مناظرة فى 3 مايو 2007 فى مكتبة الرئيس ريجان فى كاليفورنيا. أما باقى المناظرات فقد أقيمت فى نيوهامشير وجنوب كاليفورنيا وفلوريدا وأوهايو. أما مرشحو الحزب الديمقراطى فقد شاركوا فى 23 مناظرة وكانت أول مناظرة بين مرشحى الحزب قد بدأت فى 26 ابريل 2007 فى اورانجبرج فى جنوب كاليفورنيا. أما بقية المناظرات فقد شهدتها ولايات كثيرة مثل كاليفورنيا ونيوهامشير وميشيجان والينوى وايوا وفلوريدا ونيفادا وبنسلفانيا وأوهايو.

تبادل الاتهامات
وإذا عدنا للنسخة المصرية من المناظرة الرئاسية فقد شهدنا أول مناظرة فى تاريخ مصر حيث يقف مرشحان أمام الكاميرات للرد على أسئلة صحفيين وفى فترة زمنية محددة لا تتعدى الدقيقتين فى الإجابة ونصف الدقيقة فى طرح السؤال على المرشح الآخر. وقد ثبت أن عمرو موسى الذى عمل وزيرا للخارجية لمدة عشر سنوات فى عهد مبارك وأمينا للجامعة العربية معتاد على مواجهة الكاميرات وعلى الرد على أسئلة الصحفيين فى المؤتمرات الصحفية. لعل الجميع شهد المرشحين يقدمان رؤيتهما حول كيفية التعامل مع المشكلات التى تمر بها البلاد. وكما هو متوقع فقد تبادل المرشحان الاتهامات. فقد أوضح أبو الفتوح أن عمرو موسى كان جزءا من النظام البائد حيث عمل وزيرا للخارجية وقام بتأييد مبارك لفترة رئاسية أخرى. وكذلك تطرق أبو الفتوح إلى كيفية تمويل عمرو موسى لحملته الانتخابية. أما عمرو موسى فقد نوه إلى أن تأييد السلفيين لأبى الفتوح ربما يعكس أن هنالك صفقة غير معلنة بينهما. وطرح موسى سؤالا: ماذا وعدتهم مقابل التأييد؟ كما أشار موسى أن أبو الفتوح فى كتاب له أقر أنه يعتنق الفكر الوهابى الذى يميل إلى تغيير الأوضاع السياسية بالعنف. ومن الاتهامات التى أفردها موسى أن إعلانات أبى الفتوح منتشرة فى كل مكان ولا ينافسه سوى إعلانات حازم أبو إسماعيل وأنهى حديثه متسائلا: من أين أتيت بالأموال التى تنفقها فى الإعلانات؟ واستغل عمر موسى فقرة الأسئلة لكى يبدى اندهاشه لأن أبا الفتوح توجه إلى العباسية قبل اندلاع الأحداث ثم جاء ليردد أن الاحتجاجات لم تكن مقبولة وهذا يعد تناقضا فى المواقف. رد أبو الفتوح قائلا إن ما يقوله موسى غير صحيح لأنه—أبو الفتوح— كان متضامنا مع القتلى فى العباسية وأردف قائلا: أين كانت الدولة من حماية المتظاهرين، فالمظاهرات كانت سلمية غير أنها أعاقت حركة المرور فى الشارع.

الجدير بالذكر أن أبا الفتوح لم يشأ أن ينهى حديثه قبل أن يلقى سؤالا مستفزا مفاده أن عمرو موسى كونه وزيرا سابقا فى نظام مبارك الذى ثار ضده الشعب فكيف يتوقع أن يقود البلد فى الفترة القادمة... إن أقل ما ارتكبته--والحديث مازال لأبى الفتوح-- من جرم هو أنك التزمت الصمت تجاه الجرائم التى ارتكبت فى حق المصريين." ورد موسى على ذلك قائلا إن أبا الفتوح جانبه الصواب حيث إنه لم يكن جزءا من النظام ولم يكن عضوا فى الحكومة حين سقط النظام. ثم أردف قائلا إن أبا الفتوح اعتاد على الدفاع عن مصلحة الأخوان المسلمين وليس عن مصلحة مصر.

وقبل نهاية الجولة تقدم موسى بسؤال لأبى الفتوح حول تعهده بالولاء للمرشد الأعلى للإخوان المسلمين حين كان عضوا بالجماعة وما إذا كان سيلتزم بهذا التعهد بعد أن يصبح رئيسا. وجاء رد أبى الفتوح أنه تقدم باستقالته من الجماعة العام الماضى وأنه يلقى التأييد من كل أطياف المجتمع: ليبراليين وإسلاميين معتدلين ومتشددين. أما موسى فقد أشار أن هذا التأييد يرجع إلى محاولة أبى الفتوح إعطاء وعود براقة لكل جماعة من هذه الجماعات. وهنا أطلق أبو الفتوح اتهاما لموسى بأنه كان من المؤيدين لانتخاب مبارك فى 2010م ورد موسى بأن اختياره هذا جاء فى سياق إجابة لسؤال حول تأييده للرئيس أم لنجله وكان حريصا على رفض التوريث. وفى هذه اللحظة ألقى موسى اتهاما لأبى الفتوح مفاده أن أبا الفتوح يعتبر من مؤسسى الجماعة الإسلامية التى تلطخت أيديها بدماء المصريين. وأجاب أبو الفتوح أنه بالفعل يفتخر بتأسيس الجماعة الإسلامية فى السبعينيات من القرن الماضى وأنها كانت حركة سلمية لم تسع لقتل الأبرياء لكن فريقا منهم انشق واتجه إلى العنف. وفى الواقع فإن نظام مبارك الذى عمل موسى وزيرا به هو المسئول عن قتل وتعذيب المصريين.

وبصرف النظر عن النتائج المترتبة عن هذه المناظرة التاريخية فإن مصر تعتبر الدولة العربية الوحيدة التى شهدت مناظرة بين مرشحين رئاسيين. ولعل الجميع يتمنى أن تتسع دائرة المناظرات لتشمل مرشحين آخرين من أمثال محمد مرسى وحمدين صباحى وغيرهم. إنها بلا شك تجربة تستحق الإشادة.
















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فصل جديد من التوتر بين تركيا وإسرائيل.. والعنوان حرب غزة | #


.. تونس.. مساع لمنع وباء زراعي من إتلاف أشجار التين الشوكي | #م




.. رويترز: لمسات أخيرة على اتفاق أمني سعودي أمريكي| #الظهيرة


.. أوضاع كارثية في رفح.. وخوف من اجتياح إسرائيلي مرتقب




.. واشنطن والرياض.. اتفاقية أمنية قد تُستثنى منها إسرائيل |#غرف