الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى الانتخابات أيها العراقيون من أجل ألاّ يتحكّم صدام آخر برقاب أحفاد أحفادكم

عبدالباسط سيدا

2005 / 1 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


مع اقتراب العملية الديمقراطية في العراق من ساعة الصفر، تزداد وتيرة هجمات قوى الظلام التي اتخذت الدين من دون وجه حق شعاراً للإقدام على كل ما يتعارض مع أي دين؛ خاصة الدين الاسلامي الذي يشدد على التسامح واحكام العقل والمجادلة بالتي هي أحسن. كما ان حرارة التصريحات الانتخابية والاتهامات المتبادلة ترتفع درجتها هي الأخرى، وذلك في سعي تنافسي يتجاوز أحياناً القواعد المتعارف عليها في اطار اللعبة الديمقراطية. وما ينذر بالخطر هو أن بعض قوى التغيير تبدو مترددة في عملية الحسم المصيرية التي تستلزم القطع مع المرحلة الدكتاتورية المنصرمة، تلك المرحلة التي أغرقت البلاد في بحر من الدماء، وسلّمت الجميع إلى المصير المجهول؛ وذلك بتقطيعها أوصال المجتمع العراقي الذي يستمد مشروعيته أصلاً من التعددية الاثنية والدينية. والتعددية هذه واقع قائم لايستطيع أي كان أن يتجاهلها، أو يلغيها حتى بقوة أسلحة التدمير الشامل التي جربها النظام البائد ولم يفلح. ذلك النظام الذي ضرب الكرد السنة، والشيعة العرب؛ وكبت أنفاس السنة العرب ، ماعدا اولئك الذين التزموا دور البطانة والحشم؛ أما الأغلبية فكانت صامتة خائفة، لاتعلم منى يأتيها الدور لتكون قربان نزوات الدكتاتور وأحلامه المريضة.

إن القطع مع المرحلة الدكتاتورية يأخذ منحيين: الأول نظري مفهومي، والآخر تطبيقي عملي. وما نعنيه بالمنحى الأول هو أن المنظومة المفهومية التي كان النظام الفردي السابق يروج لها، ويعمل على غرسها في العقول والنفوس لم تعد صالحة، إذا كنا قد عقدنا العزم على تجاوز الوضع المأساوي الذي كان يخيم على البلد وأهله. فمفاهيم الإلغاء والتفرّد والتخوين والاختزال والطروحات الهلامية غير الواقعية؛ كل ذلك لابد من القطع معه، وينبغي في المقابل اعتماد منظومة تتناسب مع طبيعة المرحلة، وتنسجم مع المصالح الحقيقية للمجتمع العراقي بأسره. وهنا لابد من تأكيد أهمية الاعتراف بالآخر واحترام التعدد، ومد جسور التفاهم، والعمل من أجل تعزيز التعاون بين مختلف أطياف ومكونات المجتمع. إن الحالة العراقية - مثلها مثل سائر الحالات المماثلة – تستلزم تركيز الجهود من أجل لم الشمل على أساس الثقة والاحترام المتبادلين؛ كما انها تتطلب زرع بذور الحب بين الجميع، وذلك بدلاً عن القنابل والكراهية التي لن تؤدي سوى إلى المزيد من التفتيت والتوجس والتباعد.

أما المنحى التطبيقي، فهو يتشخص في الممارسات الفعلية والنتائج الميدانية. فالكلام المعسول الرواغ قد فقد مدة صلاحيته في عصرنا هذا؛ ولم يعد في الامكان خداع الناس بالوعود والأحلام الوردية التي كانت دائماً من أجل اضفاء مسحة جمالية على الواقع البغيض. الناس يريدون أفعالاً تؤكد بصورة لاتحمل التقويل والتأويل أن النوايا صادقة، والآراء المعلنة ليس مجرد وسائل أو رسائل لكسب الوقت والأنصار، وذلك لتصفية الحسابات، أو ارضاء النزعات غير المشبعة.
إلى حانب هذا وذاك، لن تنجز عملية القطع المعنية هنا كاملة من دون ارادة حازمة لاتعرف التردد أو الوهن. فالجديد لم يلد بعد، والقديم لم يحتضر بعد؛ خاصة أن هذا الأخير يستمد النسغ من جميع القوى الاقليمية الخائفة على مصيرها، هذه القوى التي تمكنت لعقود زمنية طويلة من الاستئثاربجميع مقدرات بلدانها؛ ولم تتوان عن استخدام العنف بجميع أشكاله من أجل تطويع شعوبها، وسلبها القدرة على التحرك والتمرد، إن لم نقل انها سلبتها لقمة العيش والكرامة. إن القوى الاقليمية هذه تدرك أكثر من غيرها انها تستمتع من دون وجه حق بما ليس لها؛ لذلك فهي تعمل وستعمل بكل الأساليب بغية افشال العملية الديمقراطية في العراق، هذه العملية التي ستكون لها امتداداتها المستقبلية في المنطقة. فالديمقراطية تمثّل بالنسبة إلى الشعوب الربيع بعينه، ومن منا لايحتفي بالربيع وينشده.

إنها الساعة المصيرية بالنسبة لكم ايها العراقيون. التحدي كبير؛ والقوى المناوئة لاتستهينوا بها. لكن ارادتكم هي الأقوى. مارسوا حقكم الديمقراطي بشرف ونزاهة. وتفرغّوا لبناء الوطن على أساس احترام التعددية واستيعابها.

شعوب المنطقة جميعها تتطلع اليكم؛ تتمنى لكم الموفقية والفلاح. فهي تدرك بحسها السليم أن انتصاركم سيكون بالنسبة لها الزاد والملاذ. العالم المتحضّر بأسره معكم. أما هذه الحفنة التي أساءت إلى الدين الحنيف، وتحاول دغدغة عواطف قومية عمياء منغلقة على ذواتها، فهي غريبة على الاسلام والعروبة، هذا ناهيك عن العصر وحضارته.

إنها ساعات مصيرية تستوجب الحسم. والحسم في متناولكم، انه يتجسّد في رفض الارهاب الذي لايمارسه سوى اولئك الذين يتلمّسون هشاشة مواقعهم، ويشعرون بعدم مشروعية مزاعمهم. ومثل هذا الرفض يرتقي إلى المستوى المطلوب بالتوجه إلى صناديق الانتخابات، بعزم لايلين منعاً لتحكّم صدام لآخر برقاب أحفاد أحفادكم.
الانتخابات الوشيكة هي خطوة سليمة في طريق صحيح نحو عراق الغد.......وطن الجميع....


ابسالا- السويد
29-1-05








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحفظ عربي على تصورات واشنطن بشأن قطاع غزة| #غرفة_الأخبار


.. الهجوم الإسرائيلي في 19 أبريل أظهر ضعف الدفاعات الجوية الإير




.. الصين... حماس وفتح -احرزتا تقدما مشجعا- في محادثات بكين| #غر


.. حزب الله: استهدفنا مبنيين يتحصن فيهما جنود الاحتلال في مستوط




.. مصطفى البرغوثي: نتنياهو يتلاعب ويريد أن يطيل أمد الحرب