الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قد العيون السوود .. بحبك !!

وفا ربايعة

2012 / 5 / 18
الادب والفن


على قَدرِ الاشتياقِ لأشياءٍ لَم توجَد ، ولَم تُحَب منذُ أبدِ الدهر،ُ وُلَدتْ رغبتي باقتناءِ ذلكَ الشريط .. فهو الدليلُ الأخيرُ على بقائي على قيدِ شيئيّتي ،وهوَ أيضاً تلكَ الروحُ التي تهتزُّ كُلَّما سَمِعتْ تلكَ الأغنية تَرنُّ في أرجاءِ سِجنها .. كانت هذهِ الأغنيةُ هي ما بقيَ من ذكرياتي المُتمحوِرةَ حولَ أُمي وشبابِها الذي أضاعتهُ الأيام ، ولَم يبقَ مِنهُ سوى ، قصائدٌ مُخبَّئةٌ في دُرجِ خزانتها كانتْ قد كتَبتها قديماً ، هذهِ القصائدُ التي ساهمت في تكوينِ شاعريتي واحترافي لمهنةِ اعتلاءِ القلم ، وشريطٌ يَحرقُ أحشائي بدموعٍ لا أعلمُ مِن أينَ تسقُط .. كُلَّما تذكَّرتُها .

أمي تعشقُها منذُ طفولتها ، و أورثتني حُبَّها وتشرّبتهُ منذُ ابتدأتُ أُحصي في فمي الكلمات .. وكبُرتْ أُمّي وكبُرَ حُبُّ هذه الأغنيةِ في قلبي ، عندما توقفتْ عندَ شبابِها ، أكملتُ أنا رِحلةَ الانتماءِ إلى جيلٍ بعيدٍ ، إلى حيثُ أُمّي بشعرِها الأشقر وعينيها الخضراوينِ ، وذلكَ السحرُ الذي ينبعثُ مِن ثغرِها عندما تبدأُ الكلام .. وعلى الرغمِ مِن أنني لا أُشبِهُها .. لكنني ورثتُ دفئها وروعةَ حروفِها المُنسدلةِ على السطورِ وزُمرةَ دمِها .. ذلكَ الدمُ الذي ربطَني بأشياءٍ لا تعنيني .. أدركتُ بالأمس أنَّ أمي قد فقدتْ شبابَها فجأةً دونَ سابقِ إنذار ، بالرغمِ مِن أنها كانتْ فتيّةً في الصباح ، عندما قبَّلتني في طريقي إلى يوميَ المُعتادِ هُناك .. حيثُ العديدُ مِن النساء اللواتي لا يُشبهِنَ " وردة " ولا يفهَمنَ عينيِّ أُمي عندما تبدأُ الحديث .

في هذا اليومِ بالذات .. أهدتني أُمّي دفترَها القديم الذي أحفظُهُ عن ظهرِ قلب ، أتذكرُّ قولَها :

" لا شيءَ يُعيدُني إلى نصّيَ المشغولِ
بورقِ الغارِ ..
إلاّ فُسحةٌ من غيمٍ أزرقَ
أزرق ..
غيمُ يكتُبُ اسمَ الفرحِ
كيما نعودَ لعصرِ إخراجِ الروحِ
إلى أيادٍ تمتدُّ وقتَ الفُراق " ..!!

أدركتْ أمي أنَّ الأغنية ستسكُتُ للأبد ، لأنّها لمْ تكُن لتُفرِّطَ قط بشريط " العيون السود " ولا بدفترِ الروحِ – كما كُنتُ أسمّيه – ولكنها اليوم ، وقبل الإعلانِ عن خبرِ موتِ صاحبة الصوتِ الذي نما وترعرع بجوفي ، أهدتني أثمَن ما امتلكتْ في شبابِها .. أمّي منذُ الأمسِ تبكي ، فقد شعَرتْ أن صِباها قد ولّى دونَ عودة ، وكأنهُ رحَلَ برحيلِ وردةَ عن الحياة .

وأنا أيضاً بكيتُ أُمي الباكية وبكيتُ وردة .. التي لا أظنُّ أنني سأرثي عملاقاً كما رثيتُها

سرّاً ..!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة غداً


.. سكرين شوت | إنتاج العربية| الذكاء الاصطناعي يهدد التراث المو




.. في عيد ميلاد عادل إمام الـ 84 فيلم -زهايمر- يعود إلى دور الس


.. مفاجآت في محاكمة ترمب بقضية شراء صمت الممثلة السابقة ستورمي




.. انتظروا لقاء مع أبطال مسلسل دواعي السفر وحوار مع الفنان محمد