الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هزيع أحلام وتخمين حصيرة زاحفة

ابراهيم زهوري

2012 / 5 / 15
الادب والفن


هزيع أحلام وتخمين حصيرة زاحفة
ابراهيم زهوري
كان يكفي أن نقف على قدم واحدة هكذا نتألق كمالك الحزين في وسط مستنقع , نصبر عليها عدة ساعات ولا نتعب , نهمل باختيارنا الحر مايجري حولنا وكأننا نحن بؤرة الكون ومحوره , ندفع بها الحجر المسطح الأملس و نقفز فوق الخطوط و نتجاوزها بلمح البصر , ويرسب أحدنا في دوره وتعتصره الخيبة ٳن توقف حجره على الخط المستقيم لبلد ما ولم يتحرك باتجاه البلد الذي يليه , نحب اللعبة ليس لأنها خفيفة ونظيفة فقط , لا بل لأننا نعبر بكامل تحفز جسدنا وانتباهه أربعة بلدان دفعة واحدة رسمنا حدودها مستطيلة بالطباشير الأبيض على طرف منعطف الشارع اﻹسفلتي بالقرب من ساحة ٳعاشة "الأنروا"* في قلب المخيّم , حيث تفوح رائحة السمن النباتي و’يلطخ الأرض زيت عكر وتحتضن الزوايا القريبة بقايا طحين أبيض يزوّج غيم غبار ينكمش على سرج حصان جامح يراقب بقايا البطاقات الزرقاء الممزقة تلوحها هبة ريح كأرجوحة لا تهدأ , كنا اثنين في لعبة واحدة وٳن أصابنا الملل من ثبات الخريطة الواحدة نستبدلها بخريطة أخرى تحمل أسماء بلدان جديدة يتفق كلانا المشتركان في اللعبة بعد نقاش حامي الوطيس على ُحسن انتقائنا لأسماء البلاد التي تمثلنا , وهكذا وعلى عدة مراحل يفوز من يستحوذ على البلاد جميعهاخانة وراء خانة , ويتوج الفائز بصاحب البلاد وكأننا على بساط سحري نزّف ٳنجازنا في الزهو ومن شدة فرحه نطير ونبني " بيت بيوت " كما البنات تحب تسمية هذه اللعبة أحياناوتضع لها قواعد جديدة نرى فيها نحن الأولاد أنها كثيرة التعقيد وتورطنا في شبكة من الأدوار المتتالية لا نهاية لها , في الحقيقة لا نبخل عليها بشئ ولها نشتري بقروشنا القليلة المتوفرة الطباشير الملونة و نزيّن بلادنا التي نربحها بأجمل الأشكال والألوان , كعادتي مرة فرحت ببلادي حيفا يافا وصفد واحترت في تسمية بلدي الرابع حين دون سابق ٳنذار انقلبت دراجة نارية بثلاثة عجلات رأسا على عقب , وسكت هديرمحركها فجأة وارتمى رجل عجوز أسمر وهو العائد توا من عمله تحت صندوقها الحديدي الخلفي يتلوى يمينا ويسارا مثل دجاجة ذبحت منذ وقت قريب , يحاول اﻹفلات من تحت ثقل هائل , لا أعرف من أي بلد هو من بلادي , وهو بين ٳغفاءة الصحو والنوم يصرخ من شدة الألم , يمسك أشلاء قدمه المبتورة و يصيح طلبا للنجدة والمساعدة , طفق سيل دمه وتخثر , غطى بلونه الأحمر القاني جميع البلاد التي رسمناها عصر ذلك اليوم واختفت في رمشة عين وقد لفها العدم .
* الأنروا : وكالة وهيئة تشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل سيبدأ پيو بالغناء بعد اكتشاف موهبته؟ ????


.. حكايتي على العربية | التونسية سارة الركباني تحترف السيرك بشع




.. الفنان درويش صيرفي: أعطيت محمد عبده 200 دانة حتى تنتشر


.. بأنامله الذهبية وصوته العذب.. الفنان درويش صيرفي يقدم موال -




.. د. مدحت العدل: فيلم -أمريكا شيكا بيكا- كان فكرتي.. وساعتها ا