الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرية بين الدولة الشيوعية والدولة الليبرالية

فراس سعد

2005 / 1 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


كان ماركس يحلم و يعمل نظرياً لإيصال العالم كله إلى الحالة المشاعية , و العالم هنا في العقل الباطن لماركس يتجلى في اوروبا خصوصا لا بل أساسا ، فهو أولا و أخيرا إنسان أوروبي يملك عقلا وعقلانية أوروبية ولأن أوروبا آنذاك كانت تشهد صعودا إقتصاديا رافقه هبوط اجتماعي و تنامي الإستغلال . أراد ماركس بحساسيته الإنسانية العالية إيقاف هذا الوضع بل تفجيره من قبل العمال للوصول إلى المجتمع العادل المثالي حيث لا استغلال و لا ظلم ولا طغيان للآله واصحابها على العمال . وحيث تسود الاخلاق الانسانية المثالية ثم لإلغاء النقد كوسيلة تداول و استغلال سببت الويلات لبشرية المتمدنة باستثناء البشرية التي لم تعرف استغلال النقد في المضاربة و التلاعب بالاسعار واستخدامه كأداة لامتصاص الدم و جهد العمال و الفلاحين ، لكن هذا القسم من البشرية اكتوى بنتائج هذا الاستغلال عبر تعرض ثرواتة للسرقة ومن ثم للاستعمار المباشر أو غير المباشر .
كانت الثورة العمالية هي الخيار الاصلي عند ماركس لتحقيق الدولة الشيوعية العادلة لكن هل حققت الشيوعية العدالة و أنهت استغلال العمال والجماهير ؟وهل وصلت الشيوعية الماركسية إلى المستوى الانساني الاخلاقي للمشاعية الشرقية
لقد أنهت الدولة الشيوعية الاستغلال الرأسمالي للعمال لكنها في المقابل و للأسف الشديد و سوء الطالع شرعت العبودية والقمع في مقابل عدالة اقتصادية اجتماعية فقيرة أي أنها مقابل الأجر غير العادل ( ولنعتبر مقابل الأجر العادل فرضا ) سلبت العمال حريتهم في المطالبة بزيادة الأجور و تحسين الاوضاع الاجتماعية و المعاشية مثلما سلبت الجماهير كله هذه الحرية و كذلك حرية التعبير عن الرأي و ممارسة حقوقها الفكرية والسياسية والعقائدية الميتافيزيقية ( الايمان الديني أو الجمالي بحجة أنها مفرزات البرجوازية)
ولو سأل سائل وما فائدة هذة الحريات كلها إذا لم ينل العامل أجره بالعدل كما هو الحال في المجتمعات الرأسمالية المتقدمة ؟
في الجواب نقول أنه لو خيّر الشعب السوري مثلاً ما بين الأجر المساوي للجهد لكن مع انعدام الحرية و توفر القمع و بين الأجر غير المساوي للجهد مقابل توفّر الحرية لاختار الأمر الثاني , لأنه في الحالة الأولى سيصل العمال ( مع الفلاحين والموظفين وحتى التقنيين . . . ) إلى مرحلة شبه آلية : عمل, طعام , نوم . دون التجرّؤ على إبداء الرأي في أي موضوع حتى في المظالم والاضطهادات التي يتعرضون لها كل يوم ( كما حدث أيام ستالين وغيره) الأمر الذي يؤدي لاحقا إلى وصول الظلم إلى أجرة العامل نفسها أي إلى لقمة عيشه و عيش أولاده عبر خفض الأجره أو زيادة ساعات العمل دون زيادة الأجر و دون امكانية المطالبة بزيادة الأجر أو عدالة ساعات العمل أو توفير ظروف انسانية طالما أن الحكم والخصم يتمثلان بمؤسسة واحدة هي الحزب الحاكم , فلقد قضي على عدة ملايين من العمال السوفييت اثناء الحكم الستاليني دون أن يتمكن أحد منهم الحصول على حقوقه الانسانية الأولية .
أما في الحالة الثانية أي الحالة التي يتم فيها استغلال العمال في المجتمع الرأسمالي فهنا يملك العمال حدا من الحرية يستطيعون عبره المطالبة بتخفيض ساعات العمل وكذلك المطالبة بزيادة الأجور و غيرها من المطالب الأخرى و لقد تبين أن قساوة العمل في المصانع الرأسمالية في الولايات المتحدة و أوروبا تتساوى مع قساوة العمل في المصانع الشيوعية في الإتحاد السوفيتي غير أن العمال في الأولى ينالون أجرا أعلى من أجر العمال في الأخرى كما بأمكانهم الأحتجاج أو المطالبة بزيادة الأجور و الأضراب كما شهدنا عدة اضرابات عمالية لعمال المطارات الفرنسية شلّت فرنسا و استمرت حتى الوصول إلى تفاهم بين النقابات العمالية الفرنسية و الحكومة ,طبعاً هذا كان من المستحيلات في الدول الشيوعية و الدول الدائرة في فلكها في الشرق العربي و العالم الثالث عموماً.
الفرق إذا بين الحالة الأولى الشيوعية حيث مبدأ ( الاستغلال _ لا حرية ) و الحلة الثانية الرأسمالية حيث( أجر مرتفع - حرية) انه في الأولى يبقى الأجر و المعيشة متدنيين مع إمكانية الاستغلال لعدم وجود ضامن يحمي الشغيلة سوى الحزب فإذا فسد الحزب عبر رجال السلطة و المخابرات انتفى الضامن الذي يحمي العمال مع بقاء الجميع يعيشون و عدم امكانية المطالبة في تحسين الاوضاع بالمظاهرات أو الثورة كما كان الأمر عليه في الأتحاد السوفيتي وغيره , أما في الحالة الثانية فأجر العامل مرتفع مقابل ما هو عليه في النظام الأول , كما أن بإمكان العمال في الديمقراطيات الأوروبية خصوصاً المطالبة بالمزيد لأنهم يملكون حرية العمل السياسي الثقافي , و المظاهرات العنيفة و الاضطرابات التي تشهدها أوروبا و غيرها من البلاد الديمقراطية شاهد على ذلك , و ليس غريباً أن روسيا ما بعد الشيوعية تشهد مظاهرات يقوم بها شيوعيون وقوميون , بينما لم تكن الدولة الشيوعية السوفيتية لتسمح لأحد القيام بمظاهرة أو اعتصام أو تأسيس حزب أو جمعية سياسية بل كانت تلاحق كل من يعترض على قرارات الحزب الشيوعي أو أفكار ستالين و لينين بالقتل كما فعلت مع تروتسكي أو بالسجن والاعتقال في معتقلات سيبيريا الشاسعة كما فعلت بآلاف الشيوعيين السوفييت المحتجين على النظام .

فراس سعد [email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دعوات دولية لحماس لإطلاق سراح الرهائن والحركة تشترط وقف الحر


.. بيان مشترك يدعو إلى الإفراج الفوري عن المحتجزين في قطاع غزة.




.. غزيون يبحثون عن الأمان والراحة على شاطئ دير البلح وسط الحرب


.. صحيفة إسرائيلية: اقتراح وقف إطلاق النار يستجيب لمطالب حماس ب




.. البنتاغون: بدأنا بناء رصيف بحري في غزة لتوفير المساعدات