الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مُقاطَعَة الإنتخابات الرِّئاسِيّة المِصرِيّة ضرُورة لا خِيَار !

السموأل راجي

2012 / 5 / 20
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


قد يختلِفُ البعض أو قد تنسَدُّ آذانٌ كلّما وقع التطرُّق للمُقاطَعَة في مِصر بالذّات وجرّبتُ هذا مِرارًا ولَمَسْتُه حتّى من بعض الرِّفاق ، وسأنطلِقُ هُنا من مقُولة لينين في أطرُوحات أبريل : " الحقيقة التي لا جدال حولها هي أنّهُ على المَاركسيّ أن يحسب الحساب للواقع الحيّ ، لِوقائع الحَيَاة الدّقيقة, لا أن يتشبث بنظريّة الأمس ، التي هي ككُل نظريّة ، لا تفعَل في أحسن الأحوال ، غير أن ترسم الجوهرِيّ العامّ دُون أن تقترب من أوْجُه تعقُّد الحيَاة."

كُنتُ مِمَّن ناصَر مُقاطعة مهزَلَة إنتخابات 2010 التي كانت تزوِيرًا مع سبق الإضمار والترصُّد وشارَكَ فيها وفي تَشْرِيع سُلطة المخلُوع مُبارَك بغبَاء أو عن قَصْدِيّة جماعةٌ ، منهُم مُرشّحُون اليوم يدّعُون تمثِيل الفُقَرَاء ومنهُم من مَدَّ أَيَادِي المُفاوَضَة لعُمَر سليمان، وبَان بالكاشِف أنّ نِسَب المُشاركة الهزِيلة وكابُوس إعادة إنتاج السّائِد بأشكال أكثَر رداءةً سادَا مشهد ما بعد الإنتخابات لحُدُود 25 ينايِر التي بدأ سيناريُو الإلتفاف عليها مُبكّرًا بين مُقاطِع لدعوات الخلع ومُتجنِّب للنُّزُول للسّاحات والميادِين في ذلك اليوم وبيْنَ راكِبٍ تأخّر ركُوبه وبين بهائِمَ سُرعان ما إنقَضَّت على الإنجاز الشّعبِيّ المُتمثِّل في الإطاحة بالمُبارَك أمرِيكوصهيُونِيًّا لتُفسِح الجماهِير المجال لطلائِعِها السّياسِيّة في إستكمال مهامّ ثورتها فإذا بها بين ليبرالِيّ لا فرق بينه وبين مُبارِك إلاّ بهامِش حُريّات لا يقطع مع تمشِّي التّجوِيع والنّهب الليبرالِيّ وبين مُلتحِي يُمثِّل الوجه الحقِيقِيّ لليمِين ولا فرق بينه وبين السّابِق وبين أدعِياء يسَار لا علاقة لهُم بالإنحِياز المُطلق للكادحِين سُرعان ما هلَّلَت لإيقاف دقّ نواقِيس الخطَر على تواجُدِها بتنحِّي حُسنِي وتولِّي العَسْكَر إدارة ما بقِي من خيال دولة مُهترِئَة في بيانٍ معكُوسٍ تلاهُ ضابِط كادَ أن يضرِط إذ أدّى التحِيّة العسكرِيّة لِشُهداءٍ قد يذهبُ دمهُم هباءًا إذا ما تواصلت المهزلة ؛ ولن أُثِير البُعد الإجرائِيّ التّقنِيّ للإقتراع المحكُوم بالتّزوِير سلفًا إمّا بالإرتشاء الماليّ أو بتغيِير الأوراق وتجاوُز ضوابط الحملات الإنتخابِيّة فكُلّ ذلك مُجرّد هُراء أمام مسار كامل من الإلتفاف.
ترتبِطُ عادةً الإنتِخابات أينَمَا كانَت بمفهُومٍ إقترن بمُعطَى أو هدَف تكرِيس ممــارسة السّيــادة الشّعبيّة، هذِه الأخِيرة تقتضي تمكين الشّعب من مراقبة حكّــامه ومحــاسبتهم وعزلهم حتى لا يتحوّلوا إلى حكّام إطلاق. كما تقتضي تمكينه من مراقبة نوّابه ومحاسبتهم حتى لا ينقلبوا على ما نُوّبوا من أجلِه ، كما تفترِضُ ضرُورةً مُمارسة سُلطة التّشريع أيضا سواء عن طريق النّواب أو بصورة مباشرة. وهذه السّلطة لا سلطة عليها غير سلطة الدّستورالدّيمقراطي الذي يقرّه الشّعب أيضا. وبتعبير آخر فلا رقابة على الشّعب أو على نوّابه في ممارسة سلطة التّشريع من قبل أيّة هيئة “روحيّة” أو عسكرِيّة تعطي نفسها صلاحيّات لا تفويض لها فيها من أحد،فإذا ما كان الوضع الملمُوس يعكِسُ حالة إحتِقانٍ وغليانٍ مع غيابٍ للبدائِل وموازِين قوى مُختلّة بإرتباطٍ مع حجم الإلتفاف وتُقَامُ عمليّات الإقتِراع في ظِلّ مراسِيم وقوانِين لا علاقة للشّعب بِها وفي غيابٍ كُليٍّ للجمعِيّة التّأسِيسِيّة التي صاغت دُستُورًا ديمُقراطِيًّا شعبِيًّا يحسِمُ حالة البَهْتَة بمُقتَضَاهُ تُوضَعُ القوانِين الإنتخابِيّة ويتحدّدُ نمط الحُكم وطبِيعة النّظام ويحفَظُ كرامَة الدّم المصرِيّ وحقّ المُفَقَّر وليس الفقِير ويُغلِقُ بهائِم برلمانات مُبارك أفواههُم عن تمثِيلهم للفُقَراء والغَلاَبَة ، فهل تتوفّر هذِهِ الشُّرُوط؟؟

الدّعايَة السّياسِيّة الواسِعة للمُقاطَعَة لن تكُون قفزاتٍ بهلوانِيّة على وعيِ شعبٍ إنتفَضَ وثَارَ ولا يزال وقدّم التّضحِيات وبرهَنَ على أنّهُ أبلَغ وأشدّ ثورِيَّةً مِن بعض مُدّعِي الثّورِيّة مُحترِفِي الرّوث الإنترناتِيّ ومُدمنِي الظُّهُور الإعلامِي على فضائِيّاتٍ أصحابُها يُعبِّرُون عن مصالِح البُورجوازِيّة الكُبرى العمِيلة المصريّة ومافِيات العالم في منحَى نستشِفُّه من خِلال تحوِيل وِجْهَة الصّراع إلى ثُنائِيّة شهِيرة رُسِمَت في مبنَى لانغلِي ومحافِل عصابات الحقّ العامّ الحاكِمَة في أوروبا :مُؤمن/كافِر،مُسلِم/قبطِيّ ، ويُسَوِّقُ مُمَثِّلُو المافِيا السّياسِيِّين حملتهم إرتِكازًا على مفهُوم الوسطِيّة أو العقلانِيّة او العلمانِيّة وأحيانًا لايُطِيقُون صبْرًا فينطِقُونها: ليبرالِيّة ، نمط وفكر سقَطَ من التّارِيخ في معاقِلِه وتبوّلت النيوليبرالِيّة على نبِيِّهِ آدم سمِيث وأُطلِق العنان لنهبٍ أشدّ دموِيّة جعل من مصر واحِدة من أكثر بُلدان العالم مديُونِيّة وبِنِسبِ تفْقِيرٍ هي الأعلى في الكون ،آخرُون إستنجدُوا بعمليّات إستمناء تارِيخِيّة وحملُوا صُوَر عبد النّاصِر وسوّقُوا للعدالة الإجتماعِيّة أو الإشتراكِيّة أصلاً وفي جوهرها عندهُم مُعادلة لرأسمالِيّة دولَة إنتهَى عصرُها بإرتِباطٍ مع التّغلغُل الأمريكي الصّهيُونيّ في مِصر، وبالمُناسبَة الجمِيعُ مُطبِّعٌ مع شُذَّاذ آفاق تل أبِيب والجمِيع لا يطرحُ إلغاء إتّفاقِيّة كامب دايفيد سيِّئة الذِّكر والصِّيت ، ولا مجال للحدِيث عن تعلِيقٍ للمديُونِيّة التي تسبّب فيها حُسنِي وأذنابُهُ دُون إستشارةٍ شعبِيّة أو إدراج مطلب إسترداد أموال الشّعب والغلابة المُخَزَّنَة في بُنُوك ما وراء الأطلنطِيّ !الغرِيب في كُلّ هَذَا غِيابٍ مفضُوحةٌ أسبابُه لعدم رفع شِعار "جمعِيّة تأسِيسِيَّة" مع إعلان مبادِئ مُسبَق يُلزِم أعضاءها المُنتخبِين بالإنضِباط لمبادِئ ثورة 25 ينايِر المنسِيّة " خُبز ، حُريّة ، كرامة وطنِيّة ، عدالة إجتماعِيّة" ، فتسارعت القُوَى السياسِيّة المُشكِّلَة لمشهد ما بعد التنحِّي (وهي نفسها قُوى تلاعب مبارك بها ودخلت لُعبته) لتتزاحَم كالبعُوض على مقاعِد شِبْهِ برلمانٍ نتائِجُهُ محسُومَة في مناخٍ إجتماعِيٍّ محكُوم بالحاجة والفاقَة الشّدِيدَيْن وتحت سِيَاط إغداقٍ غير معهُودٍ للمال السّياسِيّ الآتِي من الخلِيج بِمُصادَقَةٍ من أقطاب اللّيبرالِيّة حديثها وجديدها في البيت الأبيَض وكلبة حراستهم المُمَثَّلَة بالكيان الصّهيُونِيّ البغِيض.
بمرسُومٍ أتَى في ثوْبِ إعلانٍ دُستُورِيٍّ مُكَمِّل يحفظُ سُلطَة العَسْكَر ويحُدُّ من سُلُطات الرّئِيس المُقبِل تُخاضُ الإنتخابات المصرِيّة لِــيَوْمَي 23 و 24 مايُو/آيار ولا أحد يجْزِمُ بحجم المُشارَكَة الشّعبِيّة التي حُرِم منها التّارِيخ المصرِيّ إذ نُزِعَت عن الشّعب إرادة إختِيار نظامٍ برلمانِيٍّ شعبِيٍّ يخضعُ فيه النُوّاب لِسُلطة رقابة مجالِس مُحافظات ومجالس محليّة وقروِيَّة تمتلكُ حقّ العزل عند الإقتِضاء ورئيسٍ بمهامّ شرفِيّة ودُستُورٍ تمّ إستفتاء أبطال الثّورة في أعماق الصّعِيد والواحات والدّلتا وسُكّان العشوائِيّات القَسْرِيّة في كُلّ بُنُودِهِ بِــما يتماشَى وأهداف 25 ينايِر ويقطعُ دابِرَ وأوصال اليمِين بشِقَّيْهِ الليبرالِيّ التّعِيس والمُلتحِي البغِيض لترتفع رايات المُفَقَّرِين بعد إنتِشالهم من بُؤسِهِم : فأيُّ جدوَى للمُشارَكَة؟

"ان تكتيك المقاطعة يصبح تكتيكا ملائما شرط نجاح مساعينا لتحويل المد النقابي-الجماهِيرِيّ إلى هجوم ثوري" ولا أحد في المحرُوسَة قادِرٌ على إدّعاء العَمَى أمام حُمَّى الإضرابات والإعتصامات والوقفات الإحتجاجِيّة والمسيرات وتعبِئة الميادِين بمطالِب حقِيقِيَّة واقعيّة ملمُوسَة تتعلّقُ بالخُبز والعَيْش الكريم والتّشغِيل وإيقاف نزِيف البطالة والتشرُّد ، والقوانين الحاليّة ونتائِج الإنتخابات السّابقة واللاّحِقَة في ظلّ إجهاضٍ قَصْدِيٍّ شاركت فيه كُلّ القوى المُؤثِّرة وكُلّ المُرَشَّحِين الحالِيِّين للثّورة لن تمنَع ثورة مُقبِلة تكُون بمثابَة تصفِيَة نهائِيّة للحساب مع أعداء الثّورة وأبواق دعاية مُتغلّفة بالدِّين تارةً ومُدّعِيَة للعلمانِيّة حينًا آخَر وفيما بين ذلِك قُوت الشّعب غائِبٌ والمُشاركة في الإنتخابات المُقبِلَة لن تكُون إلاّ إستكمالاً لحركة مُـمَـنْـهَـجَـة ومُخطَّطة للإجهاز على ما بدأ من ينايِر 1977 ، المُقاطعة أصبحت ضرُورة لا خِيَار وهذا ما تجنّبهُ وناهضهُ مُشرِّعُو آخر برلمانات مُبارِك لِيستغلُّوا مرّةً أُخرَى مناخًا إجتماعِيًّا مُتوتِّرًا محكُومٍ بالإحتياج الشّدِيد والتلُّق حتّى بوهم إنجاز ما طمحت إليه الجماهِير في إنقاذِهِم من جحيم الـتَّـفْـقِـير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: مزارعون في الهند مصممون على إلحاق الهزيمة بالحزب ا


.. السباق إلى البيت الأبيض: حظوظ ترامب | #الظهيرة




.. ماهو التوسع الذي تتطلع إليه إسرائيل حالياً؟ وهل يتخطى حدود ا


.. ترامب: لم يتعرض أي مرشح للرئاسة لما أواجهه الآن | #الظهيرة




.. -كهرباء أوكرانيا- في مرمى روسيا.. هجوم ضخم بالصواريخ | #الظه