الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة موضوعية حول موقف الجبهة القومية من الانتخابات الرئاسية

سامح محمد إسماعيل

2012 / 5 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


في مقاله بعنوان حول الموقف من الانتخابات الرئاسية بموقع مركز الدراسات الاشتراكية ينطلق مصطفى عمر من عدة منطلقات لا يجمع بينها خيط سياسي واضح محاولا في ثوب نظري أن يتقمص دور المحلل لموقف الجبهة القومية من الانتخابات الرئاسية
في البداية ينطلق من بيان الجبهة حول ترشيح عمر سليمان محاولا الإيحاء بشكل أو آخر لإيهام القارئ بأن الجبهة تبنت مبدأ ميكيافيلي واضح لتأييد سليمان وأن عودته هي الحل الأمثل لجمع شتات القوى الثورية والانطلاق لاستكمال أهداف الثورة !
فارق كبير بين التحليل السياسي القائم على معطيات محددة نستطيع من خلالها الانطلاق نحو نتائج منطقية ،وبين تبنى مواقف محددة منذ البداية ومحاولة اثبات صحتها ، فببساطة متناهية كانت عودة سليمان تعنى عودة النظام وبالضرورة استمرار المد الثوري ، لا يحتاج الاستنتاج الى عبقرية وفق متلازمة سقراط الإنسان فان سقراط انسان ، إذن سقراط فان ...
إن قراءة الواقع وتحليل الماضي في ضوء الحاضر لقراءة المستقبل لا تعنى بالضرورة السعى لفرض تصور ما ، فأستطيع القول مثلا أن عبور الطريق دون انتظار الإشارة سيؤدي الى حادث فهل يعنى هذا أن اقترف الحادث لأؤكد تصوري النظري !
بالتالي فانه حينما أقول إن عودة الفلول تعنى عودة الثورة فإن هذا لا يعنى بأى حال تأييد الفلول .
ثم يطل علينا الكاتب بهذا المصطلح الجديد في علوم السياسية ألا وهو "الصبر الثوري "..بحثت عن المطلح في كل ثورات التاريخ ، لم أجده عند جيفارا ، ولم يتطرق له مومبا، ولم يفكر فيه هوشي منه..
عن أى صبر ثوري يتحدث الكاتب في ظل ثورة قامت وخلعت رأس النظام لكنها لم تحقق الغالبية القصوى من مبادئها... فعلام ولما وكيف تصبر الطليعة لثورية؟ ..إنها نفس الدعاوى التى حملتها تيارات معينة إبان الانتخابات البرلمانية التى جاءت بهذا البرلمان الحاضر الغائب في المعادلة السياسية الهزلية القائمة.
ثم يمضي الكاتب في وأد أهم مبدأ تاريخي حين يقول :"هذا الرأي لا يستند إلا إلى وهم شاعري يقول "كلما ضاقت ... انفرجت"، كلما أصابت آمال الجماهير هزيمة كلما انتفضت الجماهير من جديد. وهو قول مجافٍ لأي خبرة تاريخية ثورية".
أجل يقول التاريخ أنه كلما أصابت الجماهير هزيمة كلما انتفضت ، ولنأخذ المثال من تاريخنا نفسه ، ففي صبيحة 19مارس 1919 قامت ثورة شعبية في مصر ثورة تلقت مع أيامها الأولى كما مهولا من الضربات الموجعة من عدو يفوقها في الأسلحة والمعدات ، وفي ظل وجود حاكم متواطئ ....فكانت الضربة الموجعة الأولى قيام جنود الاحتلال بحرق عدد من القرى المصرية مثل قرى العزيزية والبدرشين والشوبك وغيرها وتزامن مع ذلك حركة نهب موسعة لممتلكات الفلاحين واغتصاب عدد كبير من النساء ... فهل تم اخماد الثورة ؟ بالطبع لا
ثم كانت الضربة الثانية عندما تبرأ عدد كبير من قيادات الوفد من الثورة وعلى رأسهم عبد العزيز فهمي الذي وجه نداءا للطلاب بالعودة إلى جامعتهم وعدم "اللعب بالنار" واغضاب الانجليز ...فهل هدأ الطلاب ؟ على العكس تواصلت احتجاجاتهم ....
ثم كانت ضربة أخرى أشد ايلاما وقدرة على اجهاض المد الثوري حين قام اعضاء الوفد الذين ظلوا في مصر بارسال برقيات إلى السلطان فؤاد الأول يبرأون فيها من الثورة ....وتبعهم في ذلك الأعيان وكبار رجال المجتمع في بيان 24 مارس الشهير الذي طالب الجماهير بالهدوء والحفاظ على الاستقرار وفق مبدأ الصبر الثوري الذي يطرحه الكاتب حتى يتم النظر في مطالبهم ... ورغم كل تلك الضربات الهائلة المتزامنة مع خسائر جسيمة في الأرواح استمرت الثورة ومع كل ضربة تندفع الجماهير وقطاعات الطلاب ، وكلما زادت الاحتجاجات ، وتنازلات القادة وخيانة البعض كلما تأجج المد الثورة حتى كانت مصر من أولى دول افريقيا التي تحصل على الاستقلال الرسمي في تصريح 28فبراير 1922، وتصدر دستورها الأول عام 1923م
هكذا الثورات كلما تلقت الضربات كلما زادت اشتعالا ...انها مسلمة تاريخية اختبرتها البشرية عبر تاريخها وماضيها .
وفي موضع آخر يقول الكاتب إن الثورة لا يمكن أن تستمر، ولا يمكن أن يتطور وعي الجماهير وثقتها ونضاليتها ومبادرتها وتنظيمها، إلا في أكثر مناخ دمقراطي ممكن، إلا في مناخ يمكن فيه الضغط على النظام والنجاح في انتزاع ولو إصلاحات جزئية منه.
هل يفترض الكاتب هنا أن المجلس العسكري يدفع نحو أجواء ديموقراطية فعلية ؟ هل تغاضى بهذا الشكل المهترئ عن كل الجرائم التى ارتكبها المجلس الحاكم على مدار عام ونصف ، وتجاوز كل هذا مفترضا حسن النوايا ، والنية الخالصة في إقامة دولة حرة ديموقراطية تستطيع الثورة من خلالها استكمال مسيرتها ! كيف التقط الطعم بهذه السذاجة ؟ وأى نضال ثوري يتحدث عن استكماله في أجواء الديموقراطية الوردية حيث يصبح الحديث عن الثورة آنذاك ضربا من الجنون ، فالثورة تقوم حينما يختل البناء السياسي ولا يستطيع التماهى مع البناء التحتى ... فلماذا نثور بعد تحقيق هذا التماهي ؟

ثم يصل التناقض الى ذروته حين يقول :"أما الجبهة القومية فتراهن على "النشطاء" الذين سيحتشدون فوراً في ميدان التحرير، ففيهم الكفاية في رأيهم لتصحيح المسار، ويتم هنا ترديد مقولة نخبوية مفادها أن "الأغلبية دائماً لا تثور" ..... لا يمكن لهم أن يخفوا احتقارهم للجماهير وتطور وعيهم ونضالهم الثوري."
أجل لكل ثورة طليعة ثورية تحمل آمال التغيير ومبادئ العدالة ... ولم تقم الهبات الكبرى في التاريخ الا بإيعاز وتحرك من الطليعة الثورية ، ولم يكن أبدا الثوار يمثلون الأغلبية، لقد دخلَ جيفارا كوبا مع ثمانينَ ثوريًّا كوبيًّاعلى ظهر زورق...لقد كانت مجموعة الشبيبة الفيتنامية تحت قيادة هوشي منه بالعشرات عام 1924 لتقود بعد ذلك المد الثورى على ما يقرب من نصف قرن ... فالمد الثور على المستوى الجماهيري يستلزم بالضرورة تطوير مستويات الوعي المتباينة لها ، فالوعي الجماهيري في بعض الأحيان قد يتسبب في كارثة حين يظل في مستوياته الدنيا دون تطوير أو ايعاز طليعي ، فغالبا ما يحدث ذلك التوتر الديالكتيكى بين الطليعة الثورية المتجاوزة في تطلعاتها وبين الجماهير الخاملة في معظم الأحيان بسبب الضربات الاقتصادية وقمع السلطة الحاكمة ، ان الامر دوما يتطلب قيام قوى طليعية تنفض عن كاهلها وطأة الخوف من السلطة ويتملكها ذلك النوع من التحدى للقمع ، وطرح أحلام الجماهير غير مبالية بمقصلة الحاكم وغياهب السجون لتوقظ على المدى البعيد الوعي الجماهيري ، لا يوجد أى تناقض أو احتقار للجماهير فالطليعة الثورية تقوم في الأساس على تغيير الوعى الجماهيري لاستكمال ثورتها وفقا لمبدأ التمايز الاجتماعي والسياسي فالوعي الجماهيري غير متجانس بسبب ذلك التباين الأيديولوجي والثقافي وفق مستويات الوعي المختلفة التى تقوم بعملية فرز مستمر .
ويمضي الكاتب في فرض تصوره الطوباوى المغرق في الخيال وفق تناقض صارخ فتارة نراه يؤكد على أهمية الدور الجماهيري في الصراع السياسي من خلال الانتخابات التى انتزعتها الجماهير في معارك محمد محمود ...ثم نراه في موضع آخر يؤكد أن :" المجلس العسكري وغيره من أجنحة الثورة المضادة يجهز لإجهاض أي عملية ديمقراطية تدخل فيها الجماهير ويسعى حثيثاً لإفراغها من مضمونها".
والخلاصة أن طرح الكاتب ينصب على الرهان على دور الجماهير كطرف في المعركة السياسية للضغط على المجلس الحاكم لكنه يغفل تماما كون هذا الدور يتم من خلال عملية انتخابية وفق قواعد قانونية ملتبسة ومثيرة للشكوك صاغها المجلس العسكري نفسه الذي يعبر وفق رأيه رأس الحربة في الثورة المضادة ، وفي ظل واقع سياسي مهترئ يقوم على نفس الأسس التى أدت إلى قيام الثورة ، فكيف تتمكن الجماهير من انتزاع المكاسب السياسية بحجم اختيار رئيس المفترض أنه رأس السلطة والقائد الأعلى للقوات المسلحة دون أى صلاحيات دستورية أو قانونية فيصبح منتهى الانتصار الجماهيري هو اضافة دمية جديدة لمسرح العرائس الذي يحركه العسكر .
لن تستطيع عملية سياسية بهذه المغالطات الفجة تحقيق اى حراك ملموس في وجود تلك القيود القانونية والعقبات الدستورية الهائلة ، ولنا في الانتخابات البرلمانية مشهدا حيا لتلك الفوضى الدستورية القائمة على المنح وليس الحق ، فالمجلس منح البرلمان الدور التشريعي بينما ظل صاحب الحق الدستوري في التشريع فجاء لنا ببرلمان مكتوف الحركة ...انه استمرار سخيف لمسرح العرائس والدمى في واقعنا السياسي .
*الكاتب : عضو المكتب التنفيذي بالجبهة القومية للعدالة والديموقراطية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتصامات الجامعات الأميركية وانعكاسها على الحملات الانتخابية


.. ترامب يكثف جهوده لتجاوز تحديات الانتخابات الرئاسية | #أميركا




.. دمار غزة بكاميرا موظفة في الا?ونروا


.. رئيس مجلس النواب الأمريكي يهدد بإسقاط التا?شيرة الا?مريكية ع




.. 9 شهداء بينهم 4 أطفال في قصف إسرائيلي على منزل في حي التنور