الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مهرجان التصعيد

ساطع راجي

2012 / 5 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


لاتمر ساعة من نهارات أو ليالي العراق دون أن تتكشف عن خطوات إضافية من التصعيد في مهرجان التصريحات العبثية والمتشنجة، تصعيد متواصل بلا أفق أو هدف، تصعيد لايدرك أحد نتائجه ولا يهتم أحد بالتحسب والاستعداد لمواجهة هذه النتائج وكأن الساسة وخاصة الزعماء منهم قد ضاقوا ذرعا ببعضهم البعض وصاروا يتجهون الى جولة من تصفية الحساب فوضعوا كل ما أمكنهم من ملفات على طاولة التشهير والتحريض.
لقد وصل زعماء التصعيد والمناورات الى طريق مسدود، طريق مهدته الاتفاقات الغامضة والهشة، ويبدو إن الزعماء مصرون على عدم الذهاب الى مهرجان التصعيد منفردين، فالزعماء يريدون أن يسحبوا معهم أكبر قدر ممكن من الاتباع وإغواء كل من يقدرون على إغوائه وتوريط كل من تسمح الظروف بتوريطه من المواطنين في المواجهة التي يريدون إفتعالها، وفي سبيل حشد أكبر عدد ممكن من الاتباع صار الزعماء يقفزون من ملف الى آخر، يفتحون كل ملف ويلهبونه ببعض المواقف الاعلامية الاستعراضية وببضعة تصريحات (ع الطاير) تلقى في ممرات الفضائيات أو قاعة المؤتمرات الصحفية في البرلمان.
الزعماء يديرون الصراع وكأنهم يريدون تدشين مشروع سياسي جديد في العراق، مشروع يؤسس نقطة إنطلاق جديدة تتجاوز كل ما تم بناؤه حتى الآن، والعلامة الابرز الدالة على هذا المشروع هي حالة التجاهل التام لمؤسسات الدولة، حيث يدار الصراع على إنه مواجهة بين أفراد أو أحزاب في أفضل الحالات، بينما ما يحدث فعلا هو إن القوى السياسية وعلى رأسها الزعماء المتصارعون يديرون حلبة المواجهة بأموال ومقدرات ومؤسسات البلاد.
هناك تجاوز يومي واضح للمؤسسات الرسمية باعتبارها أدوات لتحقيق المصالح المشتركة للعراقيين أولا ولقواهم السياسية ثانيا وخلق توازن بين كافة القوى وفق سياقات الدستور والمصلحة العامة، أم إننا نجري في مضمار آخر لا علاقة له بكل ما كان يتم تسويقه للمواطنين على أنه مشروع "العراق الجديد" رغم إن الموقف من هذا المشروع كان أساسا لتصنيف بعض التنظيمات والشخصيات على إنها معادية للنظام السياسي وتعمل بالضد من مصالح العراقيين.
بعض الزعماء وصلوا الى مرحلة فقدان الشعور بالوزن وصاروا يتحركون وكأنهم يعيشون لوحدهم في كون فارغ إلا من ذواتهم، لقد أسكرتهم خمر السلطة وصاروا لايرون إلا أنفسهم التي يريدون لها أن تتضخم وتتضخم حتى تملأ الدنيا وتشغل الناس ليل نهار في مسعى جنوني لإلغاء الوطن والدولة والقوميات والطوائف والاحزاب وتحويل ذواتهم الى إختزال لكل ما هو على الارض، هذه الحالة الجنونية هي ما يؤسس للدكتاتور، وعندما يعيش شعب ما تحت حكم دكتاتور واحد فإن حياته ستكون ملوثة بالذل والهوان ومعرضة لشتى أنواع المخاطر والجرائم التي قد يرتكبها الدكتاتور في أي لحظة، لكن الكارثة تتسع عندما تقذف الاقدار شعبا ما بدزينة من المتولهين بذواته حد الجنون الذي يدفعهم لاضاعة فرص السلام والبناء والحرية والرفاه.
الاخطر الذي لا نتمنى حدوثه هو إنسياق العراقيين أو حتى بعضهم وراء زعماء التصعيد ومهرجانهم الكارثي الذي لا تباشير لنهايته، وحتى ما يبزغ من بصيص أمل فهو ربما لايكون أكثر من إستراحة عابرة أو هدنة هشة خاصة وإننا نقترب من إستحقاق إنتخابي إنتابت حماه القوى المتصارعة مبكرا حتى قبل التأكد من إمكانية إجراء إنتخابات، لذلك فلا أمل للعراقيين الا بالرهان على أنفسهم عبر الامتناع عن الانجرار الى غوايات الزعماء المهووسين بالتصعيد وتركهم في مواجهة بعضهم البعض إن لم يكن ممكنا ردعهم فأي منتصر سيتحول الى جلاد حتى لمن ساندوه ودعموه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نادين الراسي.. تتحدث عن الخيانة الجسدية التي تعرضت لها????


.. السودان.. إعلان لوقف الحرب | #الظهيرة




.. فيديو متداول لحارسي الرئيس الروسي والرئيس الصيني يتبادلان ال


.. القسام: قنصنا جنديا إسرائيليا في محور -نتساريم- جنوب حي تل ا




.. شاهد| آخر الصور الملتقطة للرئيس الإيراني والوفد الوزاري في أ