الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نواقيسٌ خطرةٌ .. تُقرَعُ

ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)

2012 / 5 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


كلّ الدلائل تشير إلى أن المالكي قد تلقى " دعماً " لشخصه من " الباب العالي " في زيارته الأخيرة إلى واشنطن " آستانة آخر الزمان " . إطمئنان لا يرقى إليه الشك في قلبه . قال له قادة الكتل السياسية كلاماً خطيراً ، وحددوا له خمسة عشر يوماً يتجاوب فيها مع مطاليبهم ، ولكنه أعطاها ( أذن الطرشة ) ، وكأنه يقول لهم ( أعلى ما في خيلكم إركبوا !! ) .

إجتمع الطلباني والبرزاني ومقتدى الصدر وعلاوي والنجيفي في أربيل ، وإتفقوا على تقديم مجموعة من المطالب إلى الحكومة لتنفيذها وبعكسه يتخذون قرار سحب الثقة عنه وعن حكومته . فما السرّ في إصرار المالكي ، وعدم تجاوبه مع تلك المطالب ؟ تجارب السابقين الذين كانوا قد إعتصموا بحبل الباب العالي دروسٌ يجب على كل ذي بصيرة تذكّرها ، ويرسم لنفسه خطوط رجعة ، قبل أن يقع الفاس بالراس حيث لا ينفع الندم . التأريخ يشهد للحث والتحريض والموقف الداعم لطاغية العهد السابق في إشعال حرب الثمان سنوات مع إيران ، ثمّ إنقلاب ذلك الموقف فيما بعد حتى لجأت الولايات المتحدة إلى إستخدام قواتها المسلحة لغزو العراق وإسقاط حكم ( الحليف السابق ) . والتاريخ الحديث ، وما تحمله مؤشرات الربيع العربي ، تعطي نفس الدرس لمن يريد أن يعتبر ، ويعود عن غيّه .

لقد كانت خطة " فرّق تسُد " السلاح الذي إعتمدته الولايات المتحدة لتتمكن من كسر صمود الشعب العراقي وتحطيم معنوياته بحيث لا يستطيع تصعيد نضاله من أجل حريته . لقد بذر المحتلون بذرة التفرقة العنصرية والطائفية قبل الغزو ، ثمّ أججوها بإستخدامهم بيادق مرتزقة جاءت معهم وعلى ظهر دباباتهم ، وأمرتهم بإتباع السياسات التي تكرّس هذه التفرقة . جاءت حكومات محكومة بمبدأ المحاصصة ، لا تمتلك الحد الأدنى من التجانس فاقدة القدرة على إتخاذ أي موقف بنّاء طوال التسع سنوات الماضية . لقد تشكلت حكومة المالكي بناء على ما إتفق عليه رؤساء الكتل البرلمانية حسب بنود إتفاقية أربيل . لقد كان توافقاً فضفاضٍاً ، غير واضح المعالم ، وغير معلن للشعب وغير مطروح على مجلس النواب للإطلاع عليه ، على أقل تقدير . لكن حكومة المالكي لم تطبّق أي بندٍ من الإتفاقية حسبما تدّعي جميع الكتل الموقعة عليها عدا كتلة رئيس الوزراء . هذه التوافقات ( أو بالأحرى التواطؤات ) لا تدع مجالاً لتفسير موقف أي كتلة منها بحسن النية ، ما دام الجميع قد تستر على نصوصها لمدة غير قصيرة .

الخارطة السياسية في الساحة العراقية قد دخلت مرحلة حرجة ، إن لم نقل حدّية ، إذ أن قوى الظلام قد إطمأنت إلى أن التفرقة العنصرية والطائفية قد بلغت حدها وترسخت على مستوى أبناء الشعب وأصبحت الخصومات حالة واقعة من عداء مستحكم . ولذلك فقد أصدر المالكي ، وبوصفه وزيراً للداخلية وكالة ، ومتجاوزاً صلاحيات مجلس النواب الدستورية ، قراراً يسمح لكل عائلة إمتلاك قطعة من السلاح ( مسدس أو بندقية ) بحجة تمكينها من الدفاع عن نفسها بنفسها . لا يمكن عزل هذا القرار والمبررات التي سيقت له عن الظروف التي تمر على المالكي وحكومته ، إن لم نعتبره رفضاً لتلك المطالب . إن دعوى المالكي على أن البلد لا يمكن أن يتحقق فيه الإستقرار دون أن يكون في وسع كل فرد الدفاع عن نفسه ضد معتد مفترض آخر قد يكون جاره أو ظهيره لا يستقيم مع المنطق العقلاني ، بل بالعكس فإن عسكرة المجتمع ، بهذه الطريقة ، يمكن إعتبارها مؤامرة دنيئة غرضها بناء ميليشيات متعددة ، منفلتة عن سيطرة الحكومة ، وهي تمهيدٌ لفرض قانون الغاب ، ولإشعال فتيل حرب أهلية بين أبناء الشعب ، في حال عدم التوصّل إلى توافق لحل أي خلاف .

لقد إتفقت ثلاث جبهات سياسية لها حضورها الفاعل في مجلس النواب على سحب الثقة من حكومة المالكي وحددت له مهلة سينتهي أمدها الخميس ( أي يوم غد ) ، ولا يظهر في الأفق لحد الآن ما يبشر بإمكانية التوصل إلى إتفاق يبعد عن العراق وشعبه المخاطر المحتملة ، بل بالعكس فإن آمال المتفائلين أصبحت في كف عفريت ، لا يمكن تقدير ما ستؤول إليه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الباب العالي
علي عباس ( 2012 / 5 / 14 - 10:05 )
فجأة صارت واشنطون الباب العالي!! عجايب. عمي الله وكيلك ومحمد جفيلك، الباب العالي هو في تريكيا، اللي حج إلها كاكا مسعود، ويحمون الآن طارق الهاشمي، ويستقبلون كل الذين تريدهم أن يسقطوا المالكي، يترددون على سلطان الباب العالي في أنقرة السلطان رجب طيب أردوغان وبمباركة خادم الحرمين. يقول المثل: حب واحكي أكره واحكي


2 - الأخ علي عباس
ييلماز جاويد ( 2012 / 5 / 14 - 17:29 )
معلوماتك الجيوسياسية أصبحت قديمة . كان الباب العالي في إستنبول عندما كان السلطان العثماني صاحب السلطة التي تتحكم بأمورنا وأمور غيرنا . إلاّ إن الباب العالي ( حالياً ) فهو في واشنطن ، وقد ذهب جميع الرموز التي تتحكم بسياسة العراق قبل الغزوإلى واشنطن ( لم يتخلف عنهم لا البرزاني ولا الطلباني ولا علاوي ولا جميع الذين في بالك ) وبصموا بالعشرة على قبول تغيير نظام حكم المقبور صدام بواسطة قوات الإحتلال . عمي علينا أن ندرك أن العراق تحكمه عصابة نصبت من قبل الأمريكان ، وبالطريقة التي يحددونها في واشنطن . نحن لسنا عميان بل مغلوب على أمرنا وشكوانا إلى الله الواحد القهار

اخر الافلام

.. فصائل المقاومة تكثف عملياتها في قطاع غزة.. ما الدلالات العسك


.. غارة إسرائيلية تستهدف مدرسة تؤوي نازحين بمخيم النصيرات وسط ق




.. انتهاء تثبيت الرصيف العائم على شاطئ غزة


.. في موقف طريف.. بوتين يتحدث طويلاً وينسى أنّ المترجم الصينيّ




.. قتلى وجرحى في غارات إسرائيلية على مخيم جباليا