الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكرد الفيليون و محاولات ابعادهم عن بني جلدهم

هشام عقراوي

2005 / 1 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


الانتماء القومي و الديني و من ثم المذهبي، كانوا و سيبقون من الاسسس المهمة في الشعور الانساني و في أحاسيسهم. و حسب قوة هذه المشاعر تبنى المواقف و ردود الافعال لدى المجاميع البشرية. الظروف المحيطة بالمجاميع البشرية ونوع الاضطهاد الذي يتعرضون له هو الذي يحدد نوع الانتماء و الاصرة الموجودة بين تلك المجاميع البشرية. اي أن هناك تغيير في المشاعر و قوة الانتماء حسب المخاطر و التهديدات التي تتعرض لها المجاميع البشرية.
كما هو معروف هناك في العراق قوميات و أديان و مذاهب مختلفة. و قوميات العراق موزعون على المذاهب و الاديان المختلفة. فهناك العرب و هم ينتمون الى المذهب السني و الشعي، و هناك الكرد و فيهم السنة و الشيعة و اليزيديون و الشبك و الكاكائيين الذين يتعرضون الى محاولات متعددة من أجل تغيير الهوية القومية لهم حتى بعد سقوط النظام الصدامي. و هناك أيضا التركمان الموزعون بين السنة و الشعية، و هناك المسيحيون الذين يعتبون أنفسهم أشوريين أو عراقيين او حتى عربا و لا أقول كردا لكي لا أثير الحساسيات القومية.
خلال الحكم الصدامي بصورة خاصة كان المسلمون الشيعة بسبب أنتمائهم القومي والانتماء المذهبي، يتعرضون الى ألاضطهاد و الملاحقة و كان ذلك سببا كافيا من أجل أن يتضامن الشيعة بغض النظر عن أنتماءهم القومي وذلك لأن المخاطر التي كانوا يتعرضون لها مذهبية، مع أن الاضطهاد الذي كان يتعرض له الكرد الفيليون أعنف و اشمل بسبب أنتماءهم القومي أيضا فهم كانوا كردا و شيعة في نفس الوقت.
ولهذا السبب كان هناك تقارب كبير بين الحركة الكردية بشكل عام و الكرد الشيعة بشكل خاص و بين الحركة الشيعية في جنوب ووسط العراق.
بعد سقوط صدام تغيرت معادلة القهر و الظلم و ومعادلة التحالفات و التضامن و معادلة الاضطهاد المشترك. فالعرب الشيعة تحرروا من الظلم و الاضطهاد المذهبي و هم الان في طريقهم الى استلام الحكم. هذا التغيير في المعادلات السياسية في العراق، أدى و يؤدي الى تغيير المواقف و التحالفات السياسية. فالعرب الشيعة و الكرد الشيعة لم يعودوا يتعرضون الى نفس الاضطهاد و لا يواجهون نفس المخاطر.
لذا فمن الطبيعي أن يبرز أضطهاد أخر و تحالف اخر الى السدارة وهو الانتماء القومي للكرد الفيليين.
فالكرد الفيليون يتعرضون اليوم الى الاضطهاد بسبب أنتماءهم القومي و ليس بسبب أنتماءهم المذهبي الشيعي. حتى حلفاء الامس من الشيعة نسوا ما تعرض الية الكرد الشيعة و يقفون الى حد كيير حجر عثرة في طريق تمتع الكرد الفيليين بحقوقهم أو رجوعهم الى مدنهم و تعويضهم عن الخسائر التي ألحقت بهم. أصرار القيادات الدينية الشيعية العربية على بقاء العرب الشيعة الذين أتى بهم صدام الى مدن الكرد الفيليين، أدى و سيؤدي الى تفكك التحالف المذهبي الذين يصبون الية.
القيادات الشيعية العربية تعتقد و تعمل على نفس الاسس القديمة و يحالون فرض بعض التحالفات على الكرد الفيليين دون الاعتراف بحقوق الكرد الفيليين أو محاولة الاعتراف بها و نسوا أو يتناسون أن الظروف تغيرت في العراق و ان الحكم أصبح الان بيد الشيعة وان فتوى واحدة تصدر من السيد السيستاني كافية لرجوع كل الكرد الفيليين الشيعة الى مدنهم و قراهم و ديارهم، وأن ضغط بسيط من قبل الاحزاب الشيعة بالتحالف مع الاحزاب الكردية كاف لرفع الظلم و تعويض الكرد الفيليين و لكن لا السيد السيستاني و لا الاحزاب الشيعية مستعدة لذلك.
عندما نتحدث عن الاحزاب و القيادات الدينية الشيعية و سياساتهم تجاه الكرد الفيليين الشيعة، لا يعني بأننا سوف لن نتحدث عن سياسة الاحزاب الكردية أو سنتناساها، بل أن القيادات الكردية مع أنها لا تملك القوة و لا تستطيع فرض الحلول على الاطراف العربية شيعية كانت أو سنية من أجل نصرة الكرد الفيليين، ألا أنهم و مع الاسف لا يولون الاهتمام المطلوب الى معناة الكرد الفيليين و لم يرتقوا لحد الان الى مستوى المسؤولية القومية و الى مستوى المعنات التي تعرض اليها الكرد الفيليون. وهذا التقصير غير مبرر على الرغم من الانفالات الكثيرة التي تعرض اليها الشعب الكردي قاطبية و ووقوف الدول المجاورة و بعض الاطراف الاخرى في العراق حجر عثرة في طريق تحقيق الاحلام الكردية.
المهم في هذا الموضوع هو أن الكرد و القيادات الكردية لم تحاول استغلال الكرد الفيليين او الاتجار بقضيتهم كما فعل و يفعل البعض،على الرغم من تقصير الكرد بحق الكرد الفيليين. أما بعض الاطراف الاخرين الذين يحملون نفس المذهب الديني فيقفون ضد طموحات و أمال الكرد الفيليين و يحاولون ايضا بقدر المستطاع عزلهم عن قوميتهم و زرع الخلاف بين ابناء القومية الواحدة.
الاطراف الكردية كانت ساذجة في تعاملها مع الكرد الفيليين و لم يحاولوا حتى أستغلالها أعلاميا أو ابراز أسماء الكرد الفيليين الموجودين في القائمة الكردستانية من أجل كسب اصوات الكرد الفيليين. بينما الجهات الاخرى لم تتعهد بأي شئ للكرد الفيليين و استغلوا أسم بعض تنظيماتهم من أجل الادعاء بأن قوائمهم تمثل حتى الكرد.
عندما يتحدث البعض عن الهوية القومية للعراق، لا يتبادر الى ذهن أي عربي، شيعيا كان أم سنيا، أن العراق العربي على الاقل ليس جزءا من الامة العربية و من الوطن العربي، أو أن لا يكون العراق منضما الى الجامعة العربية. هذا يعني بأن عرب العراق بكل مذاهبهم يعتزون بأنتماءهم القومي و (هذا حقهم) و هم غير مستعدون لتفضيل انتماءهم المذهبي على أنتماءهم القومي.
لم توافق الاحزاب و الاطراف العربية شيعية كانت أم سنية على مطلب الاحزاب الكردية بأن لا يذكر في الدستور العراقي المؤقت أن العراق هو جزء من الامة العربية و هو أمتداد لها ، و فرضوا ورود فقرة تعترف و تقر أنتماء الجزء العربي من العراق الى الوطن العربي. هذا يعني بأنهم يصرون على انتماءهم القومي و أن العراق يجب أن يكون ذو هوية عربية. (من حق العرب وهي حقيقه أن العرب جزء من الامة العربية، الكاتب)
هذا يعني بأن الانتماء المذهبي للعرب الشيعة هو أنتماء ثانوي ويأتي بعد الانتماء القومي، لحد الان المسألة طبيعية، ولكن بعض الاحزاب و الاطراف الشيعية يحاولون فرض تحالفات مذهبية على الكرد الفيليين و بهذه الطريقه يبعدونهم عن قوميتهم الكردية. متى ما ابتعدت هذه الاطراف عن أنتماءهم القومي العربي و فظلوا الانتماء و التحالف مع شيعة العالم على أنتماءهم القومي العربي، عندها قد يحق لهم تحريض الكرد الفيليين أو عزلهم عن قوميتهم الكردية.
وحتى أن فعلوا هذا، فأن هناك فرقا كبيرا بين العلاقة الموجودة بين شيعة العراق و شيعة ايران، فشيعة أيران لم يعتدوا على شيعة العراق و لا يقفون في طريق تحررهم.
المعادلة العراقية تغيرت 180 درجة بعد سقوط صدام ، و الطرف الذي يجب أن يعترف بحقوق الكرد من الشيعة والسنة هم العرب الشيعة بحكم الاكثرية التي يشكلونها. أي أن حكام العراق الجدد هم شيعة العراق و هذا أيضا حق أن فازوا بذلك ولكن يجب أن لا ينسوا حلفاء الامس وأن يعترفوا بحقوق الكرد الفيليين، الحقوق التي كانوا الى الامس القريب يطالبون بها عندما كان صدام في السلطه.
من ناحية أخرى فأن الكرد الفيليون هم كرد أقحاح و هم ليسوا بضيوف على الكرد و لديهم الحق بقيادة الحركات الكردية و الاحزاب الكردية و لا أظن بأن الشعب الكردي لا يقف الى جانبهم. الكرد الفيليون هم ليسوا بحاجة الى أعتراف من قبل الاحزاب الكردية و أي مسؤول كردي يقف في طريق حقوق الكرد الفيليين أو يفرق بين الكرد الفيليين و غيرهم من الكرد سوف يكون محل أنتقاد و لعنة كل الكرد. اي أن الكرد الفيليون هم أصحاب و رواد القضية الكردية وليس العكس، كما أن أكراد حلبجة و الانفالات هم رواد القضية الكردية و هم الشريان الذي يغذي الحركة التحررية الكردية.
نستطيع القول و دون تردد بأن اي مسؤول كردي لا يتجرأ أهمال الكرد الفيليين لان الشعب الكردي لا يفرق بين الكردي الشيعي و السني أو الئيزدي أو الكاكائي. و الاحزاب الكردية مليئة بالقادة الفيليين. اي أن الانتماء القومي لديهم ايضا كما هو الحال لدى العرب و غيرهم من اقوام الشرق الاوسط أقوى من كل الروابط الاخرى. من غير المتوقع أن يضعف الانتماء القومي لدى الكرد ما دام الاخرون يفكرون و يتصرفون و يتحالفون على اساس قومي و يعادون حقوق الكرد على اساس قومي.
محاولات أبعاد الكرد الفيليين عن بني جلدتهم و عن أنتماءهم القومي و زرع الخلاف بينهم وبين بقية الكرد، هي محاولة فاشلة من أجل شق صفوف الشعب الكردي و تمزيق وحدتهم.
المثير للجدل في هذه القضية هو أن الكرد الفيليون عرفوا و أدركوا هذه المحاولات و حددوها قبل أن ينتبه اليها القيادات الكردية، وهذا يعني بأن الكرد الفيليون يؤمنون يقوميتهم و يصرون على ذلك الانتماء و على وحدة الشعب الكردي و هم سويا و بيد واحدة و خطوات متماسكة سيمضون الى الامام.
و أي خطئ تقترفه الاحزاب الكردية حيال الكرد الفيليين سيكون مردوده سلبيا جدا على الاحزاب الكردية نفسها و سيقدمون الاعتذار تلو الاعتذار نظرا للمكانة التي يتمتعون بها الكرد الفيليون لدى الشعب الكردي لا لشئ الا لتضحياتهم الجسام ومعزتهم هي بنفس درجة معزة ضحايا الانفالات و حلبجة لدى الجماهير الكردستانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير دولي من كارثة إنسانية في مدينة الفاشر في السودان


.. أوكرانيا تنفذ أكبر هجوم بالمسيرات على مناطق روسية مختلفة




.. -نحن ممتنون لكم-.. سيناتور أسترالي يعلن دعم احتجاج الطلاب نص


.. ما قواعد المعركة التي رسخها الناطق باسم القسام في خطابه الأخ




.. صور أقمار صناعية تظهر تمهيد طرق إمداد لوجستي إسرائيلية لمعبر