الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضغطة الزر المرعبة

فليحة حسن

2012 / 5 / 14
الادب والفن


ليس للانترنت وجه واحد هو وجهه المشرق فقط الذي يوصلنا بالعالم الآخر الذي نحلم بالتواصل معه ،
بل إن وجهاً آخر مخفياً له وفيه مكامن الخطر الذي يمكن أن نتلمسه وبوضوح ونحن نتفحص المواقع الثقافية على الشبكة العنكبوتيه ومواقع الفيس بوك التي حوّلها بعض الشعراء من صفتها كمواقع للتواصل الاجتماعي الى صحف أكثر من يومية إذا ما تتبعنا مرات النشر لليوم الواحد على الحائط التواصلي هذا ،
فصار ذلك الحائط بمثابة جريدة خاصة به يحررها ويديرها بنفسه وينشر بها كل ما يكتبه ويتصوره صالحاً للنشر حتى لو افتقر هذا المنشور الى ابسط مقومات صلاحية النشر وحفل برداءة التعبير ومفارقته للجمال ولصواب الفكرة ،
وصار ذلك الذي يدعي الإبداع الشعري ينشر في اليوم الواحد عشرات المقاطع دون مراعاة لذائقة المتلقي المتابع وتحتم بالمقابل على مَنْ يشاركه هذا الموقع من أصدقائه أن يقرؤوا ما يكتب على مضض ويكوّنوا صورة أخرى غير التي سادت في أذهانهم اتجاه ذلك السحر المبين الذي يسمى شعراً ،
وقد يأخذ هذا الناشر (الفيس بوكي) على محمل الجد كلّ ضغطات( اللايك) التي يقوم بها هؤلاء الأصدقاء من باب المجاملة فيقتنع بشاعريته ويتمادى بها وهو الذي يجهل مدى إسهامه في تردي الذائقة الشعرية بدل العمل على الارتقاء بها عن طريق نشره للمقطّعات والأبيات الشعرية الراقية التي تشير الى الجمال وتعمل على إثباته في النفوس المتعطشة إليه ،
والحال نفسه ينطبق على بعض المواقع الأدبية التي قامت وتقوم على نشر ما يرسل إليها دونما تمحيص له بحجة الانتشار بين العامة فصرّنا نرى من الكتابات فيها ما يبعث في نفوسنا الرعب ونحن نفكر بحاضر ومستقبل الشعر وما آلت إليه أموره من ترد !
يقول والتر راي ( لا احد بمقدوره أن يمشي إلا فوق ظله ) ، إذن ما نكتبه ينتمي لنا وحدنا ، هو انعكاسنا وصورنا الخالدات ، فلماذا نُظهر صورنا للأخر بهذا التشوه بحجة الانتشار،
أجل شعري هو ذاتي فكيف أرضاه هكذا مشوهاً؟
ولماذا لا نترك الشعر يمر بمراحل مخاضه الطبيعي التي تبدأ بالقراءة واستمرارها وليس بتعجل النشر بضغطة زر ،
قد تجعلنا نندم كثيراً لو راجعنا أنفسنا وتدّبرنا ملياً فيما نشرناه ، وساهم في ضياع جمال الشعر
إذ إن الولادة الطبيعية للشعر شوهت بوجود الانترنيت لأنها فقدت مخاضها الحقيقي ،
وأولدتْ لنا مخلوقات مشوهة تُرعب المتطلع إليها وتكرّه في منتجها وبذا نكون قد خسرنا متلقينا دون أن نعي!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خلال مشهد من -نيللى وشريهان-.. ظهور خاص للفنانة هند صبرى واب


.. حزن على مواقع التواصل بعد رحيل الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحس




.. بحضور شيوخ الأزهر والفنانين.. احتفال الكنيسة الإنجيليّة بعيد


.. مهندس الكلمة.. محطات في حياة الأمير الشاعر الراحل بدر بن عبد




.. كيف نجح الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن طوال نصف قرن في تخليد