الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لم يكن السجن يفرّق بينهم

أم الزين بنشيخة المسكيني

2012 / 5 / 12
كتابات ساخرة


لم يكن السجن يفرّق بينهم ...
تقاطعت مكنة الاستبداد البائد على أجسادهم ..و تفنّن السجّان في تعذيبهم.. و كان الدكتاتور ينتعش كلما كان التعذيب ناجحا في الطبقات السفلية لوزارة الداخلية ..لكنّ السجن لم يفرّق بينهم ..لم يكن يميّز بين حزب اليمين و حزب اليسار ..و لم يكن يفضّل أيّ جسد على آخر ..كل الأجساد السجينة تصلح للتعذيب و القمع طالما و أنّها تمارس حياة سياسية معارضة ..مهما كان شكل المعارضة ..تحت راية الدين أو تحت لافتة المقاومة اليسارية ..
هو صديق قديم ..ننتمي الى جيل طلابي واحد ..جمعت بيننا أسوار كلية الآداب بمنوبة في ثمانينات القرن الماضي ..و فرّقت بيننا الايديولوجيات .. حين يداهمنا بوليس الجامعة كنّا نقف صفّا واحدا و نواجه ماتراكا واحدا .. و عيوننا تدمع من نفس القنابل الغازية .. كنّا نقاوم معا الاستبداد كل من الجهة التي ينتمي اليها .. هو من الاسلاميين قضى سنين في سجون بن علي ..و عانى من حقنة الجنون القسري ..و من التشرد في الشوارع ..هي صديقتي من حزب العمّال.. سجينة سياسية هي الأخرى وقع اضطهادها و تعذيبها في سجون بن علي ..ذات يوم من أيام سجنها هاجمت "نجوى " السجانة و ضربتها دفاعا عن سجينة اسلامية كانت تتقاسم معها نفس الزنزانة ..و ذلك لأنّ تلك السجّانة قد تعنفت على الاسلامية و منعتها من آداء صلاتها ..
"حبيب" أراه يوميا في المكتبة ..و يحدثني عن تجربته في السجن..و أحدثه عن مقالي القادم في "صوت الشعب ".. هو.. لا يزال متشرّدا لا مأوى له غير المكتبة الوطنية كأجمل مكان في العالم للمدمنين على حرية عقولهم ..قبل تعرضهم لأشكال أخرى من الجنون القسري ..هو عائد من الجنون..الى جنون سياسي واسع النطاق .. وهي "نجوى" عائدة من السجن و من اضراب جوع احتجاجا على تعطلها عن العمل ..لكنها لا تزال تعاني من التهميش ..لا شيء تغير في وضعها ..لا شيء يفصلها عن العهد البائد ..كأنّ الثورة لم تقع ..و في انتظار ثورة أكثر ثورية ..تحدّق بأقلامنا حكايات أخرى عن مساجين آخرين لم تنصفهم لا الثورة و لا السياسة و لا الجريدة . و في الحقيقة ثمّة سجناء صاروا أبطالا برتب سياسية عالية ..و ثمة سجناء ظلّوا سجناء في انتظار انصافهم ..لم يفرق السجن بينهم لكنّ السياسات الحالية تزرع الفتنة بين الجميع ..نصبوا أنفسهم وُكلاء على الثورة و هاهم لا ينفكون عن تقسيم أبناء الشعب الى "أغلبية "و " أقلية " ..الى "حماة الأمة" و" أصحاب المؤامرة" ..الى "مؤمنين "و "ملحدين" ..تسميات كاركاتورية و مخجلة .."أيتام فرنسا" و "الشلائكية " ..و" يسار بن علي".. و تأتيك هذه الشتائم أحيانا من مسؤول لا علاقة له بالثورة و لم نره يوما في الشوارع متظاهرا ..لم يعتصم و لم يجرح و لم يسجن بل و لم يستشهد و لم يهدّد في وظيفته أبدا في أيّة حكومة سابقة .
..و المضحك في الحكاية أنّهم يقتاتون يوميا في مجالسهم على "جلد الحداثة".. و هم مع ذلك يستعملون أرقى أدوات الحداثة للتعبئة السياسية و الدمغجة الايديولوجية ..كل شيء صار مُلكا لهم : الشعب و الثورة و الدين و الله و الديمقراطية ..يخالون الآخرين شعبا غريبا .. و أرهاطا من البشر خلقوا من البلاستيك أو من الصابون ...فهل صرنا أعداء أو صهاينة و نحن لا ندري ؟
الى كل من يفرق بين أبناء هذا الشعب الكريم نقول بصوت الشعب : اننا جميعا مالكين و أسيادا لهذا الوطن ..لا أحد يعيش بيننا على سبيل الاكتراء أو اللجوء ..سنظل معا ..يجمعنا الانتماء و الحرية و الحياة و الموت..و الحقل و البحر و السنبلة ..و ستبقون على كراسيكم الوثيرة تخططون و تفرزون من معكم و من ضدكم .. لكن صوت الشعب يوصيكم بتحصين من ضدّكم.. لأنّكم بدونهم لن تنجزوا أي شكل من الديمقراطية ...فبدون المعارضة تصير كل دولة الى استبداد آخر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أخرهم نيللي وهشام.. موجة انفصال أشهر ثنائيات تلاحق الوسط الف


.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس




.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في


.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب




.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_