الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقدم .. تأخر

عائشة خليل

2012 / 5 / 18
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


أرسلت لي صديقة مقالاً عن الموجة القادمة (الرابعة) من النسوية، والتي يتم الإعداد لها من الحين، وسوف تعقد أولى جلسات جمعيتها العمومية في نيويورك، يوم الخميس 17 مايو 2012. وقد تعرضت الكاتبة من بين ما تعرضت له في مقالها الطويل المحاولات الجادة لتخطي مساوئ الموجة النسوية الثانية، حين تم تهميش أصوات الأقليات وخاصة النساء ذوات الأصول الإفريقية، وما كان له من عواقب وخيمة على الحركة. ولذا فقد قررت الموجة الرابعة بشكل جدي اتخاذ خطوات عملية لسماع أصوات الأقليات. وهكذا اتخذن شعار: تقدم .. تأخر. والذي يدعون من خلاله أصحاب أصوات الأغلبية - العددية من ذوي الأصول الأوربية - إلي التقهقر قليلا إلى الوراء، واتخاذ مقاعد المستمعين، بينما يدعون أصحاب أصوات الأقليات إلى التقدم لإسماع أصواتهم ووجهات نظرهم للجميع بما في ذلك الأغلبية.
وقد نوهت الكاتبة عن تجربة تجمع "احتلال مونتريال" بكندا والذي أصدر إعلانا نقلت منه الكاتبة الشيء الكثير مجمله أننا لسنا مجتمعون لسماع صوت الـ 1٪ (من المعروف أن حركات "احتلال الميادين" التي اجتاحت العالم الغربي في أعقاب الربيع العربي ترفع شعار "نحن صوت الـ 99٪") فهم لا يريدون سماع الأصوات المكررة التي ملوا قراءتها في الجرائد وسماعها في الإذاعات وعلى شاشات التليفزيون، وإنما يرغبون في سماع الأصوات المقموعة، وذلك من أجل إعادة توزيع السلطة والقوة بشكل أكثر عدالة.
فأين نحن من هذا؟
قامت الثورة في مصر ومازال لدينا من الحلم والصبر (ولا أقول البلاهة والغباء) أن نفرد من الوقت والجهود ما نسمع به أصواتًا طغت على حياتنا لعقود، لنسمع تكررًا لأحاديث لا تقدم لنا جديدًا. بل أين نحن من شعارات الثورة التي هزت العالم على مدار ثمانية عشر يومًا؟ أين نحن من "عيش .. حرية .. عدالة اجتماعية"؟ إذا كنا لا نسمح للشباب بدخول البرلمان، ولا الترشح للرئاسة، ولا رؤية أحلامهم الجديدة لمصر جديدة تتحقق على أرض الواقع.
أعتقد جازمة، أن قانون العزل السياسي لا يجب أن يطال فقط من باتوا يعرفون بفلول النظام السابق، وإنما يجب أن يطبق على كل الأجيال الأكبر سنًا، فلقد سئمنا حكمة الشيوخ التي أودت بنا إلى هذا المستنقع، وآن لنا أن نستمع إلى الشباب، وأحلامهم، وآمالهم. فعلى كبار السن أن يمتنعوا فالحكمة التي يتمتعون بها لا تصلح لعالم اليوم، الذي لا يعرفون عنه ولا عن تقنياته، ولا أساليبه، ولا وسائله الكثير.
ولعل من أسخف ما سمعناه في ذم هؤلاء الشباب أنهم متشرذمون، وليسوا على قلب رجل واحد، وبالتالي لا تستطيع السلطة الحاكمة الاتفاق معهم (سمعنا ذلك مثلا أثناء تشكيل الحكومة الانتقالية الأخيرة). فهؤلاء الشباب أبناء وبنات جيل ما بعد الحداثة الذي يحيا على تعددية الأصوات، ولكنهم يتعاملون مع شيوخ (ما قبل) الحداثة، فأنى لهم أن يتفاهموا؟ ولذا فقد تفتق ذهن السلطة التنفيذية على استبعادهم بالكلية، وكأن فعل الاستبعاد هو إلغاء لهم من الخريطة السياسية. ومن المؤسف ألا يفطن المحللون السياسيون لهذه الحقيقة البسيطة ويتشدقون عوضًا عن ذلك بعجز السلطة عن الوقوف على زعيم للثورة. مع أن أفقية الثورة بادية للعيان، وتشبع شبابها بمفاهيم ما بعد الحداثة لا تحتاج إلى خبراء كي يقرؤوها. ولكنها الأنماط القديمة التي لا تعرف ما الحداثة، وما بعدها.
وأخشى أن ما نقوم به الآن ما هو إلا إيقاف لعجلة التاريخ، وتكرار للأخطاء السابقة، بدعوى كثيرة مثل الأمن والاستقرار، بل وحتى الاقتصاد. وهي ذات الدعوى التي كررها الرئيس السابق على مسامعنا لعقود، فكان دائمًا هو مرشح الاستقرار.
فهل قامت الثورة لكي يتقدم الفكر السائد أم لتتغير التوجهات ويتقدم الفكر الشبابي الثوري الجديد؟ ولقد أثبت الشباب قدرتهم على العمل، والتنظيم، والريادة، بل وحتى علي التضحيات، فكم شهيد وجريح من بينهم؟ وهذه مؤهلات تؤهلهم في نظري لتسلم الريادة، فإن كانت تنقصهم الخبرة فسيكتسبونها، وإن كانت تنقصهم الحنكة فسيتعلمونها؛ والمهم أنهم يمتلكون الرؤية والحلم ..
أود لو أرى هذا الشعار "تقدم .. تأخر" معمولا به في مصرنا الحبيبة، فسيكون هذا بالفعل الانتصار الحقيقي للثورة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيسة حزب الخضر الأسترالي تتهم حزب العمال بدعم إسرائيل في ال


.. حمدين صباحي للميادين: الحرب في غزة أثبتت أن المصدر الحقيقي ل




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المتظاهرين من جامعة كاليفورني


.. The First Intifada - To Your Left: Palestine | الانتفاضة الأ




.. لماذا تشكل جباليا منطقة صعبة في الحرب بين الفصائل الفلسطينية