الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اثينا بانتظار -كليسثنيز- ليبعدها عن الطاغي -ميالولياكوس-

فريد يحي

2012 / 5 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


حوالي 500 عام قبل الميلاد، وقف كليسثينز على هضاب سولون،معلنا العديد من الاصلاحات الثورية البارعة، حتى يضمن لاثينا ،عدم وجود مستقبل للطغاة ، لتصبح في نهاية المطاف خير تمثيل للديمقراطية، وتنهي قمعية الطغاة والحكام المستبدين.

الان في العام 2012 ،صاراليونانيين غاضبين،مكتئبين ومتعبين،فاما الغضب فسببه الدولة،واما الاكتئاب فهو بسبب ما يخبئه المستقبل لهم،واما التعب فهو نتيجة حاجة اليونانيون للاستماع كل يوم،للجميع وهم يلقون عليهم اللوم ،نظرا بما سببوه من مشاكل للعالم عامة،ودول اليورو خاصة.

الشعب اقتنع بثقة ،بأنه يتحمل جزء كبير من المسؤولية ،نتيجة المواقف التي أدت بهم، الى ما هم فيه اليوم، ولكنهم يقولون بأنهم ليسوا مسؤولين عن النظام الذي سمح لعدد قليل منهم، لم يكشف عن اسمه،كي يرسم المسار الذي أدى بهم إلى هذه الحال،الذي صار فيه الدخان بدل الديمقراطية يملأ ظهر الغرف!
نتائج الانتخابات التي جرت الاسبوع الماضي في اليونان،اظهرت بجلاء أن الوسط السياسي قد انهار، نتيجة اجتداب طرفاه الي اليسار واليمين،حاصلين على الغنائم، هذا الامر يعكس تآكل تدريجي للفئة المتوسطة في البلاد، والتي حافظت تقليديا من التطرف بالمحافظة على المركز،عبر حزب يسار الوسط "الباسوك" ، ويمين الوسط المتمثل في حزب الديمقراطية الجديدة.

هذان الحزبان خسرا نحو ثلاثة ملايين صوت لأطراف أخرى، أي تقريبا أكثر من نصف الناخبين،ونتيجة خسارة الطبقة الوسطى ، فإن اليونان تصبح تدريجيا أقل تماسك اجتماعي، مع كل ما يترتب على ذلك بشأن استقرار البلد على المدى البعيد.

الأمور تقريبا تزداد سوء،وتقريبا أيضا انها لن تتحسن في أي وقت قريب، بغض النظر عمن يشكل الحكومة، فوفقا لهيئة الإحصاء اليونانية، فأن معدل البطالة شهد ارتفاعا،وصل الي 21.7 في المئة في فبراير الماضي...هذا يعني ان 922 شخصا يفقدون وظائفهم يوميا.

اليونان تدخل عامها الخامس من عمر الركود، وقد كانت رسالة الناخبين واضحة ،وبصوت عال ،لا للتقشف، الذي طال أمده وقتل الطبقة المتوسطة ،وبهذا لن يعود هناك حلا سياسيا وسطا ، وسوف يتقلص تدريجيا حتى يصل إلى انعدام الصلة.حتى ان هناك العديد من اعضاء الاحزاب،المصنفين من افراد الطبقة الوسطى،والذين وصلوا الي خط الفقر،قد باتوا يعثرون في التطرف،والافكار الراديكالية ،جاذبية أكثر بكثير مما كانوا سيحصلون عليه، في ظل الاستقرار المالي.

في اعتقادي ،لا أحد بامكانه أن يلومهم،متى غرقوا في قاع اليأس،فاي يد تمتد اليهم ،حتى ولو كانت شعوبية أو مضللة ،فلن يرفوضها...باختصار هم محتاجون للحياة،وللراحة،وطالما لا يوجد استقرار مالي،فأن تيار الوسط سيختفي،نتيجة انخفاض التأييد.

...هذا الاستقرار قد يستغرق سنوات لتحقيقه،كما ان الطبقة الوسطى قد تستغرق وقتا أطول لامكانية اعادة تأكيد نفسها. وحتى ذلك الوقت، فأن البندول سوف يتأرجح جيئة وذهابا ،من اليمين إلى اليسار ،وتصير الاصوات التي تمثل المركز همسا.

فتقريبا جميع اليونانيين، الان غاضبون من عواصف المحنة الاقتصادية، التي تمرعلى البلاد اليائسة في هذه الأيام. الا ان هناك تقريبا سبعة في المئة، يصنفون بأنهم غاضبون جدا . ..هذا الغضب ، بالاضافة الي المخاوف من ارتفاع الركود القائم على الجريمة ،حرم الأحزاب التقليدية ،من حصة اصوات تبلغ سبعة في المائة ،ليتحصل عليها "حزب الفجر الذهبي "القومي المتطرف ،الذي يخرج من الغموض ،ويحصل على 21 مقعد في البرلمان.

رويترز أشارت بانه من الصعب العثور على الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم لمجموعة اليمين المتطرف ،فهم تقريبا على الأقل، يحجمون عن الاعتراف بالتصويت،كما ان بعض القلة،والذين فعلوا ذلك،صرحوا بأنهم يتأسفون لذلك. وانهم أدركوا بأن (الفجر الذهبي)،ليس سوى مجموعة من البلطجية...وانهم لن يصوتوا لهم في المرة القادمة.

المجموعة تستخدم الرمز اليوناني القديم،والذي يشبه الصليب المعقوف كشعار،و لكنها تنفي تسمية "النازيين الجدد"،وغالبية الذين صوتوا لصالح "الفجر الذهبي"، هم من الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 25-34، والعاطلين عن العمل ويفتقدون الي التعليم العالي، كما أن المجموعة، ربطت هجماتها العنصرية ضد المهاجرين، بالقول في نشراتهم الانتخابية ،بأنهم يريدون اغلاق الحدود اليونانية ،بواسطة الألغام الأرضية ، واعدين الناخبيين "بتخليص البلاد من الرائحة الكريهة ".

الحزب انشي منذ العقدين،في ظل عدم معرفة اعضائه،بغض النظر عن زعيمه "نيكولاوس ميالولياكوس"،الذي كان معجبا بالديكتاتور اليوناني"يوانيس متاكساس"،والذي حكم اليونان من العام 1936 حتى العام 1941 ،"ميالولياكوس" خدم في القوات الخاصة التابعة للجيش، بعد سجنه بتهمة حيازة متفجرات في العام 1970.

في أحياء أثينا المتهدمة، نجح الحزب في بناء صورة روبن هود بين الناس، فاعضاء الحزب الرجال ،والذين هم عادة من الشباب ذو العضلات، برؤوس حليقة،وقمصان ضيقة،قد رافقوا النساء المسنات الى البنك ،وأعطوا أكياس من المواد الغذائية للأسر الفقيرة التي تكافح للحصول على جانب ،خلال هذه الأزمة ،التي تعتبر الاقسى اقتصادية ،والتي تشهدها البلاد منذ عقود.

فهل سيحافظ "الفجر الذهبي" على جاذبيته ،خلال الانتخابات القادمة ،والمزمع اجرائها الشهر القادم،بعد الفشل في تكوين حكومة،ام ان الغموض الذي ساعد في تألق الحزب،سيفقد بريقه،في البلاد التي قاومت الاحتلال النازي في الحرب العالمية الثانية ،وحكمت في وقت لاحق من قبل المجلس العسكري الحاكم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي الشجاعة داخل نفق مظلم.. مغامرة مثيرة مع خليفة المزروعي


.. الحوثي ينتقد تباطؤ مسار السلام.. والمجلس الرئاسي اليمني يتهم




.. مستوطنون إسرائيليون هاجموا قافلتي مساعدات أردنية في الطريق


.. خفايا الموقف الفرنسي من حرب غزة.. عضو مجلس الشيوخ الفرنسي تو




.. شبكات | ما تفاصيل طعن سائح تركي لشرطي إسرائيلي في القدس؟