الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحلم؟ آه.. نتوهم؟ لا

إكرام يوسف

2012 / 5 / 20
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


كتب الناشط علاء عبد الفتاح، القيادي بحملة خالد علي تدوينة تقول: "ممكن تقطعوا بوسترات بعض براحتكم بس ابعدوا عن بوسترات خالد علي، دي لامِّين فلوسها بطلوع الروح، من ناس شقيانة"!.. ولأنني أعلم يقينا، أن خالد علي أقل مرشحي الرئاسة إنفاقا على الدعاية، لضيق ذات يد مناصرين يتبرعون من أقواتهم للصرف على الحملة، اتصلت بعلاء لأتفهم منه الأمر، فأكد أن أنصار المرشحين المنافسين: حمدين صباحي وعبد المنعم أبو الفتوح، يقومون بتقطيع بوسترات خالد علي أو لصق صور مرشحهم عليها. وأوضح أن حمدين صباحي، عندما علم بالأمر، اتصل شخصيا بمنظمي حملة خالد علي وأعتذر لهم جميعا، متعهدا بعدم تكرار ماحدث. وهو تصرف غير مستغرب من مناضل محترم ومهذب، لم يعرف عنه اتباع أساليب مبتذلة في المنافسة، طوال سنوات طويلة من العمل السياسي والنيابي.
ويأتي هذا ضمن عدة سلوكيات غير شريفة للمنافسة؛ تشمل التجريح في الخصم بالكذب وتلوين الحقائق أو اختلاقها، أو ادعاء تأييد شخصيات عامة بارزة لهذا المرشح أو ذاك، وسرعان ما تصدر هذه الشخصية العامة بيانا يكذب ما نسب إليها من تأييد، أو تزييف أخبار كل حين عن تنازل مرشحين لصالح مرشح معين، يثبت بعد ذلك كذبها، لكن البعض لا يخجل! وهي سلوكيات لم ينج منها ـ فيما أعتقد ـ سوى خالد علي، الذي لم يستطع منافسوه ـ حتى الآن ـ اتهامه بأمر مشين، ولم يجدوا ما يعيبه ـ في رأيهم ـ سوى صغر سنه (40 عاما ) أو أن فرصته قليلة.
وهما للحقيقة تهمتان تدعوان للدهشة.. فلطالما شكونا من ارتفاع سن حكامنا، وتطلعنا إلى رئيس شاب من جيل الثورة، مازال يمتلك القدرة على الحلم والتطلع إلى المستقبل بدلا من عجائز لم يعد مصطلح "المستقبل" يعني لهم الكثير. ونعلم جميعا أن عمر الأربعين ذروة القوة والرجولة واتقاد النشاط الذهني والبدني، خاصة إذا اقترن بخبرة متراكمة في العمل النضالي والحقوقي تبلغ عشرين عاما، اكتسبها خالد علي من عمله في الدفاع عن حقوق اصحاب الرأي والعمال والفلاحين، ومناهضة النظام الساقط؛ فكان طوال عشرين عاما عنصرا فاعلا في صفوف مهدت للثورة بنضالها المتواصل. وعرف النضال السياسي في الشوارع والاعتصامات والإضرابات كما عرف معتقلات النظام وساحات المحاكم مناضلا متهما، ومحاميا مدافعا عن المناضلين، وأصحاب الحقوق.
أما التهمة الثانية، فهي تدعو للعجب بالفعل! فأي ملم بأحداث الثورة وواقع مصر، يستطيع أن يلحظ جيدا أن فرص جميع المرشحين المنحازين للثورة، متساوية في ظل حكم مازال ينتمي للنظام الساقط. وبعبارة أوضح، لا يكاد يكون أمامهم جميعا فرصة حقيقية لمنافسة حقيقية. فمع افتراض نزاهة الانتخابات المقبلة، لا أظن أن عاقلا يصدق أن تسمح بقايا النظام الساقط بوصول رئيس ينتمي للثورة، ليحاسبهم على مسئولية قتل الثوار في ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء، وعلى كشوف العذرية، وعلى التراخي في محاكمة قتلة الثوار أيام الثورة الأولى، والتباطؤ في محاكمة رموز النظام الساقط، وعدم محاسبتهم عن ثلاثة عقود من الفساد والاستبداد، ويفتح ملفات التعذيب والفساد والنهب طوال ذلك العهد. ولا شك أن قليلا من التفكير المنطقي، يقول إن الثورة لم تنتصر بعد إلى الحد الذي تفرض فيه مرشحها للرئاسة رغما عن الممسكين بمقاليد الأمور حتى الآن.. وأي تعويل على إنجاح مرشح ثوري ليس له سوى معنى واحد: أن البعض قد تعب من النضال، وبات يحلم بوصول رئيس يكمل لنا بقي مهام الثورة! لكن الحقيقة التي يجب ألا نتجاهلها، أننا نواجه تعثرات حالية، ينبغي توحيد الصفوف من أجل تجاوزها ومواصلة طريق الثورة الحقيقي. وأن السبب الحقيقي في هذه التعثرات لم يكن سيطرة المجلس العسكري الموالي لنظام المخلوع فحسب، وإنما تيارات الإسلام السياسي التي تحالفت معه على حساب الثورة، فلم تترك ثائرا أو ثائرة إلا وعملت على تشويههم عبر دعايات كاذبة وملفقة، واتهمت الثوار في ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء بالبلطجة والفوضوية والتخريب، بل أنهم قرروا ـ تألها على الله ـ سحب صفة الشهيد من شهداء هذه المواجهات؛ وقال المتحدث باسم الإخوان عن شهداء ومصابي مجلس الوزراء "قتلاهم ليسوا قتلى ثورة ومصابيهم ليسوا مصابو ثورة"! وأشاعوا أن المليونيات المطالبة برحيل العسكر وإعداد دستور للبلاد في ظل مجلس رئاسة مدني مؤقت، محاولة للوقيعة بين الجيش والشعب تعرقل عجلة الإنتاج! حتى نجحت دعاياتهم المغرضة في الوقيعة بالفعل بين الثوار وتأثر قطاع كبير من الجماهير، بهذه الدعايات إلى الحد الذي بات معه ينسب الانفلات الأمني إلى الثورة والثوار، بل وينسب جميع مصاعب الحياة القامة منذ أيام نظام المخلوع ـ لأن النظام مازال قائما بشكل أو بآخر ـ إلى الثوار، كما لو كان الثوار مسئولون وهم مازالوا يناضلون في الميادين لإسقاط النظام، بإدارة عجلة الإنتاج وحل مشاكل البطالة والإسكان والعلاج والأمن وارتفاع الأسعار، والمواصلات!
علينا إدراك أنه لا حل إلا باستمرار الثورة حتى استكمال مهامها، والتحلي ببعض طول النفس، مع الإيمان بحتمية الانتصار مهما طال الوقت، والاستعداد لدفع الثمن، حتى تسديد كامل فاتورة الحرية، وبعدها سوف نجري ـ بلا شك ـ انتخابات حقيقية، يفوز فيها مرشح بالاختيار الحر النزيه الحقيقي، وحتى لو تبين بعد ذلك خطأ الاختيار، سوف تتعلم الجماهير الدرس وتسحب منه الثقة، وتولي منه هو أصلح بدلا منه.
أما هذه الانتخابات فيتعين النظر إلى حقيقتها: انتخابات رئاسية في ظروف غير طبيعية مع غياب دستور يحدد صلاحيات الرئيس، وقواعد قانونية يرفضها حتى من أيدوها في البداية، ووسط جماهير نجحت دعايات التيارات الإسلامية المتحالفة مع المجلس العسكري في تشكيكها في الثوار والثورة، وبعد عقود طويلة من تغييب الوعي الجماهيري وقمع المشاركة الشعبية السياسية، أفرزت نسبة كبيرة من الجهل يسهل فيها التأثير على كثير من البسطاء وشراء أصواتهم، أو توجيههم للتصويت ضد مصالحهم الحقيقية.
ولا يعني هذا انصراف القوى الثورية عن الانتخابات أو التهوين من شأنها. وإنما يتعين الإقبال عليها وحشد الجماهير، مع الوضع في الاعتبار أنها بروفة نضالية لتحديد الخنادق وحساب الأوزان، وزيادة وعي الجماهير والنخبة. يتعلم فيها كل تيار أن يحسب وزنه بدقة، ويتبين نقاط ضعفه ليعمل على معالجتها. ومن ثم، لا يجب أن تحوي كل هذا الشحن العصبي، والتعصب الزائد، الذي يدفع بعض أنصار الثورة إلى سلوكيات لا تليق!
في رأيي الخاص ـ وربما يغضب مني بعض الأصدقاء ـ كان الموقف الصحيح المبدئي، يتمثل في مقاطعة أي انتخابات تحت حكم العسكر، والإصرار على وجود مجلس رئاسة مدني مؤقت يصاغ في ظله دستور تجرى على أساسه الانتخابات. لكن هذا الموقف كان يتطلب جبهة ثورية منظمة قوية تستطيع حشد الجماهير وتوجيهها لإجبار المجلس العسكري على تسليم الحكم لمجلس مدني، وهو ما أجهضه تحالف تيارات الإسلام السياسي مع العسكر وشقهم لصفوف الثورة ودعاياتهم ضدها التي أبعدت الجماهير كما أسلفنا. ومن ثم، صارت مقاطعة الانتخابات سلوكا انعزاليا، مع توقع مشاركة الملايين من المواطنين. ولما كان واجب الثوري التواجد ضمن صفوف الجماهير وإلى جانبهم، صارت المشاركة هي الواجب، مع عدم الانسياق للوهم، وإدراك حقيقة هذه الانتخابات، ووضعها في حجمها الصحيح، الذي يدعم ضرورة مواصلة الثورة بإصرار أكبر. ومن هنا، أرى أن الموقف المبدئي، يتمثل في أن يصوت كل منا للمرشح الذي يمثله حقا، وليس من يمتلك فرصا أكبر: أولا، لأن الفرصة تكاد تكون معدومة إلا بعد انتصار الثورة، ورحيل العسكر، وثانيا، حتى تتعلم الجماهير التصويت المبدأي لمرشحها الحقيقي، وليس صاحب الفرصة الأكبر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب يقلد المشاهير ويصف بعضهم بكلمة ????


.. إيرانيون يعلقون على موت رئيسي • فرانس 24 / FRANCE 24




.. آفة التنمر تنتشر في المدارس.. ما الوسائل والطرق للحماية منها


.. مصرع وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان في تحطم مروحية




.. مصرع الرئيس الإيراني.. بيانات تضامن وتعازي ومواساة ومجالس عز