الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدساتير لا تؤسس الديمقراطيات الحقيقية ؛ البيئات السياسية الديمقراطية الحقيقية هي التي تأتي بالدساتير الديمقراطية و تحترمها

أحمد حسنين الحسنية

2012 / 5 / 15
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


لماذا لم نشارك في الضجة التي أثيرت منذ فترة قريبة حول كتابة الدستور ؟؟؟
هل الإجابة على ذلك السؤال تدخل في إطار الإعلان عن الإلتزام بسياسة الهدوء و التي سبق و أن أعلناها ؟
بالتأكيد حزب كل مصر - حكم ملتزم بسياسة الهدوء و التي تم الإعلان عنها رسميا في الثالث عشر من نوفمبر من العام الماضي ، 2011 ، و التي كانت نتيجة إدراكنا بأن المرحلة النضالية و التي بدأت في الخامس و العشرين من يناير 2011 قد إنتهت مع أولى المذابح الرسمية التي إرتكبتها السلطة بشكل مباشر ضد أبناء الشعب المصري ، و هي المذبحة التي تلتها مذابح أخرى بعضها أكثر دموية ؛ و لكن عدم مشاركتنا في الضجة التي أثيرت حول الدستور لا يدخل في إطار ذلك الإعلان لأن كان بإمكاننا المشاركة في النقاش - أو الضجة المفتعلة بقول أدق - بشكل هادئ و عقلاني ؛ لكن حزب كل مصر - حكم رفض المشاركة حتى بهذا الشكل ، و السبب يمكن تقسيمه لسببين
السبب الأول هو أننا أدركنا إنها ضجة مفتعلة إفتعلتها السلطة ، التي بعد أن تحالفت مع الإخوان في الشهور الأولى التي تلت سقوط مبارك ، و الآن تريد أن تتحالف مع التيارات السياسية غير الإخوانية ، و تريد أن تضم حزب كل مصر - حكم لذلك التحالف الخبيث و المؤقت ، و هو التحالف - و أعني تحالف السلطة مع التيارات غير الإخوانية - الذي يضم كيانات هي جزء من السلطة لأنها من صناعتها مثل حركة السادس من إبريل و حركة كفاية و البرادعيين و حركات ثورية مدعوة ليبرالية و يسارية ، و نحن نرفض أن يكون حزب كل مصر - حكم مخلب للسلطة ، و خائن لإرادة و تطلعات الشعب المصري .
السبب الثاني - و هو الأهم - إننا نريد إستكمال ما لم تكمله مرحلة الخامس و العشرين من يناير 2011 ، بل و حتى لم تشرع فيه ، فقد إكتفت تلك المرحلة بإسقاط مبارك ، و إعتبرت المهمة إكتملت بسقوط مبارك ، على حد قول أحد نجوم الثورة الشباب في رسالته التويترية الشهيرة ، و التي تختلف عن الرسالة التويترية التي وجهتها لأعضاء حزب كل مصر - حكم و مؤيديه بعيد سقوط مبارك ، و التي سبق أن نشرت مضمونها فيما مضى .
أن أهم ما تنجزه أي ثورة ناجحة هو تغيير البيئة السياسية للأفضل ، فتغيير شخصيات الحكام ، بل و حتى تغيير الأنظمة ، لا يعد بالشيء الكبير لو لم تتغير البيئة السياسية لتصبح ديمقراطية حقا ، أو حتى بشكل أكثر تواضعا أكثر ديمقراطية عما كانت قبل شبوب الثورة .
سقط مبارك ، و جاء نظام طنطاوي - سليمان ، أو في الحقيقة نظام عمر سليمان ، رئيس مصر الحالي بالرغم من تمثيلية ترشحه و رفضه ، فهو يظل رئيس مصر الحقيقي للآن .
حتى لو سقط اليوم ، أو في المستقبل ، نظام سليمان ، و سقط معه المجلس العسكري الحاكم بتشكيلته الحالية ، و لم تتغير البيئة السياسية للأفضل ، فسيكون ذلك مجرد إستبدال طاغية ، بآخر .
لم يهمنا كيف سيكتب الدستور ، لأننا أولا نحترم إرادة الشعب ، و مجلس الشعب الحالي إنتخبه الشعب ، و لإننا سنحترم أي دستور وافق عليه الشعب المصري في إستفتاء نزيه ، و ثانيا إننا ننظر للدستور نظرة واقعية ، فنعرف أهميته ، و لكن لا نعطيه أكثر من حجمه .
الدستور مجرد نصوص ، و إذا لم تُحترم تلك النصوص فلا قيمة له .
لم يجز دستور السادات ، و الذي حكم به مبارك ، التعذيب ، و لكن التعذيب كان حقيقة شبه يومية في مصر في عهد مبارك .
في دستور السادات كانت هناك العديد من الضمانات الجيدة التي تحترم حقوق الإنسان ، و لكن السلطة في عهد الطاغية محمد حسني السيد مبارك لم تكن تلق بالاً لتلك النصوص عندما تتعارض مع إرادتها الإستبدادية .
لم يجز دستور السادات نهب ثروات مصر ، و إفقار الشعب ، و تزوير الإنتخابات ، و لكن الكل يعلم حقيقة ما حدث خلال قرابة ثلاثة عقود من حكم مبارك .
أجاز دستور السادات التعددية الحزبية ، و لكنه وضع هيئة تتحكم في تأسيس الأحزاب ، و تحكمت السلطة في تلك الهيئة فكان تشكيل حزب ليس على هوى السلطة شبه ضرب من ضروب المستحيلات .
باع مبارك و سليمان و طنطاوي و شفيق ، و غيرهم كثيرين من أعضاء نظام مبارك ، النيل ، فهل عوقب على تلك الخيانة أحد لليوم ؟؟؟؟؟
و خلال الفترة التي أطلق عليها إسم الفترة الإنتقالية ، و التي تخضع للإعلان الدستوري ، كم مواطن أعزل قتلته السلطة بشكل مباشر ، أو عن طريق بلطجيتها ؟؟؟
الخلاصة إذا هي أن البيئة السياسية الديمقراطية السليمة تأتي ، من حيث ترتيب الأهمية ، في المرتبة الأولى ، قبل الدستور .
و لكن تلك البيئة تصنع بطريقين أساسيين ، أحدهما قد تجوزناه مع النهاية المبتورة لمرحلة الخامس و العشرين من يناير 2011 ، و الآخر هو من خلال إستكمال بناء المؤسسات السياسية للدولة و متابعة عملها بعد ذلك .
ما يريده الآن حزب كل مصر - حكم ، بالوضع في الحسبان الوضع السياسي الحالي و نهاية مرحلة الخامس و العشرين من يناير 2011 بشكل مبتور ، هو إستكمال بناء مؤسسات الدولة بشكل طبيعي نزيه ، لهذا أصر الحزب على إجراء الإنتخابات التشريعية في موعدها ، و أرجو مراجعة مقال لا للبرادعي ، و نعم للإنتخابات ؛ و الذي كتبته و نشرته في الثالث و العشرين من نوفمبر 2011 ؛ و الآن يصر حزب كل مصر - حكم على إجراء إنتخابات رئاسية نزيهة ، لتستكمل مصر بناء مؤسساتها السياسية ، ثم بعد إستكمالها سنترك فترة لتلك المؤسسات لتعمل ، ثم سنحاسبها .
الطريق المتاح لنا حاليا هو أن ندعم مبدأ إستكمال بناء المؤسسات السياسية للدولة بشكل ديمقراطي ، ثم إعطائها فرصتها لنرى هل ستنجح في إسقاط أعوان مبارك و محاسبتهم ، و أعني هنا الأعوان الكبار ، فالصغار أمرهم سيكون بعد ذلك هين ، و هل ستعمل على توفير بيئة سياسية ديمقراطية حقيقية ، و هل ستؤسس دولة حقوق الإنسان ، أم لا ؟؟؟
لم نشارك في ضجة الدستور ، تلك الضجة المفتعلة ، لأننا نرى الواقع الحالي الحقيقي لمصر ؛ واقع أن مصر يحكمها الآن عمر سليمان و جهاز إستخباراته ، من وراء الستار ، و مجموعة من الضباط الذين إصطنعهم مبارك من قبل بمشورة من عمر سليمان ، و كلهم شركاء في بيع النيل ، و بالتالي خيانة مصر .
لو كنا إنشغلنا بمسألة كتابة الدستور ، لكان ذلك إنشغال بقضية تعد فرعية بالنظر للواقع الحالي ، لأن الدساتير لا تؤسس بيئة سياسية ديمقراطية حقيقية ، و لا تؤسس دول إحترام حقوق الإنسان .
الدساتير لا تؤسس الديمقراطيات الحقيقية ؛ البيئات السياسية الديمقراطية الحقيقية هي التي تأتي بالدساتير الديمقراطية و تحترمها ، و لن تكون هناك بيئة سياسية ديمقراطية سليمة و أعوان مبارك لهم سلطة .
ملحوظة إنتهيت من كتابة هذا المقال في تمام الساعة السادسة و دقيقتين من مساء يوم الثلاثاء الموافق الخامس عشر من مايو 2012 ، و ذلك بالتوقيت الصيفي للمنفى القسري بوخارست - رومانيا ، و الذي يتقدم على توقيت جرينتش بثلاث ساعات .
أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم حسنين الحسني
حزب كل مصر - حكم ، شعار الحزب تراث - ضمير - حرية - رفاهية - تقدم - إستعيدوا مصر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفح: هل تنجح مفاوضات الهدنة تحت القصف؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. مراسل شبكتنا يفصّل ما نعرفه للآن عن موافقة حماس على اقتراح م




.. واشنطن تدرس رد حماس.. وتؤكد أن وقف إطلاق النار يمكن تحقيقه


.. كيربي: واشنطن لا تدعم أي عملية عسكرية في رفح|#عاجل




.. دون تدخل بشري.. الذكاء الاصطناعي يقود بنجاح مقاتلة F-16 | #م