الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى الأخ محمد دحلان، لئلا تنسى عذاب السجن!!

فايز صلاح أبو شمالة

2005 / 1 / 31
القضية الفلسطينية


قبل عشرين عاماً، في زنزانة رقم 20 في سجن غزة، سنة 1985، كان الصوت العربي الأول الذي كسر صمت الوهم، واخترق جدار رعب التحقيق، ونبت شجراً مثمراً في مسامعي؛ صوت السجين محمد دحلان، وهو يردد جملة ما زالت تتردد أصداؤها في أذن الزنزانة، وترن في رحاب الوطن، ( بنمسي يا فايز)، إنها لفظة حرية، وصرخة الإرادة في دياجير الظلام.
فهل يكررها اليوم الوزير محمد دحلان، وهو يلتقي مع وزير الدفاع الإسرائيلي شاؤول موفاز في تل أبيب، ويقول له:
إن حرية الأسرى هي صلب التهدئة بعد كل الحروب في العالم، ومنطلق التفاهم على استمرار وقف المعارك بين المتحاربين، ولقد جرت العادة منذ بداية تكون المجتمعات على الأرض، وحتى دول العالم المتقدم، أن يكون إطلاق سراح الأسرى هو المقدمة الإنسانية لم سيأتي من خطوات سياسية لاحقة، ولقد ظلت حرية الأسرى الدليل على سلامة نوايا أطراف الصراع، ويتم إطلاق سراحهم دون شروط مع بداية أول اتصال للتفاهم بين المتحاربين، ولو تأخر طرف في إطلاق سراح أسرى الطرف الآخر لأسباب ما، تُعلّق خطوات التفاهم، لتكون حرية الأسرى هي الموضوع الرئيس المطروح على طاولة المفاوضات في أول لقاء، إن لقضية الأسرى الفلسطينيين حساسية الأرض لدى الشعب الذي اغتصبت أرضه، وكرامة المقدسات لمن انتهكت مقدساته، ولقضية تحرير الأسرى سطوة المُسلَّمات لمن آمن بالله واليوم الآخر، بل لقضية الأسرى خصوصية البقاء لتعلقها بحياة الإنسان الذي من أجله كانت الحروب والمعارك، ولتعلقها بحياة أناس لهم علاقة بحياة الأسير، ينتظرون لحظة تحرره من الأسر بعد توقف الحرب التي كانت سبباً لأسره، أو لدخوله السجن، وما عدا ذلك فهو مؤشر على ضرورة استمرار المواجهات.
أخي محمد دحلان، لا تختلف معي، ولا يختلف معنا فلسطيني مخلص، ولا عربي شريف، ولا إنسان حر من قيود الرق الفكري، في أن حرية الأسرى العرب من السجون الإسرائيلية، هي وحدة قياس التفاهم الراهن بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وحرية الأسرى هي الدليل الوحيد على استمرار نجاح الهدنة، وعلى تواصلها بين المتحاربين، وأن حرية الأسرى يجب أن تكون أصل كل لقاء بين مسئول فلسطيني وإسرائيلي، وكل تفاهم يتم التوصل إليه خلا الأسرى باطل، ولا يلامس عصب وجدان الفلسطينيين وفق شرع السماء، ولا ينسجم مع أوليات العلاقة الإنسانية على الأرض.
أن قضية الأسرى نقطة التقاء المصالح الفلسطينية الاستراتيجية، ونقطة التوتر والانفعال الفلسطيني، وأن أي إعاقة لتحرير الأسرى تشكل إعاقة لالتزام الأطراف بالتهدئة، بل يجب أن تكون التهدئة مقرونة بزمن تحرير الأسرى، ومرتبطة بآلية تنفيذ ذلك.
ولئلا يقع المفاوض الفلسطيني ثانية في فخ إطلاق سراح الأسرى الزائف، ولئلا تهلل وسائل الإعلام لخطوة إطلاق سراح الأسرى التي ستلعبها إسرائيل، ولئلا ينخدع شعبنا المرابط بما ستنفذه إسرائيل من خطوة خادعة في هذا المجال، أذكر أن في سجون إسرائيل 7600 أسيراً، وفق تقرير وزارة شئون الأسرى، تستطيع إسرائيل أن تطلق سراح الآلاف منهم، وأن تقيم ضجة إعلامية ضخمة عن حسن نواياها، دون أن تقترب حقاً ممن هم أحق بالتحرر من الأسر، وأقصد بذلك؛ أولئك الذين أمضوا أكثر من عشر سنوات حتى الآن في سجون إسرائيل، ويبلغ عددهم، 434 أسيراً، ودون التنبه إلى ذلك تستطيع إسرائيل أن تتلاعب بعدد الأسرى المفرج عنهم، وتعلن عن إطلاق سراح ألاف الأسرى الموقوفين والبالغ عددهم 3164 أسيراً، وهؤلاء حقهم التحرر دون قيد أو شرط، لأن أساس سجنهم باطل، وهذا ما يجب أن يتنبه إليه الجميع، وما يجب ألا تنجرف وراءه وسائل الإعلام.
إن في سجون إسرائيل خمسة أسرى أمضوا حتى الآن أكثر من عشرين سنة في غياهب السجون، عبرت عليهم عشرات الاتفاقات دون تحرر، ومنهم المناضل الطيب سعيد العتبة الذي عرفناه إنساناً في سجن نفحة الصحراوي، كذلك يوجد في سجون إسرائيل 129 أسيرة فلسطينية عدد الأمهات منهن 18 أسيرة، ومجموع أبنائهن 61 طفلاً، وهناك أسيرتان فلسطينيتان أنجبتا في السجن الإسرائيلي، لجميعهن الحق أن يعشن حياتهن في ظل التهدئة، والهدنة التي أعلن عنها بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفي سجون إسرائيل 312 طفلاً فلسطينياً، دون سن السادسة عشر، والإفراج عن كل أولئك له معانٍ، وفيه دلالة على الخطوات السياسية المستقبلية، ولا شك أن العالم كله سيقف مع شعبنا في هذا المطلب، لو تم تعليق كل لقاء مع الإسرائيليين، واشتراطه بتحرير هؤلاء الأسرى.
إن حرية الإنسان مركز الحوار الحضاري بين الأمم، وحرية الإنسان هي عنوان التفاهم بين الشعوب، ومذاق الحرية لا يختلف في فم الأبيض عن الأسود، و لا يوشوش همس المساء أذن العربي ويهجر الأعجمي، لأن الإنسان هو الإنسان على مر التاريخ، وفي كل مواقع الجغرافيا، له مشاعره الفياضة، وأحاسيسه الراجفة، يتألم ويتأمل، يحب ويتمنى، ينتظر ويشتاق، يعطي وينتظر المقابل، والإنسان الفلسطيني لا يختلف عن بقية البشر، الإنسان الفلسطيني قطعة ثلج تذوب حناناً في حر الصيف، وجمرة نار تتقد في برد الشتاء، إنه لحم طري ودم دافق، وقلب يرتجف مع كل حدث في فلسطين، وعين تغيم بالحب الماطر، ونفس تتوق إلى خطوات الصبا، ويحلم ليل نهار بالحياة، ويمارس يومياً التمرين على إطلاق أجنحة الحرية في الفضاء الرحب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل بدأت معركة الولايات المتأرجحة بين بايدن وترامب؟ | #أميركا


.. طالبة تلاحق رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق وتطالبها بالاستقا




.. بايدن يقول إنه لن يزود إسرائيل بأسلحة لاجتياح رفح.. ما دلالة


.. الشرطة الفرنسية تحاصر مؤيدين لفلسطين في جامعة السوربون




.. الخارجية الروسية: أي جنود فرنسيين يتم إرسالهم لأوكرانيا سنعت