الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الغيتو- يشيد الجدران وحارة -اليهود- عندما تصبح دولة

ابراهيم زهوري

2012 / 5 / 15
القضية الفلسطينية


"الغيتو" يشيد الجدران وحارة "اليهود" عندما تصبح دولة
ابراهيم زهوري *
" خطوط وقف ٳطلاق النار , خط الهدنة , الخط الأخضر , خطوط التماس , الخط الأزرق و الشريط الحدودي, كل هذه الخطوط ولا نعرف في التاريخ حتى تهجئة حروف أبجديتنا أو على الورق الأبيض سحر الكتابة "

بدلا من أن يضيق حقل فعاليتها تدريجيا تبقى المؤسسات الطائفية بآليات عملها المعقدة عاملا مهما فاعلا و مساعدا في انشطار المجتمع ٳلى جماعات متمايزة وانحلال القدرة بالنتيجة على الحفاظ على وحدته السياسية والاجتماعية , ويطفق هول هذه المخاطر في المجتمعات التي يسودها قدر من التوتر الاجتماعي والثقافي وتحديدا مع اشتداد وتيرة الطغيان وعسف الاستبداد وانسداد أفق التقدم الى الأمام , حيث تتنامى الظاهرة الدينية وتتوسع دائرة الأوهام الخلاصية وتتضخم معاني النجاة الحصرية الاستنسابية ٳلى حدود ارتكاب مجازر الابادة الجماعية للجماعات الأخرى التي لم تذق بعد لبن الهداية وعسل الأرض الموعودة , فبدلا في هذه الحالة من تعزيز أواصر مبادئ المواطنة والمساواة والاندماج الاجتماعي والتسامح والعدالة وفق تعاقد اجتماعي حديث متناغم تتعزز الآراء المسبقة على المستوى الشعبي وتتولد الريبة وتبدو مخاطر التناحر والصدام الدموي الداخلي خططا قدرية ومحاولات الاستيلاء على منافع القوة والسلطة أهدافا حتمية , وتلعب النزعات الحصرية الطاثفية تحت حجة الدفاع الاجتماعي الذاتي أعنف الطرق اللاهوتية بدائية وهيمنة الأفعال الغرائزية المتوحشة في مديح الصمود والتصدي , أي بما معناه ٳعادة ضبط رعايا الخراف المؤمنة السائبة ٳلى حظيرة غواية الهداية المصونة وتجميعها كبنيان مرصوص ضمن سياجها الدوغمائي المفترض استعدادا لبداية ٳعلان الجهوزية القتالية وأدلوجتها البيانية الذرائعية وٳن تطّلب في بعض الأحيان التضحية المشروعة ببعض الخراف الضعيفة لتنتج مجتمعا متصلبا يسوده التعصب ومظاهر التزمت والانغلاق المحكم تستطيع في نهاية اللعبة أن ترمي به ككتلة واحدة متينة على طاولة التسوية المفروضة وتقاسم الغنائم المنشود , لتظهر مجددا على السطح تضاريس الجغرافيا الجديدة وتتثبت الحدود بكل معانيها المختلفة لكل جماعة من خطوط التماس في لجة الحروب الأهلية ٳلى جدران الفصل العنصري في اتفاقيات "بازار" التسوية التوافقية , ويكفي في هذه الحال أن ترتهن جماعة طائفية محلية بعناصر سياسية خارجية - دولا كانت أم جماعات مذهبية - ضمن مشروع كولونيالي واضح يغذي استيهامات الجماعة الطائفية واثارة المخيال الشعبوي ٳلى حدود الاثنية القومية العليا الكتيمة المقفلة لتتعذر وقتئذ التسميات عن مدلولاتها لتقف تسمية اليهودي مثلا مقابل العربي والشيعية " الايرانية" مقابل السنية "العربية "وبذلك يستهدف غايته الأصيلة الأصلية وهي الاستيلاء العلني على منافع الثروة والتحكم ومنابع القوة والسلطة آنفة الذكر مما يؤدي الى تجدد نشوب منازعات وحروب ٳقليمية أو أممية .
هكذا كانت حال البلقان لحقبة طويلة من الوقت وكانت سببا قويا لنشوب الحرب العالمية الأولى , والوضع اللبناني في منطقتنا ابتداء من عام 1840 والتنافس الفرنسي– الانكليزي في تصفية قوة محمد علي التوحيدية الناهضة لمصر وسورية في دولة واحدة وتزويد الجماعات الدينية بمؤسسات طائفية مستقلة يظللها منح وظائف سلطة كيان الدولة المستقلة الصريحة مثالا ساطعا كاشفا عن مدى التمزق الداخلي ومخاطره المدمرة للمجتمع وانحلاله بجميع مكوناته , وكيف في فلسطين المحتلة طوّر المهاجرين اليهود في فترة الانتداب علاقات التبعية البنيوية الكولونيالية بالامبريالية البريطانية ونجحوا في تحقيق نواة المؤسسات الدولانية الضرورية لتحقيق مآربهم بفضل المؤسسات الطائفية التي كانت قائمة منذ العهد العثماني واستطاعت هذه المؤسسات أن تضرب طوقا من العزلة الكاملة على الجماعات العربية "الاقطاعية " التي تحولت ٳلى أقلية في وطنها**وهو الأمر الذي لم تعتد عليه وتستعد له ولم يكن في صلب نسيج بنيانها في الأصل حيث لم نزل ندفع كفلسطينيين ثمن هذا التحول القسري الى يومنا هذا وتحديدا بعد ٳنشاء دولة اسرائيل على أسس تلمودية واضحة وبقي أساس وثيقة ٳعلان الاستقلال عن العدالة والمساواة والديموقراطية حبرا على ورق ***, وهنا يحق لعقلية الأقلية الصهيونية ٳدخال واختراق نموذجها التوحيدي في شكله الأكثر تطرفا وحصرية في طلسم تلابيب غلونا الهش وتهافت النماذج الوطنية الحديثة المصطنعة القائمة على الميثاقية العروبية المصطفاة وذاتوية فضائل التفرد الأقلوي لتغدو الصهيونية كسلطة احتلال ظاهرة لا تخص اليهود وحدهم وأن النظام الطائفي الذي نتنعم بنسيج فضائله في جوهره ليس ٳلا نظام تعايش "صهيونيات مستترة " أو كما حددها مهدي عامل بدولة الايديولوجية البرجوازية المأزومة التي تنوجد بشكلها الطائفي بغية استمرار ممارستها لسيطرتها الطبقية لا بمعنى سيطرة " طائفة " من الطوائف على الأخرى فقط بل بمعنى مشاركة الطوائف جميعها في ٳدارة الدولة في ٳطار من التوازن الهش الذي يستدعي بدوره الهيمنة السرية المبطنة لاحداهن على الأخريات وهو الذي يحكم العلاقات بينها و يمكن ببساطة تحت تأثير ظروف الحياة الطبيعية المختلفة المتغيرة بطبيعتها أن يؤدي اختلال التوازن التوافقي المموه ٳلى تأبيد الحروب الطائفية وشرعنة النزاعات الداخلية بين الجماعات المختلفة عينها الى ما لا نهاية وهذا النموذج المكثف الأمثل الذي تم تأسيسه في قبرص , لبنان وفلسطين وقد شهدناه حديثا في العراق والمراد إعادة تعميمه على مستوى المنطقة التي لم تخرج تاريخيا من عباءة الوكالة الحصرية لامتيازات سلطة الإنتداب و قناصلتها وهذا ما يفسر إلى حد ما فشل وهزيمة حركات التحرر الوطنية التي كانت تستبطن حوافز الكتلة التاريخية للأكثرية " السنية " وحواضرها المدينية في نزوعها نحو تماهي الأمة / الدولة أي بلغة علم الاجتماع السياسي الاندماج في دولة قومية حديثة المظهر بشقيها الشامي أو المصري ****وكيف كنا ومازلنا ضحايا معدة للذبح أمام قربان الوعود الكاذبة التي قطعتها القوى الاستعمارية لطوائف الامبراطورية العثمانية بكيانات مستقلة ( أرمن – أكراد –آشوريين- موارنة – عرب ) على الرغم من صدق ونجاح الوعود البريطانية للدوائر الكهنوتية اليهودية المتصهينة ليكون الحل والتعبير السحري الناجع سياسيا لبنية علاقات الانتاج الكولونيالية التي تتحكم بمصائرنا منذ عقود .

* ابراهيم زهوري كاتب وشاعر فلسطيني
** سألني صديق عن الفرق بين حركتي فتح وحماس فأجبته الفرق يكمن في شكل ثياب أبو عمار طوال حياته ولباس هنية في خطبة يوم الجمعة .
** * يحق للحركة الدينية على الصعيد الفلسطيني أن تبني إمارتها المذهبية في غزة كنوع من حل مستقبلي ولا يحق أبدا للحركة الوطنية الفلسطينية أن تشيد ما أنجزته تاريخيا من مشروعها الوطني المستقل ويبقى مبرر وجودها مرهونا بسقف التعاون الأمني الذي يفرضه الاحتلال , وهنا تفيد الإشارة إلى الواقع الجغرافي الذي يتملكه جناحي السياسة الفلسطينية في غزة والضفة , ويبدو واضحا تفسير الإنسحاب الإسرائيلي من طرف واحد من قطاع غزة والتهام ما تبقى من أرض فلسطينية في الضفة .
**** تجدر الإشارة هنا إلى التحول الجذري التي أجرته بعض النخب الإخوانية الفلسطينية في نهاية عقد الستينيات من القرن الماضي في الفترة الذهبية لانتصار الحركات التحررية الوطنية والقومية في العالم ومساهمتها بشكل فعال في تأسيس حركة فتح كحركة وطنية فلسطينية جامعة وتقاطع توجهاتها السياسية مع أطروحات اليسار اليهودي المعارض للفكرة الصهيونية , في انتظار ما يزيد عن عقدين من الزمن لتجري حركة الإخوان تحولها المنقوص .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كأس أمم أوروبا 2024: إيطاليا تخسر اللقب ومواجهة نارية بين أل


.. فرنسا.. قد تدخل حالة من الشلل السياسي بعد نتائج الانتخابات




.. إعلام أم بروباغندا.. ما الذي يقدمه أفيخاي أدرعي؟ |#السؤال_ال


.. التصعيد في غزة.. مستقبل مابعد الحرب | التفاصيل مع سلمان أبو




.. مواجهات متصاعدة في غزة.. 20 صاروخاً باتجاه إسرائيل ومعارك عن