الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأسد أو خراب البلد...!

وهيب أيوب

2012 / 5 / 12
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


من لا يعرف ذهنية النظام السوري وتركيبته، سيستغرب جداً أن يقوم هذا النظام بارتكاب جرائم إرهابية بحجم التفجيرين الهائلين في العاصمة دمشق، ويحتار البعض في مدى مصلحة النظام من ذلك؟
السوريون هم الأكثر معرفة بهذا النظام وطبيعته، وهم الذين عايشوه وخبروه على مدى عقود طويلة، لهذا فهم آخر المُستهجنين بتلك الجرائم الوحشية، التي لا يمكن أن ترتكبها إلا جهة عدوّة للشعب السوري والثورة، خاصة أنها تمّت في مكان يزدحم بالعامة وحركة الناس.
أسئلة بسيطة لا تحتاج أجوبتها لكثير من الحنكة والذكاء. فمنذ انطلاق الثورة من درعا، تتردّد على الفضائيات، لماذا عندما تخرج المظاهرات المناوئة للنظام يتم إطلاق النار عليها وقمعها بوحشية وقتل العديد من المتظاهرين، بينما تخرج الملايين المؤيّدة للنظام، حسب زعمه، ولا يحصل ضربة كفّ واحدة؟ فهل المعارضة معنية بقتل جماعاتها أم جماعة النظام؟
قبل أيام على التفجيرات الأخيرة، جرت مسرحية انتخابات مجلس الشعب، وكان الوضع مناسباً جداً للمعارضة أو للـ "العصابات المسلحة" أو حتى "القاعدة"، أن تقوم ببعض التفجيرات لإرهاب المنتخبين وتعطيل تلك الانتخابات، لكن ذلك لم يحصل، لماذا؟ لا بل تعاملَ المتظاهرون بأسلوب السخرية والتهكم على تلك المسرحية الفاشلة.
إن الطبيعة المؤسَّس عليها نظام الأسد تجاه الشعب السوري منذ حافظ الأسد وحتى اليوم، هي القهر والقمع والإقصاء المُمنهج لكل من تسوّل له نفسه المناكفة أو الاعتراض، وهذا القمع يرتفع إلى درجة الإرهاب الدموي عندما يواجه النظام تهديداً حقيقيّاً على وجوده، وهو ما يحصل اليوم، وما حصل عام اثنين وثمانين، وفيما شاهدناه في لبنان أيضاً عندما شعر النظام أن وجوده هناك بات مُهدّداً وخروجه شبه محتوم، فارتكب مع حلفائه "حزب الله" والقومي والبعثي وسواهم سلسلة من الاغتيالات والتفجيرات الرهيبة، كان أعظمها التفجير الذي استهدف الحريري. فالنظام السوري ذو طبيعة إرهابية وعلى الهامش يمارس بعض السياسة! لهذا، فإن معظم ما حقّقه من أهداف سياسية كان بواسطة الترهيب والإرهاب، سواء في الداخل السوري أو لبنان، أو من كان يرسلهم للتفجير في العراق.
إن أفدح الأمور التي يواجهها الشعب السوري في صراعه مع نظام الأسد، هو افتقاده للحد الأدنى من الأخلاق الوطنية، لا بل الإنسانية، وهو على استعداد لارتكاب أفظع مما ارتكب حتى اليوم من مجازر وتفجيرات وعلى نطاق أوسع، وهذا ما نتوقعه في الأيام المقبلة، فكلما ضاقت الحلقة حول عنقه ازداد عدائية وشراسة ووحشية دون رادع أو وازع.
وبينما يقوم بالتغنّي على فضائياته بالأوابد الأثرية التاريخية في سوريا وحضارتها القديمة وأبجدية أوغاريت، في خداع واضح وتناقض نفهم أهدافه؛ تقوم دباباته ومدافعه بقصف القلاع الأثرية كقلعة "المضيق" قرب حماه وقلعة "المرقب" في بانياس، إضافة لتدمير العديد من الأوابد التاريخية الأخرى في بلدتي سرجيلا والبارة في مدينة إدلب، وتدمير العديد من الكنائس والمساجد التاريخية، وكلها أماكن تعتبرها منظمة "اليونسكو" جزءا من التراث الإنساني العالمي الذي يجب المحافظة عليه.
في إحدى معارك الحرب الأهلية الإسبانية عام 1936- 1939 بين الجمهوريين الاشتراكيين والقوميين الفاشيين بقيادة فرانكو وعدد من الجنرالات، تحصّنت جماعة فرانكو في بعض الأماكن الأثرية الأسبانية، فرفض الجمهوريون قصفهم في تلك الأماكن خوفاً من إلحاق الضرر بها وتخريبها. لكن السوريين اليوم أمام نظامٍ وحشي فاقد لكل النواميس الإنسانية والأخلاق الوطنية، مستبد لا يملك إلا صورة أُحادية عن ذاته وعن سلطةٍ ورِثها عن أبيه الذي كان سطا عليه سطوا، وبات مُعجم الحكم لديهم مُعجماً شريعته القوة والبطش والإخضاع، متحلّلين من أي التزام أو ضوابط أو شرف وطني وعسكري يردعهم عن ارتكاب أشنع الجرائم وطرائق القتل والانتهاك والتعذيب والتدمير، في سبيل البقاء في السلطة والاحتفاظ بالمزرعة الغنيمة، وإلا فمن بعدهم الخراب والطوفان.
إن نظاماً موسوماً بهذا الكم من الحقد والضغينة على شعبه الذي ما فتئ يعتبرهم رعايا وعبيدا في مزرعته الخاصة التي أطلق عليها "سوريا الأسد"، ويقوم شبيحته وجنوده بكل وقاحة، بكتابة شعارات على جدران في أحياء وأماكن تم قصفها وتدميرها: "الأسد أو لا أحد"، "الأسد أو حرق البلد"، "الأسد أو خراب البلد"، إضافة لشعارهم الرئيسي "الله، سوريا، بشار وبس".
نظاما على هذه الشاكلة، لا بد أن تكون رسائله مِن خلف تلك التفجيرات، للداخل والخارج، مفهومة؛ فإما أن توقفوا الثورة وإما أن أُشيع الخراب والدمار، بحيث لا أحد يأمَن على روحه أو ممتلكاته، وأن ثمن سقوطي لن يكون أقل من ترك سوريا أرضاً محروقة بالكامل. هذا هو الإرهاب والرعب الذي يبغي زرعه في قلوب الذين ما زالوا صامتين أو متربّصين، قبل المنتفضين، إضافة لإرهاب المراقبين الحاليين ومنع وصول المزيد منهم. أما رسالته للمجتمع الدولي، فهي واضحة من خلال اتهام تنظيم "القاعدة" بالتفجيرات الحاصلة في سوريا، وهذا مُطابق لما كان يروّجه زميله القذافي قبل سقوطه.
في المقابلة الأخيرة مع المفكر السوري المعارض صادق جلال العظم يقول: "النظام سيندفع بشكل أقوى نحو العنف، أو ما أسمّيه المرحلة الشمشونية......". يعني عليّ وعلى أعدائي!
في مطلق الأحوال، فإن سلوك نظام الأسد المتهالك هذا، يدلُّ بشكل واضح على فقدانه الأمل في قمع الثورة وإخضاعها، والتفجيرات الأخيرة في دمشق قد تكون بداية الفصل الأخير من المرحلة الشمشونية، أمام هذا الصمود الأسطوري للسوريين، وعزمهم وإصرارهم غير المشكوك فيه على إيصال الأمور إلى خواتمها.
*الجولان السوري المحتل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انقلب السحر
ماجدة منصور ( 2012 / 5 / 12 - 15:01 )
لقد انقلب السحر على الساحر يا أستاذ وهيب..فأمريكا قد ارسلت لإبن المقبور رسالة واضحة تقول بما معناها أن وجود هكذا نظام على سدة الحكم في سوريا سيفتح الباب واسعاً لتواجد شرائح كبيرة من تنظيم القاعدة وخاصة أن لسوريا حدوداً مفتوحة مع دول عديدة والحل الوحيد هو تنحي ابن المقبور عن الحكم.0
نحن نعلم جيدا أنه لا وجود للقاعدة في بلدنا حيث أن طبيعة الشعب السوري حتى لو كان متدينا الى أن طبيعته ترفض العنف و القتل و الدم و لهذا لم تعد تنفع_بائع الجولان_ هذه الشماعة
(خليه يدور على مسلة تانية تيخيط فيها فاسطوانة القاعدة قد أصبحت اسطوانة مشروخة و قد استعملها_الملقح على قفاه_حسني مبارك و _المحروق المشلوَط_علي عبد الله صالح و لم يوفرها _المخوزق القذافي_ قذفه الله في أوسخ جهنم.0
لك احترامي


2 - ان عقد مقارنة بين غزو المغول لسوريا
عبد الله ( 2012 / 5 / 12 - 20:47 )
ان عقد مقارنة بين غزو المغول لسوريا و بين غزو النصيرية يأتي من باب الدقة العلمية و الموضوعية تثبيتا لحقائق تتم يوميا على الأرض و يراها العالم بأجمعه، سنرى ببساطة ان هناك تقاربا شديدا في المنهج و الأسلوب ، فكما أن الماّسي التي جلبها غزو المغول على البلاد الشامية نتيجة للقتل والسلب البربري اضافة لعدم وجود حضارة مغولية قابلة للنقل الى الطرف المتحضر و ان كان هو الطرف الخاسر، فكذلك الغزو النصيري حيث تم استخدام أساليب مشابهة من حيث الهمجية و الوحشية للغزو السابق الذكر ، و كأن مئات السنين التي تفصل بين الغزوين فانها لم تشفع للغزو الثاني العلوي من استخدام القتل و الانفجارات و الاعتقال و القصف و النهب و الاختطاف و الاغتصاب


3 - أو نحرق البلد
نبيل السوري ( 2012 / 5 / 13 - 10:26 )
تقول: الجرائم الوحشية، التي لا يمكن أن ترتكبها إلا جهة عدوّة للشعب السوري

لكن هل هناك عدواً للشعب السوري ألد من هذا النظام السافل؟
بل هل هناك عدو آخر لهذا النظام غير الشعب السوري؟
إن الحقد الهائل المنفلت ضد أبرياء الشعب من المدنيين الذي يمارسه قطعان الشبيحة وجحافل كتائب الأسد لم نر شبيه به باستثناء ربما السادي بول بوت. إسرائيل لم ولن تفعل شبيهاً لهذا الإجرام الوحشي، لأن الإسرائيليين أنبه من أن يسمحوا أن تجول في مجتمعهم قطعان وحشية منفلتة لهذا الحد من الهمجية، ولن يقبلوا لمجتمعهم أن يتسخ لهذه الدرجة ولو كانت هكذا ممارسة ضد أعدائهم من العرب والفلسطينيين
لكن نظام الأسد الفاشل السافل وقطعانه ومجرميه يفخرون بوحشيتهم هذه
إن هذا النظام ومن يلوذ به لا علاقة لهم بسوريا ولا بالوطن السوري
وأصلاً لا علاقة لهم بالإنسانية
وأخشى أنهم ينجحون تدريجياً بإيصال سوريا والمجتمع إلى مرحلة أشبه بكمبوديا ورواندا، وطبعاً لا يعنيهم ذلك بشيء لأنهم ليسوا من هذا الوطن وبالتالي إن احترق في سبيل أن يثبتوا نجاح حملة الأسد أو نحرق البلد فلا مانع

تحية كبيرة للحر وهيب


4 - بضاعة كاسده
محمد ابو شراره ( 2012 / 5 / 20 - 12:50 )
قد يكون النظام سافل ومجرم سيد وهيب لكن الانذل منه اولئك الطائفيين التكفيريين الذين بتنا نراهم بدقونهم التي تملأ ساحات الوطن ,والقاعده التي لا نقبل انكار وجودها ان تصوير جميع الثوار في سوريا على انهم غيفارى لهو مهزلة حقيقية بعض الثوار يفوقون النظام إجراما ونذاله, والغد الذي نريده لا يمكن ان يأتي على ايدي امثال هؤلاء


5 - توضيح
وهيب أيوب ( 2012 / 5 / 20 - 15:12 )
أخي محمد أبو شرارة
نحن نسعى لبلد حرّ ديمقراطي وعلماني ، أما الطائفيين والتكفيريين فلن نكون أقل عزماً وصلابة في مواجهتهم.ونحن ضد أي شعارات وتوجهات طائفية من أي جهة أتت.

اخر الافلام

.. ??مجلس النواب الفرنسي يعلق عضوية نائب يساري لرفعه العلم الفل


.. الشرطة الإسرائيلية تفرق المتظاهرين بالقوة في تل أبيب




.. مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في تل أبيب وسط مطالبات بإسقاط


.. نقاش | كيف تنظر الفصائل الفلسطينية للمقترح الذي عرضه بايدن؟




.. نبيل بنعبد الله: انتخابات 2026 ستكون كارثية إذا لم يتم إصلاح