الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصهريج السعودي للإرهاب

شبلي شمايل

2012 / 5 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


كان ميلاد المملكة العربية السعودية بالسيف، وهذا ليس عيبا أو نقيصة في منطقة كانت القاعدة فيها كذلك. وكان عبد العزيز بين جيله رجل سلطة وسطوة. يقيم التحالفات الدولية على الأسس والقواعد البدوية، والتي في المحصلة النهائية لا تختلف كثيرا عن قواعد عمل الخارجية الإسرائيلية. مزيج من المصالح والفهم المحلي للدين والعصبية القبلية. ولم تنجح الحركة الوهابية في الإنتشار خارج السعودية إلا في إمارة صغيرة يعد أهلها يومئذ قرابة عشرة آلاف شخص، بقيت تحت الحماية البريطانية فيما يسمى اليوم دولة قطر. ولم يكن النفط يوم ذاك قد تحول لثروة وسوق وبورصة. فالمركب النجدي الوهابي الذي رافق ولادة ثالث تجربة للحكم تحالف فيها آل شيخ مع آل سعود مركب قهري وتسلطي بطبعه، لذا كان وراء أول جهاز ديني سني وأول شرطة دينية في بلاد الحرمين وأول تجربة في الإسلام الفتوى فيها ليست رأي بل قرار إلزامي.
كان يمكن للتجربة السعودية أن تصبح كالتجربة الإمامية في اليمن، تنغلق على نفسها حتى يأتي جيل يكسر أغلال السجن العقائدي. إلا أن النفط أعطى العائلة السعودية دورا غير تاريخي في مواجهة غير تاريخية مع التقدم الإنساني الضروري لبقاء المجتمعات. وبرز ذلك واضحا في احتضان السعودية لكل الرجعيين العرب، وحربهم الضروس ضد الحركة القومية العربية وبشكل خاص التجربة الناصرية. ثم في قرار المملكة بعد حركة جهيمان العتيبي في 1979 لاحتلال الكعبة بتصدير سلفيتها عوضا عن مواجهتها داخل المملكة. هكذا وبالتعاون مع المخابرات المركزية بدأت عملية تصدير الجهاديين السعوديين لأفغانستان ودفع مبالغ طائلة من أجل أن يكون هناك مجاهدين من الدول العربية الأخرى وليس فقط السعودية لمواجهة الاحتلال السوفييتي لأفغانستان. وهذا ما حصل. وقد تكررت التجربة في عدة مناطق إفريقية وفي يوغسلافيا السابقة. ومن المعروف أن الحكومة السعودية هي الحكومة الوحيدة في العالم التي اعترفت بحكومة طالبان، ثم أجبرت جارتها الإمارات، كما صرح أكثر من مسؤول إماراتي، على اعتراف مماثل حتى لا تكون وحدها في هذا الموقع. ولم يقبل الأمير المتمرد على أبيه في قطر وقت ذاك الاعتراف بطالبان بسبب خلافه مع السعودية التي وقفت مع أبيه المخلوع.
استمرت السعودية في دعم الطالبان وتسهيل أمور الأفغان العرب طيلة القرن الماضي. وكانت الجمعيات الإسلامية السعودية تعمل بانتظام في أفغانستان الطالبانية وبعلاقة مباشرة مع الملا عمر. وهذا الأمر هو الذي يفسر أن أكثر من أربعين بالمائة من معتقلي سجن غوانتانامو كانوا من السعوديين. وأكثر من نصف الأفغان العرب الذين قتلوا في العقد الأول من هذا القرن كانوا وهابيين سعوديين. ويفسر أيضا المباحثات الطويلة السرية بين المباحث السعودية والمخابرات المركزية لاستعادة هؤلاء مقابل خضوع سعودي كامل للشروط والطلبات الأمريكية في مشاركة مائة بالمائة من السعودية للمخابرات الأمريكية فيما سمي الحرب على الإرهاب.
اكتشف نايف بن عبد العزيز وابنه محمد وبندر، أن الجهادي السعودي ورقة في غاية الأهمية عند تصديرها. وقد سهلت الحكومة سفر السلفيين الجهاديين السعوديين إلى العراق لإضعاف ما تسميه البيت الشيعي هناك، وعندما تدخلت المخابرات المركزية، عادت واختارت دعم ما سمي بالصحوات كشكل قابل للسيطرة من قبل قوات الاحتلال. لكنها استمرت في دعم السلفية في لبنان لمواجهة حزب الله والنفوذ الإيراني فيه. ويبرز ذلك في الدعم المالي الذي تقدمه مؤسسات مشتركة مثل "الحملة العالمية ضد العدوان" التي يرأسها سعودي ونائب رئيسها كويتي وأمينها العام قطري وتمول الجهاديين في سورية منذ أشهر بشكل علني بل وجمعت مساعدات لشراء الأسلحة في ساحة عامة في الكويت في شهر آذار أكثر من مرة بأسماء متعددة. وقد أوضح اعتقال القطري (العطية) ثم الإفراج عنه بطلب مباشر من قطر في أحداث طرابلس هذا الأسبوع، وجود هذه الشبكة على الحدود السورية اللبنانية والتركية.
يبدو أن السعودية قد قررت تصدير آخر دفعة من معتقلي القاعدة إلى بلاد الشام، بعد أن كانت الدفعة التي سبقتها قد وصلت اليمن بشكل فهلوي تم تصويره كعملية هرب من المملكة. وقد دفعت مبالغ كبيرة للإعلام المذهبي بشكل أساسي صفا ووصال، وسمحت للسلفيين بإيصال الأموال بالطرق التي كانت محظورة بسبب تقييدات الحرب على الإرهاب وطرق جديدة مثل السيارات المفخخة بالمال. ومقابل صمت مجلس اسطنبول الصبرا قضماغليوني عن ذلك تدعم السعودية الاعتراف بالمجلس كممثل وحيد للشعب السوري في المحافل السورية وتقاطع في إعلامها المعارضة الديمقراطية والوجوه المدنية السورية، وتطلب من كل الأطراف العربية والدولية دعم الإسلاميين سلفيين وإخوان، سوريين وأجانب. ويستمر سعود الفيصل أقدم وزير خارجية في العالم في إعطاء الفتاوى على الطريقة الوهابية بضرورة تسليح المعارضة السورية ويقصد طبعا من منها تحت السيطرة. ويستمر مجلس اسطنبول يغطي هذه الجرائم مقابل قريشات هنا ولقاءات هناك دون نسيان توزيع صكوك الإحترام وإعلانات الشكر والتقدير لمملكة الظلام. لكن الدم السوري يسيل اليوم بعمليات يرتكبها هؤلاء. وفي حين يقدم تلفزيون العبرية برنامجا اسمه "صناعة الموت"، لا يحدثنا عبد الرحمن الراشد عن أي سعودي إرهابي تم تصديره لبلاد الشام بأوراق رسمية في الوقت الذي يمنع فيه قادة الإصلاح الدستوري والتغيير من مغادرة البلاد. ثم يجري الحديث عن معركة بين القاعدة والمخابرات المركزية والمباحث السعودية؟
من يضحك على من؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو بين إرضاء حلفائه في الحكومة وقبول -صفقة الهدنة-؟| ال


.. فورين أفارز: لهذه الأسباب، على إسرائيل إعلان وقف إطلاق النار




.. حزب الله يرفض المبادرة الفرنسية و-فصل المسارات- بين غزة ولبن


.. السعودية.. المدينة المنورة تشهد أمطارا غير مسبوقة




.. وزير الخارجية الفرنسي في القاهرة، مقاربة مشتركة حول غزة